مع التطور التقني الكبير في مجال معالجة المياه العادمة، أو مياه الصرف الصحي، بات الاهتمام يتركز في مختلف أنحاء العالم، حول سبل الاستفادة من هذه المياه، وإعادة استخدامها في محاولة لتوفير المياه، ولذلك نشهد يوما بعد يوم تطورا تكنولوجيا في مجال اعتماد تقنيات مجدية، بحيث يمكن استخدام هذه المياه في ري المساحات الخضراء، كالحدائق العامة وأشجار الزينة، فيما يمكن الافادة منها في القطاع الزراعي حسب درجة معالجتها، وثمة حاجة أساسا للتخلص من هذه المياه بطرق آمنة كي لا تكون مصدر خطر بيئي وصحي.

تسعى إمارة أبوظبي على سبيل المثال، للاعتماد كليا على المياه العادمة في مجال الزراعة في السنوات القليلة المقبلة، بحسب ما أشار في وقت سابق لـ greenarea.info أحد المشرفين على الدراسات القائمة في هذا المجال، فضلا عن أن هذا التوجه بات مسارا ثابتا على مستوى العالم، خصوصا وأن الخبراء يحذرون من مشكلة وأزمة مياه مع ازدياد عدد سكان العالم إلى نحو تسعة مليارات نسمة في العام 2050، إضافة إلى تغير المناخ وما ينجم عنه من موجات جفاف وندرة في الأمطار.

 

غيتس: من مرحاضكم إلى كأسي!

 

وثمة محاولات قادها سابقا مؤسس “مايكروسوف” بيل غيتس عبر مؤسسته التي يديرها مع زوجته ميلندا، لإيجاد فرص بديلة يمكنها المساعدة في تنمية الأماكن الفقيرة، خصوصا في القارة الأفريقية، عبر إيجاد مصادر مياه بديلة.

ولم يتوانَ الملياردير وأحد أثرياء العالم من أن يشرب كأسا من مياه صرف صحي مصفاة ومعالجة بطريقة علمية، وقدم غيتس التجربة المثيرة التي خاضها بتغريدة في العام 2015، قال فيها: “من مرحاضكم إلى كأسي”.

وبحسب الفيديو (يمكن مشاهدته على الرابط التالي: https://www.youtube.com/watch?v=bVzppWSIFU0) الذي نشره غيتس على حسابه في “تويتر” فإن “الماء المصفى الذي شرب عينة منه، كان قبل خمس دقائق فقط جزءا من فضلات البشر”، واعتبر أن ما تحقق هو إنجاز علمي، بفضل آلة جديدة تم ابتكارها من قبل أحد معامل معالجة المياه في ولاية سياتل في الولايات المتحدة الأميركية، ترعاه وتديره مؤسسة “بيل وميليندا”.

 

من عبء إلى مصدر مفيد

 

وفي هذا السياق، أكدت “منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة” Food and Agriculture Organization of the United Nations الـــ “الفاو” FAO أن المياه العادة في ما لو تمت معالجتها بشكل صحيح، يمكن استعمالها بأمان لصالح دعم إنتاج المحاصيل الزراعية، إما مباشرة عن طريق الري، أو بشكل غير مباشر عن طريق إعادة شحن المياه الجوفية.

ولكن هذا الأمر بحاجة لجهود حثيثة في مجال إدارة المخاطر الصحية، من خلال المعالجة أو الاستخدام المناسبين للمياه، بحسب الـ “فاو” FAO.

ويقول مارلوس دي سوزا Marlos De Souza المسؤول في إدارة الأراضي والمياه لدى الـ “فاو”: “رغم الافتقار إلى بيانات تفصيلية حول هذه الممارسة، لكن يُمكننا القول إنه لا يتم استخدام إلا نسبة قليلة من مياه الصرف الصحي المعالجة، معظمها مياه الصرف الصحي البلدية، في قطاع الزراعة على المستوى العالمي. ولكن ثمة عددا متزايدا من الدول، مثل مصر والأردن والمكسيك وإسبانيا والولايات المتحدة، تستكشف هذه الاحتمالات نظراً لأنها تعاني من ندرة المياه”.

وإلى جانب المساعدة في مواجهة ندرة المياه، فإن مياه الصرف الصحي غالباً ما تحمل قيمة غذائية عالية، مما يجعلها سماداً جيداً. وقال دي سوزا “عندما تستخدم مياه الصرف الصحي وتدار بشكل آمن لتجنب المخاطر الصحية والبيئية، فيمكن تحويلها من عبء إلى مصدر مفيد”.

 

من الناحية الاقتصادية

 

وأشارت الـ “فاو” FAO إلى أنه “في مصر، على سبيل المثال، حيث إمدادات المياه محدودة كما أن مياه الصرف الصحي غالباً ما تكون شديدة التلوث، فإن إنشاء ما يعرف بالأراضي الرطبة لمعالجة مياه الصرف الصحي، قد أثبت أنها طريقة واعدة ومجدية من الناحية الاقتصادية. وتستخدم مياه الصرف الصحي في مصر وأيضا في تونس على نطاق واسع في مشاريع الحراجة الزراعية، وفي دعم كل من إنتاج الأخشاب وجهود مكافحة التصحر.

وفي المملكة الأردنية، تشكل المياه المستصلحة نسبة كبيرة تصل إلى 25 بالمئة من إجمالي المياه المستخدمة في المملكة، أما في الولايات المتحدة، فإن معالجة وإعادة شحن المياه الجوفية تشكل ممارسة شائعة، وخصوصا في الغرب الأميركي.

وتستخدم المياه المعالجة في مجالات عدة، ولا سيما في القطاع الزراعي وفي الاستخدامات الصناعية، وتساهم بالمحافظة على مستوى المياه الصحية الصالحة للشرب في معدلاتها الطبيعية خصوصا في الدول الفقيرة بمصادر المياه، بحيث تعد هذه الطريقة في التعامل مع مياه الصرف الصحي فعالة ومجدية.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This