فيما وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل أيام قراراً بمواصلة بناء خطي أنابيب نفطية كان قد أوقفهما سلفه باراك أوباما (كيستون إكس إل وداكوتا أكسس)، وفيما وعد بإعادة التنقيب عن النفط مهددا بالخروح من اتفاقية باريس للمناخ، تواصل الصين منذ سنوات ثلاث حربها على التلوث وفي مواجهة تغير المناخ، على جبهتين: الأولى تتمثل في الحد من ظاهرة تلوث الهواء في مدنها، والثانية انسجاما مع الجهود العالمية في هذا المجال.
أعلنت الصين مع بداية العام الجاري خططا واضحة لجهة إلغاء بناء أكثر من 100 محطة توليد للطاقة باستخدام الفحم، وهي تسعى لتساعد مدنها الكبرى في تجاوز كارثة الضباب الدخاني السام والكثيف الذي يغطي سماءها منذ بداية عام 2017، وطوال السنوات الخمس الماضية.
وهنا يتبدى سؤال: هل ستتمكن الصين من كسب معركتها ضد تغير المناخ؟ وفقا لمؤسسة “راند” Rand، تقوم الصين – التي تعد أكبر مصدر لتوليد الغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم – بإلغاء 104 مشاريع محطات توليد عاملة بالفحم ضمن 13 ولاية، وكان من المتوقع أن تولد تلك المحطات طاقة إجمالية تبلغ 120 جيغاواط، وسيكون لهذه الخطوة أثر بالغ على حجم الانبعاثات الكربونية لديها.
تأثير الفحم على البيئة
وبحسب “مرصد المستقبل” سيكون من الممكن لأكبر دولة صناعية في العالم أن تحقيق هدفها بتقليص حجم الطاقة المولدة باستخدام الفحم حتى 1100 جيغاواط بحلول عام 2020.
تعتبر الكهرباء المولدة من خلال استخدام الفحم أكبر مصدر لتوليد الغازات المسببة للاحتباس الحراري عالميا، وأمام الصين والدول الأخرى المعتمدة على الفحم مشوار طويل في هذا المجال، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن إجمالي حجم المشاريع التي قامت الصين بإلغائها يبلغ ثلث حجم استثمارات الفحم الضخمة في الولايات المتحدة فقط.
إن معرفة تأثير الفحم على البيئة هو أمر، لكن اتخاذ الإجراءات لذلك هو أمر آخر، خصوصا إذا لم يكن ذلك أولوية بالنسبة لزعماء الدول الكبرى، وبحسب تقرير سابق، فهناك العديد من المبادرات الجارية والجهود الفعالة حول العالم لمعالجة الاحتباس الحراري. لا يستطيع أحد – حتى دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة – أن يوقف مقاومة المجتمع العالمي للتغير المناخي الناجم عن تدخل البشر، بحسب موقع “فوكس” Vox.
الصين: خطط طموحة
يزداد توفر مصادر الطاقة المتجددة يوما بعد يوم، فضلا عن أن الوعي بعواقب استمرار استخدام الوقود الأحفوري في تزايد أيضا. من أجل ذلك، يقوم المستثمرون الكبار بتخصيص المال والوقت في سبيل تقليص الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري. إضافة لذلك، يتم تطوير وتحسين التكنولوجيا التي تقدم الطاقة النظيفة والرخيصة باستمرار.
ومن المتوقع أن تتصدر الصين قطاع الطاقة المتجددة في غضون السنوات القليلة المقبلة، وفي ما هو واضح حتى الآن، وبالمقارنة مع ما ينتهجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لجهة استغلال الطاقة الأحفورية إلى أقصى حدود ممكنة، ومع ما أعلنته الصين من خطط طموحة للحد من الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحترار، فقد لا نستغرب أن تعود الولايات المتحدة لتتصدر قائمة الدول الملوثة في العالم، أي أن تستعيد صدارة الترتيب الذي انتزعته منها الصين في السنوات الماضية.