في دراسة حديثة صدرت نتائجها عن “جامعة ملبورن” The University of Melbourne في أستراليا، ونشرت في المجلة العلمية Internal Medicine Journal، أكد الباحثون أنه من المرجح وفاة الأستراليين نتيجة لسع الحشرات أكثر من الثعابين وغيرها، وأنه في الفترة بين العام 2000 والعام 2013 تسببت لدغات الأفاعي بـ 27 وفاة، ولدغات النحل والدبابير بعدد مماثل، ولم تتسبب لدغات العناكب بأي حالة وفاة، بالمقابل فإن الخيول تسببت بـ 74 حالة وفاة.

 

الدراسة

 

وقام فريق الباحثين في مجال الصحة العامة برئاسة الباحثة المختصة في مجال الصيدلة رونيل والتون  Ronelle Weltonمن “جامعة ملبورن” بتحليل بيانات “المعهد الاسترالي للصحة والرعاية الاجتماعية” Australian Institute of Health and Welfare  وحالات الوفاة في “نظام الطب الشرعي الوطنية” National Coronial Information System في الفترة بين عامي 2000 و 2013، وتبين أن لدغات ولسعات النحل والدبابير أدت إلى 33 بالمئة من حالات دخول المستشفيات بالمقارنة مع لدغ العناكب 30 بالمئة والأفاعي 15 بالمئة، أي ما مجموعه حوالي 42 ألف من حالات دخول المستشفيات، بما في ذلك حالات الوفاة.

وعلى الرغم من أن حالات لسع الأفاعي هي الأقل شيوعا لدخول المستشفى، إلا أنها أكثر أسباب حالات الوفاة، أما الأكثر غرابة، فإن حالات لدغ العناكب التي يخاف منها الأستراليون، لم تتسبب خلال فترة الدراسة بحالات وفاة، وقالت ويلتون إن “أول وفاة سجلت على هذه البيانات نتيجة لسعة عنكبوت كانت في العام 1980، قبل أن يأتي الترياق المضاد لسموم العنكبوت، منذ ذلك الحين كانت المعالجة لهذه اللدغات تتم بنجاح كبير”، وأضافت “آخر وفاة كانت من لدغة عنكبوت redback في العام 1999”.

إلا أن لسعات العناكب تعد السبب الثاني في حالات الاستشفاء وعددها 11 ألف، بعد لسعات النحل والدبابير 12 ألف حالة، بعدها تأتي الأفاعي بـ 6000 حالة، وسجلت حالة وفاة في العام 2016 إلا أنها ليست ضمن فترة الدراسة.

وتسببت لسعات النمل والقراد بـ 4,533 حالة استشفاء، وثلاث حالات وفاة، والحيوانات البحرية بـ 3,707 حالة استشفاء وثلاث حالات وفاة، وكانت حالات الإستشفاء نتيجة لدغ العقارب 61 ولم تحدث أي حالة وفاة.

وبينما تتصدر أسماك القرش الأخبار مع مشاهدات عديدة لها على شواطئ استراليا، قالت ويلتون معلقة “نظرت إلى قاعدة البيانات، فعلى الرغم من الأموال المبذولة للتمويل والتوعية من أسماك القرش، فلم تتجاوز أعداد الوفيات 27 وفاة، بالمقابل فعدد الوفيات الناتجة عن التماسيح 19 والخيول 74 حالة وفاة”.

كما لفتت الدراسة إلى أن نصف حالات الوفاة حصلت داخل المنازل، ما يجعل المنازل أكثر الأماكن خطرا للتعرض لحالات اللدغ واللسع، كما أن ثلثي الحالات حصلت في المدن الرئيسية التي تتوفر فيها مراكز الرعاية الصحية.

 

الصدمة التحسسية

 

وقال الباحثون إن أحد الأسباب أن لسعات النحل والدبابير قاتلة لأن الناس لا تسعى الى الرعايه الطبية بسرعة كافية – وقد تقتل صدمة الحساسية Anaphylactic Shock الناتجة عن اللسعات بسرعة، وهذه الصدمة هي استجابة الجسم للمادة المثيرة للحساسية، بشكل قد يتجاوز نظام المناعة في الجسم حدوده وقد يهدد الحياة.

