أصدرت جمعية “الجنوبيون الخضر” بيانا اليوم أكدت فيه رفضها لشق طريق في وادي زبقين المقترح من قبلها ليكون محمية طبيعية، ودعت إلى “الحفاظ على هذا الإرث الطبيعي والتنوع البيولوجي الفريد الذي يتمتع به الوادي”، رافضة “تدمير فرصة فريدة لتحقيق تنمية تفيد جميع البلدات والمنطقة بالإستناد إلى موارد الأرض الطبيعية”، وأعلنت “رفضنا لمشروع الطريق المقترح”، ودعت “نواب المنطقة والمجالس البلدية للبلدات المطلة على الوادي والمتشاركه أرضه عقاريا إلى رفض هذا المشروع حفاظاً على هذا الثروة الطبيعية الفريدة”، ودعت أيضا “الوزارات المختصة إلى اتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على الوادي وأحراجه وإعلانه محمية طبيعية وطنية”.

وجاء في البيان:

مع تجدد الحديث عن مشروع لشق طريق عام في وادي العزية – زبقين – رامية وهو الموقع المقترح، الوادي وشعابه، من قبل جمعية الجنوبيون الخضر موقعا لمحمية طبيعية لما يتمتع به من خصوصية بيئية، وباعتباره آخر أهم المواقع الحرجية والإرث الطبيعي في الجنوب ومنطقة جبل عامل تحديدا. يهمنا أن نوضح التالي:

أولا: إن وادي العزية – زبقين وشعابه يشكل آخر المواقع الحرجية التي تتمتع بمنظومة بيئية متكاملة ومستقرة وفرها تواصله واتساعه، وهي مواصفات غير متوافرة في أي موقع آخر

بما في ذلك وادي الحجير (بعد أن قطعت أوصاله بالطرق الإسفلتية والإنشاءات التي أقيمت على جانبيها بما في ذلك محطة وقود! والنفايات التي تلقى على جانبي الطريق وفي مواقع عدة منه على أطراف البلدات، على الرغم من مساعي إدارة محمية وادي الحجير للحد من هذه التجاوزات).

ثانيا: تشكل أحراج الوادي من البطم والسنديان والخرنوب والصنوبر والغار بقايا غابات الحوض المتوسطي القديمة، والتي يعود وجودها إلى مليوني عام وتؤرخ للتاريخ الطبيعي للساحل المتوسطي وللبنان.

ثالثا: بحسب تقرير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزارعة عام 2010، فإنه لم يتبقَّ من أصل الغابات التي كانت تغطي تاريخيا مساحات شاسعة من لبنان سوى 13 بالمئة و10 بالمئة أراض حرجية مختلفة تتوزع على المناطق. وتراجعت نسبة الغطاء الحرجي في الجنوب إلى مساحة تعادل 15بالمئة (9 بالمئة في محافظة الجنوب و 6 بالمئة في محافظة النبطية) من إجمالي المساحة الحرجية. وتشكل أحراج الوادي وشعابه النسبة الكبرى من هذه الأحراج في منطقتي صور وبنت جبيل، وهي آخر المناطق الحرجية المتاخمة للخط الساحلي الجنوبي. وهي بحسب تقارير البيئة تضم آخر غابات السنديان في الجنوب (البيئة في لبنان: الواقع والإتجاهات 2015).

رابعا: تشكل أحراج وادي العزية – القليلة- زبقين – ياطر – الصالحاني- رامية – بيت ليف – شيحين – مجدل زون رئة المنطقة وخزان مياهها والعيون التي تحافظ على قدر من التوازن البيئي والوفرة المائية فيها، وبالتالي يجب أن يشكل الحفاظ عليه أولوية، خصوصا مع تحديات التغير المناخي، وهو ما فرض على الحكومات وضع سياسات جذرية للحفاظ على الغابات وزيادة نسبتها وإدارتها بأسلوب مستدام (إتفاقية باريس للتغيير المناخي 2015).

