اظهر شريط فيديو حصل موقع greenarea.info على نسخة منه قطيع خنازير برية يعبر سهل البقاع في بلدة عميق في البقاع الغربي، ويتجه مسرعا إلى جبال السلسلة الغربية حيث موئلها الاصلي.

والملفت في هذا الشريط ان القطيع الذي تجاوز عدده عشرة خنازير بدت وهي تركض مسرعة في النهار، علماً ان هذا النوع من الثدييات عادة ما يتجول في الليل. والارجح ان هذا القطيع كان يبيت ليله في سهل البقاع وشعر بخطر يقترب منه، فقرر العودة الى سلسلة جبال لبنان الغربية، وتحديداً الى المحيط الحيوي لمحمية أرز الشوف الطبيعية، حيث يجد هذا النوع من الثدييات الملاذ الآمن بعيداً عن بنادق الصياديين.

ويألف الخنزير البري مناطق المستنقعات والبحيرات الكثيفة القصب، لذلك يعد مستنقع عميق المكان المثالي لهذا النوع من الثدييات.

ورغم انضمام لبنان عام ١٩٩٩ رسمياً الى “اتفاقية رامسار” المعنية بهذا النوع المميز والغني من الأراضي، لا تعير السلطات اللبنانية أي اهتمام يذكر للمواقع المصنفة من ضمن الأراضي الرطبة ذات الأهمية على المستوى العالمي، وهي مستنقع عميق وتلة النورية في رأس الشقعة ومحمية جزر النخيل ومحمية شاطئ صور.

ويعاني مستنقع عميق منذ سنوات من ضعف المتساقطات الناتجة عن التغير الملحوظ في الأنماط المناخية، حيث تجفّ العديد من المساحات، ما يهدد التنوع البيولوجي بشكل حاد، كما أن الصيد العشوائي وغياب الرقابة أديا الى المزيد من التدهور في هذه المنطقة.

وينص قانون نظام الصيد البري في لبنان (رقم 580 الصادر في 25/2/2004) المادة 4 على انه: “في ما خلا الطرائد، تعتبر جميع الطيور والحيوانات البرية المقيمة والمهاجرة محمية على مدار السنة ويحظر صيدها”. وتشمل طرائد الصيد التي اقرها “المجلس الأعلى للصيد البري” في لبنان بتاريخ 10 أيلول (سبتمبر) 2012 الخنزير البري، ولقد نص القرار على ان الكمية المسموح بصيدها غير محددة. والى جانب الخنزير البري يسمح قانون الصيد اللبناني بصيد الأرنب البري، ولقد نص القرار على ان الكمية المسموح بصيدها 5 طرائد في كل رحلة صيد.

ويشكل السفح الشرقي لسلسلة جبال لبنان الغربية المحيط الحيوي الطبيعي لمحمية أرز الشوف، حيث تنتشر بلديات عميق وكفريا وخربة قنفار وعين زبدة والقرعون وغيرها. وتعمل جمعية أرز الشوف مع جمعية حماية الطبيعة في لبنان على تكريس نظام الحمى في هذا المنطقة، لتكون جزءاً من المحيط الحيوي للمحمية المحددة بحسب القانون. ومعلوم ان الثدييات والطيور المتواجدة في محمية ارز الشوف لا تعترف بالحدود القانونية للمحمية، وهي تنتقل مسافات طويلة خارج المحمية بحثا عن الماء والطعام، ولذلك يعد انشاء نظام تواصل بين محمية ارزف الشوف والقرى في البقاع الاوسط والغربي، مهمة حيوية لضمان التنوع البيولوجي في المنطقة. وفي ما لو نجح هذا المشروع فمن المقرر ان يتم اعادة ادخال العديد من الثدييات التي فقدت من المحمية.

وبحسب كتاب “الديل الحقلي لثدييات الشرق الأوسط”، للمؤلفين أسعد سرحال وسعيد الخزاعي، ينتشر الخنزير البرّي في منطقة البحر الابيض المتوسط والعراق وشمال أفريقيا. ويوجد بأعداد كبيرة في الجبال والوديان حيث الغابات الكثيفة التي يحتمي بها ويتفيأ ظلالها، كما انه يألف مناطق المستنقعات والبحيرات الكثيفة القصب.

