ما لم يعلن عنه دونالد ترامب في خطابه أمس الجمعة 20 كانون الثاني (يناير) الجاري، خلال مراسم تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية رئيسا جديداً للولايات المتحدة، حول قضايا البيئة والمناخ، تكفل موقع البيت الأبيض بالإعلان عنه رسميا، بعد ساعات قليلة من خطابه الرئاسي الأول.
وجاء الإعلان واضحا وصادما حتى ولو كان متوقعا، إذ أشار إلى أن “إدارة الرئيس دونالد ترامب ملتزمة بالتخلص من خطة العمل بشأن المناخ التي وضعها الرئيس السابق باراك أوباما”، مضيفا “وغيرها من المبادرات البيئية الأخرى”، بحيث ترك هامشا غير محدد يطاول قضايا بيئية مرتبطة بقوانين ومشاريع تبنتها إدارة أوباما.
كان ثمة كثيرون يعتقدون أن سياسة ترامب حيال المناخ فرضتها اعتبارات معينة خلال حملته الانتخابية، لكن البيت الأبيض قطع الشك باليقين ليعيد خلط “الأوراق المناخية”، خصوصا تلك المتصلة باتفاقية باريس، صحيح أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية لن يقوض الجهود الدولية الرامية إلى مواجهة أزمة المناخ، ولكنها بالتأكيد ستربك الدول والمؤسسات والجمعيات الدولية، وستفرض مسارات جديدة في معركة لن تتوقف بخروج دولة عظمى تعتبر ثاني ملوث في العالم.
مصادر طاقة رخيصة
في قراءة أولية لخطاب أداء اليمين، وما هو على صلة بقضايا البيئة لم يشر إليها مباشرة، قال ترامب “سنبني طرقا جديدا، وطرقا سريعة جديدة، وجسورا ومطارات وأنفاقا وخطوط سكك حديد في جميع انحاء بلادنا الرائعة”، ما يعكس واقعا اقتصاديا مأزوما في الأساس، ومحكوما بعقدة “التفوق الأميركي”، حين أشار إلى أن “مصانع (أميركا) ضربها الصدأ ومنتشرة مثل شواهد القبور في جميع انحاء بلادنا”.
لسنا معنيين في هذه القراءة حيال إشكاليات الولايات المتحدة الاقتصادية والمالية، وما يهمنا هو كلفة أحلام ترامب على البيئة والمناخ، مع بناء الجسور والمطارات والأنفاق، ما يعني الاعتماد على مصادر طاقة رخيصة، خصوصا الفحم الأكثر تلويثا والأكثر خطرا من حيث الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحترار العالمي.
وكما بات معلوما، فإن ترامب سيعزز الاستثمار في الطاقة الأحفورية، أي الفحم والغاز والنفط، وسبق وأعلن تشجيع التنقيب عن النفط الصخري، والإبقاء على بعض الأنابيب المثيرة للجدل التي تنقل النفط من كندا إلى الولايات المتحدة.
وبحسب موقع البيت الأبيض الذي دخله ترامب أمس عقب إلقاء خطابه، فإن “الرئيس ملتزم بالتخلص من سياسات ضارة وغير ضرورية، مثل خطة العمل بشأن المناخ وقاعدة المياه الأميركية”، وأن رفع هذه القيود سيساعد إلى حد بعيد العمال الأميركيين وسيزيد الأجور بأكثر من 30 مليار دولار على مدى السنوات السبع المقبلة.
تعزيز قطاع النفط والغاز
تجدر الإشارة إلى أن خطة الرئيس باراك أوباما كانت قد اقترحت على صعيد المناخ تخفيضات في الانبعاثات الأميركية لغاز ثاني أوكسيد الكربون، عن طريق وسائل من بينها الحفاظ على الغابات وتشجيع زيادة استخدام مصادر الوقود المتجددة النظيفة.
وذكر الموقع أن “جهود ترامب لتعزيز قطاع النفط والغاز الأميركي ستساعد على زيادة إيرادات الحكومة لبناء طرقنا ومدارسنا وجسورنا وبنيتنا الأساسية العامة”.
في ما تقدم، ومع حركة الاحتجاج في الشارع الأميركي، وتزامنها مع احتفال مراسم تسلمه مقاليد السلطة، لن يكون ترامب قادرا على مواجهة العالم في موضوع المناخ، وسيواجه حملة اعتراضات واسعة داخل الولايات المتحدة، خصوصا وأن ثمة نوابا ينتمون للحزب الجمهوري يعارضون موقف ترامب من تغير المناخ، فضلا عن أن البيت الأبيض سيكون في مواجهة مع العالم أيضا في خوضه حربا في مواجهة الاحتباس الحراري والكوارث الناجمة عن تغير المناخ، علما أن الولايات المتحدة ليست في منأى عنها، مع ما شهدت وتشهد من أعاصير وموجات جفاف تطاول اقتصادها!