وفي العادة، فإن خلايا الدم البيضاء من نوع mast cell تنفجر متسببة بإطلاق مواد كيميائية منها الهيستامين Histamine والتريبتيز tryptase، وهذه المواد تتسبب بالطفح الجلدي والحكة، تورم المجاري التنفسية وصعوبة في التنفس، وقد يتبع ذلك أوجاع عنيفة في المعدة وهبوط في ضغط الدم، ما يؤدي إلى الدوخة وفقدان الوعي.

ووجد الباحثون أن ثلاثة أرباع الوفيات من لدغات الأفاعي، أدخلوا المستشفى بينما أقل من النصف وصلوا إلى المستشفى وتوفوا نتيجة صدمة التحسس بسبب لدغة حشرة، وقالت ويلتون “اعتاد الناس على رؤية النحل في كل مكان، وربما لأننا نجد معظم النحل غير مؤذٍ، لا يخاف منه معظم الناس بنفس الطريقة التي يخافون فيها من الثعابين”، وقال رئيس علم الأدوية والعلاجات Pharmacology and Therapeutics في جامعة ملبورن البروفيسور دانيال هوير Daniel Hoyer أن “عدد الوفيات يرجع إلى عدم الحصول على حقنة EpiPen المحتوية على الأدرينالين لعلاج صدمة التحسس القاتلة”.

 

قنديل البحر الصندوق

 

وقال هوير: “هناك تفاوتا هائلا بين الجنسين تبدأ في مرحلة مبكرة من العمر، أما النسبة الأعلى فتتركز ضمن الفئات العمرية بين 30 و35 عاما، وربما يرجع ذلك إلى الميل إلى المخاطرة في هذا السن، لذلك فالشباب والذكور خصوصا أكثر عرضة للّدغ واللسع”ـ وأضاف “حتى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و9 سنوات يعتبر الذكور أكثر عرضة للّدغ من الإناث، حتى نصل إلى عمر 75 سنة حيث يتساوى الجنسان”،  وأشار إلى أنه “وفقا للبيانات فإن عدد الوفيات نتيجة اللدغ من حيوانات بحرية قليلة، تقل عن خطر الإصابة باللدغ من النحل والثعابين، ووصلت إلى 3 وفيات خلال فترة الدراسة، ونتجت جميعها عن اللسع بنوع من قنديل البحر “الصندوق” “Box Jellyfish.

وتظن ويلتون أن السبب هو أن “حملات السلامة العامة المتعلقة بقناديل البحر كانت فعالة للغاية”، ويعتبر هذا المخلوق من أخطر المخلوقات على سطح الأرض، ويمكن لمجسات هذا الحيوان أن تصل إلى طول 3 أمتار (10 أقدام)، ويحتوي كل منها على 5 آلاف خلية لاسعة في كل مجس منها، وتستخدم هذه السموم عادة لقتل فريستها من الأسماك وغيرها، ولكن كمية قليلة منها كافية لقتل شخص بالغ، ويعمل هذا السم، خصوصا من نوع القناديل الموجود في  المسطحات المائية الاستوائية وشبه الاستوائية، على تعطيل عمل القلب والجهاز العصبي، وصولا إلى قصور في القلب، ويؤكد المختصون في المهن الطبية بضرورة التعامل مع أي حالة لسع بالقناديل كحالة طارئة وقد تتسبب بالوفاة، وبضرورة إدخال المصاب بهذه اللسعات إلى المستشفى.

هذا وتعتبر السلحفاة البحرية، المفترس الوحيد لهذا النوع من الكائنات القاتلة، وتسبب انخفاض أعداد هذه السلاحف ونفوقها بسبب تغير المناخ والتلوث بالبلاستيك في زيادة أعداد قناديل البحر بشكل عام.

وقالت ويلتون “تتوزع أنواع اللسعات بين المناطق المختلفة من أستراليا، فبينما تزداد لسعات النحل والصدمات التحسسية الناتجة عنها في جنوب أستراليا، فإن لدغات الأفاعي تكثر في منطقة كوينزلاند Queensland، وفي منطقة تسمانيا يعاني الناس من التحسس للسعات النمل الواثب Jack Jumper Ant، لذا فالإدارة الطبية السريرية للتعامل مع حالات اللسع تختلف من مقاطعة لغيرها”.

 

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This