أكثر ما يفرح قلب الصياد ساعة يحالفه الحظ برزق وفير ويغدق عليه البحر خيراته، فيؤمن قوت أولاده، ولسنا بغافلين عن ما يعانيه أصحاب هذه المهنة وهم يصارعون الموج ويركبون المخاطر، وكم من المرات خلال السنة يخرج الصياد ولا يعود حتى بما يؤمن إيجار مركبه والمحروقات التي تستهلكها، كما اننا نعلم جيدا حجم الصعوبات التي تواجهها مهنة الصيد في غياب دعم مجتمع الصيادين من قبل الجهات المعنية، وفي ظل الانتهاكات المتنوعة التي تطاول بحرنا.
شهد منتصف الأسبوع الجاري (الاربعاء والخميس) يومين حافلين بالرزق والخير على بعض الصيادين في مدينة صور، بعد أن توجهوا بمراكبهم وشباكهم نحو عرض البحر بحثا عن لقمة عيش تقيهم شر العوز والحاجة هم وعائلاتهم، وجاء ذلك بعد حالة من الركود في أسواق السمك التي وصلت، بحسب الصيادين واصحاب المسامك، الى ثلاثة اشهر متتالية، وبعض أسبابها الاحوال الجوية والعواصف الاخيرة التي وقفت في وجه الصيادين، وحالت دون امكانية خروجهم الى البحر.
حصيلة اليوم الاول (الاربعاء) كانت حوالي الطن ونصف الطن (1500 كيلوغراما) من اسماك “التريخون” بحجمها الصغير، أما في اليوم الثاني فكان البحر أكثر سخاء، فوصلت الكمية الى ستة أطنان من نفس النوع، هذه الأفواج من الأسماك هي بمثابة طوق نجاة للذين ينتظرونها بفارغ الصبر، ويعتمدون على ما يعود عليهم منها من ربح ليدخروا للأشهر التي لا يستطيعون فيها الخروج الى البحر.
البروفسور باريش
أخصائي البيولوجيا البحرية والحيوانات الغازية البروفسور ميشال باريش أشار لـ greenarea.info إلى أن “التريخون هو صنف (بلدي) موجود في بحرنا منذ زمن بعيد وليس بغريب أو قادم من البحر الأحمر، وهو مثل أغلب الانواع من الاسماك يبقى في حركة دائمة ما بين عرض البحر والشاطئ أو العمق والسطح، وفي هذه الاشهر يقترب عادة من الشاطئ اللبناني، بهدف التزاوج أو وضع البيض”، لافتاً إلى أنه “في كل عام وخلال هجرة الاسماك الموسمية يتم اصطياد بعض الانواع بهذه الاعداد، وبيعها في السوق المحلية، وهذا الأمر معلوم من الصيادين المحترفين”.
طاهر
الصياد أحمد طاهر أكد لـ greenarea.info أن “يوم الاربعاء الماضي أكرمنا الله عندما كنا عند عمق حوالي ستة أمتار برزق وفير بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر شح فيها الرزق لدى الكثير من أصحاب هذه المهنة وساءت الاحوال”.
وقال: “كذلك الأمر نهار الخميس عندما فاض خير الله علينا وعلى اربعة من المراكب كنا بجوار بعضنا في عرض البحر، تعاونا في ما بيننا على انتشال الكمية من الماء والتي وصلت الى ست أطنان، واقتسمنا الرزق في ما بيننا”، كما أشار الى أن “الصيد تم بشباك (غزل قطن بلميدا 40 ملم)، وقمنا ببيع انتاج اليومين الى مسمكة مقيض في صور”.
سبعة أطنان
طوني مقيض من “مسمكة مقيض” التي أشترت من الصيادين معظم الكمية، نفى أن يكون سعر التريخون قد وصل يوما الى 18000 ليرة لبنانية، وأكد أن “السعر اليوم هو فقط 6000 ليرة للكيلوغرام الواحد”، وختم بأن “السوق المحلية اللبنانية تستوعب تصريف الانتاج الذي فاق السبعة أطنان، وتم توزيعه بين مناطق عدة”.
أما حنا مقيض (من نفس المسمكة، فأشار إلى أن “الكمية التي اشتريناها من حوالي سبعة مراكب نفدت تقريبا، وتوازي السبعة اطنان ونصف الطن، وهي كانت نتاج يومين متتاليين، من نوع التريخون البلدي بأحجام مختلفة، وقد قمنا بتوضيبها وتحضيرها لتوزيعها على المسامك في كافة المناطق”.