تصدرت مشكلة ندرة المياه اهتمام المشاركين في “المؤتمر العالمي للأغذية والزراعة Global Forum for Food and Agriculture، الـ GFFA الذي انعقد في برلين ما بين 19 و 21 كانون الثاني (يناير) الجاري، ورمت بظلالها على فعاليات المنتدى لثلاثة أيام متتالية، انطلاقا من أن ندرة المياه هي التحدي الأكبر الذي يواجه العالم راهنا ومستقبلا، خصوصا وأنه تبعا لأشد السيناريوهات تفاؤلا، ستشتد المنافسة على المياه عندما يتخطىى عدد سكان العالم الـ 9 مليارات نسمة بحلول منتصف القرن الحالي.

ويركز المؤتمر على القضايا المركزية بشأن مستقبل صناعة الأغذية الزراعية العالمية، ويقدم فرصة لممثلين من عالم السياسة والأعمال والعلوم والمجتمع المدني لتبادل الأفكار، وتعزيز التفاهم على موضوع معين مرتبط بالسياسة الزراعية الحالية.

 

الزراعة والمياه – مفتاح تغذية العالم

 

وانعقد المؤتمر في العاصمة الألمانية تحت عنوان: “الزراعة والمياه – مفتاح تغذية العالم” Agriculture and Water – Key to Feeding the World، وبحث في سبل الاستخدام المستدام للمياه كمورد حيوي، باعتباره واحدا من التحديات العالمية الكبرى في القرن الحادي والعشرين، التي تواجه بشكل خاص الزراعة، إذ يستخدم ما يقرب من 70 بالمئة من المياه العذبة في كافة أنحاء العالم في الإنتاج الزراعي، وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن الطلب العالمي على المياه في الزراعة سيزداد بنحو 20 بالمئة بحلول عام 2050.

واعتبر المؤتمرون أن الأمن الغذائي لا يمكن أن يتحقق إلا إذا كان لدى العاملين في الزراعة ما يكفي من المياه النظيفة الصالحة للري، ليؤدي هذا القطاع دوره كمورد رئيسي للغذاء، وضمان الإمدادات الغذائية لسكان العالم.

تجدر الإشارة إلى أن المياه تغطي نحو 70 بالمئة من سطح الأرض، وعلى مدى السنوات الـ 50 الماضية، تضاعف استهلاكنا للمياه ثلاث مرات تقريبا. وتوقف المؤتمر عند ما يرافق ندرة المياه المتزايدة في المناطق المتضررة من زيادة المنافسة على استخدام المياه، وهذا بدوره يضع أيضا الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في خطر.

 

تغيير في الأنظمة الهيدرولوجية

 

وحذر المدير العام لـ “منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة” Food and Agriculture Organization of the United Nations الـــ “الفاو” FAO جوزيه غرازيانو دا سيلفا José Graziano da Silva، خلال المؤتمر من أن “مشكلة ندرة المياه المتفاقمة تشكل أحد التحديات في وجه التنمية المستدامة”، وقال إن “مثل هذا التحدي سيزداد صعوبة وخطورة مع تزايد عدد سكان العالم، وتفاقم مشكلة التغير المناخي”.

وأشار إلى أن “ملايين الأسر المزارعة في الدول النامية تعاني من عدم الحصول على المياه العذبة وأن النزاعات على مصادر المياه قد تجاوزت الآن في عددها النزاعات على الأراضي في بعض المناطق”.

وقال إنه علاوة على ذلك، يؤدي التغير المناخي بالفعل إلى تغيير في الأنظمة الهيدرولوجية في كل مكان، مشيراً إلى تقديرات تقول إن حوالي مليار شخص في المناطق الجافة، حيث يتركز الجوع والفقر المدقع، قد يواجهون ندرة متزايدة في المياه في المستقبل القريب.

وتعتبر الزراعة مسبباً رئيسيا لندرة المياه وضحية لها في نفس الوقت. إذ تستهلك الزراعة حوالي 70 بالمئة من مصادر المياه العذبة حول العالم، وتساهم أيضاً في تلوث المياه بسبب استخدام مبيدات الحشرات والمواد الكيماوية.

ولمواجهة هذه التحديات، أوضح دا سيلفا أن المجتمع الدولي تبنى هدف تنمية مستدام خاص بالمياه وصاغ إدارة أفضل لهذا المورد الطبيعي الحيوي في مختلف أهداف التنمية المستدامة. وقال “إن الإدارة الأفضل للمياه مهمة جداً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالفقر المدقع والجوع وسوء التغذية والتغير المناخي”.

 

الأمن الغذائي

 

وأضاف دا سيلفا: “الزراعة ومنظومات الغذاء تجمع كافة هذه الأهداف العالمية معاً، وتوفر الفرص لإحداث التغيير والتحول”، بحسب موقع الـ “فاو” FAO.

وحث مدير عام الـ “فاو” FAO المجتمعين على ضرورة الارتقاء إلى مستوى تحديات الأمن الغذائي التي تسببها ندرة المياه، وذلك على جبهتين، الأولى هي تطوير طرق لاستخدام مياه أقل وبشكل أكثر فعالية، والثانية تتمثل اتخاذ إجراءات لتأمين الوصول إلى المياه، وخصوصا للأسر المزارعة الفقيرة.

واعتبر أن “مثل هذا العمل لا يمنع حدوث جفاف فحسب، بل يمكن أيضاً أن يؤدي هذا الجفاف إلى المجاعة والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية.

وقال دا سيلفا إن “تقليل هدر الطعام يساعد كثيراً في استخدام المياه بطريقة حكيمة”، مشيراً في الوقت عينه إلى أن “ثلث الطعام الذي ننتجه يتم هدره أو خسارته كل عام”، ورأى أن “هذا يعني أن حجم مياه الزراعة التي يتم هدرها كل عام يعادل ثلاثة أضعاف حجم بحيرة جنيف”.

وأضاف، “حان وقت العمل. الإدارة الأفضل للموارد الطبيعية تؤدي إلى سبل معيشة أفضل الآن وفي المستقبل”.

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This