ويمتاز الخنزير البري بأنه متوسط الحجم، ذو رأس مستطيل وجمجمة تحتوي على نابين ظاهرين عند الذكر، يستمران بالنمو مدى الحياة. الرقبة قصيرة، والجسم قوي واسطواني الشكل كالبرميل. أما الأنف فخرطومي مستدير، غضروفي على الأطراف. العينان صغيرتان، والأذنان طويلتان نسبياً تغطيهما خصلة من الشعر. القائمتان الأماميتان تصلان إلى نصف ارتفاع الأكتاف في الطول، وغالباً ما تكون القوائم رفيعة، يضم كل منها أربعة “براثن”، تغطي الحوافر الثاني والثالث منها، فيما يغطي كلاً من الأول والرابع حافران صغيران جداً لا يطآن الأرض عند المشي العادي.

يصل طول الجسم عند الخنازير الكبيرة إلى 1.8 متر، والذيل إلى حوالي 31 سم. أما ارتفاع الكتفين عن الأرض فحوالي متر. للخنزير جلد سميك مغطى بوبر خشن يتراوح لونه بين البني والأسود. كما يغطي رقبته عرف من الشعر الخشن، والبعض القليل من هذا الشعر يغطي رأس الذنب. لأنثى الخنزير اللون نفسه، والفارق الوحيد بينهما هو في الحجم، إذ يزن الذكر بين 75 و200 كلغ، في حين تزن الإناث بين 35 و150 كلغ. لون الصغار مخطط بالأبيض والبني.

تنشط الخنازير البرية ليلا، وتتميز بسرعتها في العدو، كما أنها تجيد السباحة. ويعرف عن الخنزير حبه للتمرغ في الوحل الذي قد يدوم لساعات إذا سنحت له الظروف بذلك. يعيش في قطعان يتراوح عددها من ستة إلى خمسين رأساً. غير خطرة على حياة الإنسان إلاّ في حال جرحت أو حبست في مكان ما، فعندها قد تقوم بهجوم مؤذٍ، وهناك حالات تقوم فيها الخنازير بقتل حمل أو حتى فهد أو غيرهما من الحيوانات.

تحصل دورة الخصوبة لأنثى الخنزير البري كل 21 يوماً وتدوم ثلاثة أيام، حيث يقوم الذكر خلال هذه الفترة بتلقيحها، أما فترة الحمل فتدوم حوالي 4 شهور، وقد يصل عدد الصغار إلى 14 خنوص. تقوم الأنثى بالاهتمام بالصغار في حين ينصرف الذكر إلى مزاولة حياته الطبيعية. يصل الخنزير البري مرحلة النضج عند بلوغه سنة ونصف سنة، ولكنه لا يعدّ بالغاً الا عندما يبلغ ست سنوات تقريباً. وهو يعمر حوالي 20 سنة.

تقضي الخنازير الليل بكامله متجولة وتقطع مسافات بعيدة بحثاً عن طعام، وغالباً ما تأكل بقايا الجيفة، ولا تلجأ إلى مأواها إلاّ في الساعات الأولى من الصباح. تعرف بحركتها الدائبة وحبها للتجول.

يستعمل الخنزير رأس خرطومه الغضروفي القاسي، وتساعده أنيابه، في قلب التراب للوصول إلى جذور الأشجار والأعشاب، لاقتلاعها وأكلها. وهذا ما يجعل من تكاثر هذا الحيوان آفة على المزارعين.

تعتبر الخنازير البرية من الحيوانات الآكلة للحوم والأعشاب على حد سواء، إذ أنها تأكل أوراق الشجر والفاكهة وجذور وجذوع الأعشاب، إضافة إلى دود الأرض والأفاعي السامة والعصافير الصغيرة والجرذان وبيض الطيور، وحتى الجيف أحياناً. وهي لا تأكل اكثر من حاجتها.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This