يبدو جلياً أن ملف النفايات بفضائحه المتوالية لم ينتهِ فصولا بعد، ولن يُطوى في المدى المنظور، لا سيما وأن هذا الملف بتعقيداته غير منفصل عن بنية النظام الطائفي، وعن مواقع الفساد المعشش في معظم مؤسسات الدولة، فهو يُدار تبعاً لأهواء ومصالح قوى سياسية وطائفية، قررت أن تستثمر وتوظف في هذا الملف، مباشرة أو عبر وسطاء وأزلام.
ومن مسلسل الفضائح، قضم مساحة من الأرض شرق الطريق الفاصل بين مطمر الكوستابرافا، وطمر نحو 300 ألف طن من النفايات قرب سور المطار بشكل غير قانوني، وقد وثق “مجلس الإنماء والإعمار” هذا العمل المخالف، وكلف “متعهد مشروع انشاء مركز مؤقت للطمر الصحي قرب مصب نهر الغدير، شركة جهاد العرب للتجارة والتعهدات، تنفيذ أشغال استصلاح وتخضير الأراضي المواجهة لموقع المطمر الصحي قرب مصب نهر الغدير”، لقاء مبلغ 6 مليون ونصف المليون دولار، على أن تعطى الشركة المتعهدة مهلة ستة أشهر لتنفيذ هذه الأشغال اعتبارا من تاريخ تبلغه ملحق العقد، وسيتم تمويل الأعمال من مستحقات البلديات المستفيدة من الصندوق البلدي المستقل.
المحامي سرور
وبقرار من مجلس الوزراء قامت “شركة جهاد العرب” بتكليف من “مجلس الانماء والاعمار” بإنشاء مكب آخر منذ قرابة الشهر، في مكان ملاصق لسور المطار وفي أرض تابعة لوزارة الاشغال العامة، وطمرت فيه نفايات غير مفروزة وغير مغلفة جمعت خلال أزمة النفايات، أي قبل إنشاء الكوستابرافا.
وأشار المحامي عباس سرور لـ greenarea.info إلى أنه “بعد جلستي مرافعة قدمنا فيهما كجهة ادعاء مستنداتنا الداعمة لإقفال نهائي لمطمر الكوستابرافا، أخد قاضي العجلة حسن حمدان قرارا مؤقتا باستمرار فتح المكب أو المطمر لـ ٣١ الشهر الجاري موعد صدور الحكم”، وقال: “إلى حينها نأمل بإقفال المكب نهائيا في قرار قضائي نهائي، خصوصا وأنني كمحام في هذه الدعوى أرى ان الفريق الآخر مفلس في المقارعة وتقديم البراهين العلمية”.
وتجدر الإشارة إلى أنه في محاولة للضغط على القضاء تقدمت 35 بلدية خلال الجلسة بطلب إبقاء المطمر.
… وبزي
وفي موضوع العقد المبرم بين “مجلس الإنماء والإعمار” و”جهاد العرب” أشار المحامي حسن بزي لـ greenarea.info إلى أن المجلس يقول في العقد “عطفا على قرار مجلس الوزراء 20\10\2016” علما أن لا قرار من مجلس الوزراء اللبناني بتوسيع مطمر الكوستابرافا، ودفع مبالغ خيالية مقابل طمر 300 ألف طن من النفايات المخالفة وحدلها وتجميلها عبر التخضير وغيره. علما أن هذه الأعمال لا تحتاج لأكثر من 200 مليون ليرة
لبنانية لتنفيذها، بينما تدفع الدولة اللبنانية مقابلها 10 مليارات ليرة لبنانية وهي الكلفة التي لها أن تنشئ “6 معامل فرز نفايات مركزية على مستوى محافظة جبل لبنان”.
ولفت بزي إلى “اننا نحن كمدعين لسنا المسؤولين عن أزمة النفايات المحتملة لاحقاً” قائلا “المسؤولون هم من وافق على زرع مكب الموت بين الناس على مدخل بيروت والضاحية الجنوبية”، واضاف بزي أن “بلديات المناطق المستفيدة من مكب الموت لم تقدم لغاية تاريخه خطة بديلة لرفع الظلم والضرر عنا جميعاً، مع أن الخطة تحتاج الى مساحة 10 دونمات ومعمل فرز مركزي كلفته لا تتجاوز مليون دولار أميركي، وتوزع بين سائر البلديات، ويمكن تنفيذ هذه الخطة خلال مهلة 3 أشهر ليس أكثر”.
وأشار بزي إلى أن “مجلس الانماء والاعمار اقتطع الشهر الفائت من الصندوق البلدي مبلغ 10 مليارات ليرة دفعت لشركة جهاد العرب، من اجل اعمال تجميلية لعقار ملاصق للمطار مقابل مكب كوستابرافا، في حين كان يمكن للبلديات ان تنفذ المشروع بكلفة زهيدة وان تستثمر هذا المبلغ في إنشاء 6 معامل مركزية لفرز النفايات”.
وإذ انتقد “الصفقات والسمسرات وتخاذل المسؤولين”، أكد بزي “اننا مستمرون ولن ترهبنا أصوات النشاز ولا التهديدات ولا عويل المنتفعين والسماسرة”.