لم تعد كافة مظاهر الحياة على كوكب الأرض بعيدة عن تغير المناخ، من الثدييات إلى الحشرات والطيور والأشجار والنباتات، هذا ما تؤكده الدراسات والأبحاث المتوالية من جامعات ومراكز أكاديمية متخصصة في مجال العلوم البيولوجية والنظم الإيكولوجية في مختلف أرجاء العالم.

وفي هذا المجال، لحظت دراسة علمية حديثة أعدها فريق من الباحثين البريطانيين من “جامعة شيفلد” The University of Sheffield البريطانية، برئاسة العالم البروفسور روندا سنوك Rhonda Snook أن “الضغط الحراري الناجم عن ظاهرة الاحتباس الحراري بات عاملا أساسيا يهدد القدرة الإنتاجية للحشرات في أجزاء واسعة من العالم.

نشرت نتائج هذه الدراسة في “مجلة علم الأحياء التطوري” Journal of Evolutionary Biology، وأشارت إلى أن هذا الأمر لم يكن واضحا ومعلوما من قبل.

 

تراجع الخصوبة

 

وكان البروفسور سنوك وفريقه البحثي الذي ضم ثلاثة علماء من نفس الجامعة، قد توصلوا إلى هذه النتائج بعد تجاربهم على مجموعتين مختلفتين من “ذباب الفاكهة السويدية” fruit fly – Swedish ومجموعة منها تعيش في إسبانيا، وقد قاموا بوضع بيوض كل مجموعة في أنبوب خاص، وبدرجات حرارة مختلفة، الأولى تحت درجة حرارة طبيعية تصل إلى حدود 18 درجة مئوية، فيما وضعت الثانية تحت درجة 23.5 درجة مئوية، لتصبح بذلك تحت ضغط حراري أقوى.

وعند بلوغ يرقات ذبابة الفاكهة لمرحلة النضج، عمل العلماء البريطانيون على تكاثرها بعضها مع بعض لدراسة نوعية البيض، والمني الذكري، حيث تبين تراجع كفاءة البيض والمني لذبابة الفاكهة، وتراجع الخصوبة، ما يؤشر إلى أن الحشرات تتأثر هي الأخرى بالإحتباس الحراري.

 

تأثير الحرارة المتطرفة

 

ويبحث حاليا العلماء البريطانيون ماهية التغيرات الجينية التي تسمح لهذه الحشرات أن تكون لديها القدرة على مقاومة التغيرات الحرارية.

وهناك أدلة كثيرة على قدرة مقاومة نوع من حشرة ذبابة الفاكهة، اسمه العلمي Drosophila subobscura التفاوت في درجات الحرارة، لكن لا وجود لدراسات حتى الآن حول تأثير الحرارة المتطرفة على مراحل نمو هذه الحشرة، وخصوصا لجهة تأثيره على تكاثر ذبابة الفاكهة من هذا النوع، وعلى المادة الوراثية في الحشرة غير البالغة، وبالتالي على تكوين وحيوية الحيوان المنوي، وفي هذه الدراسة الحديثة تم بحث تأثير الحرارة العادية والمتطرفة بشكل أحادي أو مجتمعة على الحشرة غير البالغة والبالغة.

 

الأداء التناسلي المستقبلي

 

وقد وجد الباحثون أن الحشرات التي تعرضت للجهد الحراري في نصف الكرة الشمالي، تأثرت سلبيا، ولا سيما على تحول البيوض إلى حشرة، فضلا عن حركة الحيوان المنوي وبقائه حيا، وأن هناك انخفاضا في عدد الحشرات وخصوبتها بعد الجهد الحراري، وقد أثر ارتفاع الحرارة على خصوبة الحشرات في نصفي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي، إلا أن حشرات النصف الجنوبي استطاعت تجاوز الجهد الحراري وبقيت أعدادها مستقرة، بينما بقيت تلك في النصف الشمالي بأعداد قليلة، لأن تعرضها للحرارة تم وهي غير بالغة.

ولحظ الباحثون أن هذا الأمر قد يكون شائعا في الكائنات الحية الأخرى، مع دورات حيواتهم المعقدة، ويساهم النموذج الحالي في توقع ردود فعل الكائنات المختلفة لتغير المناخ، أما الدراسات التي لا تأخذ في الاعتبار تأثير الإجهاد الحراري على الحشرات “الأحداث” غير البالغة على الأداء التناسلي المستقبلي، قد تكون تقليدية للغاية وغير وافية.

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This