خامسا: إن من أهم أسباب غنى وحيوية هذه الغابات عوامل أساسية، مثل: التربة والينابيع والحيوانات اللاحمة، فضلا عن المناخ. أما أهم أسباب استمرارها فهو قلة التعديات النسبية والتدخل البشري (خلف الرعي أضرارا في الغابات – غير محددة). وتعمل هذه العناصر بشكل مترابط ومتوازن مع الغابة والتي تشكل بدورها عنصر استدامة هذه العناصر وأسباب حفظها. وبالتالي، فإن أي ضرر يلحق بالغابة نتيجة شق طريق، وهو ما يعني جرف نسبة من الأشجار وإدخال عامل تلوث هائل على الوادي (تماما كما حدث في وادي الحجير) سيؤدي إلى تدهور هذه العناصر في كامل المحيط. فعلى سبيل المثال، إن تدهور الغطاء النباتي جراء عمليات الجرف التي ستتفاقم (كما جرى في وادي الحجير) والتلوث المتعدد واعتراض مجاري الجداول التي تجري في قعر الوادي، سيؤدي إلى تدهور التربة ويزيد نسبة التبخر مما يؤدي إلى تراجع غزارة العيون ونضوب بعضها، خصوصا أنها تعاني شحا نتيجة التغير المناخي، وهو ما سيفاقم من الضرر. كما من شأن تدهور الموائل أن يؤدي إلى التأثير على سلوك الحيوانات بالأخص اللواحم ويسهم في تراجع أعدادها. علما أن الكثير منها بات مهددا بالإنقراض وهو ما يخل بالتوازن لصالح العواشب، فيؤدي ذلك إيضا إلى ضمور الغطاء النباتي، وبالتالي تراجع التنوع البيولوجي واختلال التوازن الذي لا تزال تتمتع به الغابة.

سادسا: تشكل الغابة بتنوعها الذاكرة الحيوية للجنوب وجبل عامل وهو ما يفيد، مع إعلانها محمية، في عملية إكثار أنواع النباتات بعد دراسة وتصنيف ونقلها إلى المناطق الأخرى المشابهة التي تعاني تصحر. كذلك يسهم في التوجيه الزراعي البيولوجي والعضوي ويفتح المنطقة على قطاعات زراعية إنتاجية جديدة مستدامة.

سابعا: إن تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة ولبنان يستند إلى حفظ موارده الطبيعية وإرثه الثقافي واستثمارهما وإدراتهما بطريقة سليمة ومستدامة، وتأتي في مقدمة هذه الموارد الغابات. حيث يفتح إعلان الوادي محمية طبيعية على قطاع إنتاجي وخدماتي نامٍ، ألا وهو

السياحة البيئية التي ستسهم في إيجاد بنية إقتصادية محلية مستدامة مع حفظ موارد وإرث هذه المنطقة الطبيعي، وتفيد كامل سكان المنطقة وليس عددا محدودا وعلى حساب أهم الموارد الطبيعية في المنطقة، على ما سيحدث في حال شقت الطريق. (تجربة محمية أرز الشوف الرائدة – تقرير “القيمة الاقتصادية لمحمية الشوف المحيط الحيوي” 2015).

ثامنا: إن شق الطريق في منطقة معروفة بأنها منطقة حرجية تاريخيا مخالف لقانون المحافظة على الثروات الحرجية 85/1991 وقانون حماية الغابات 558/1996، كذلك قانون حماية البيئة رقم 444 حيث لم يقدم أي تقييم للأثر البيئي الملزم في مخالفة صريحة للقوانين المرعية الإجراء.

تاسعا: وإلى ما سبق، يشكل الوادي الذاكرة الجماعية الحية لأهالي البلدات المطلة عليه ولكامل أهالي المنطقة. وهو يعد من أقدم المنتزهات الطبيعية التي درج الجنوبيين على زيارتها واللقاء وتنظيم الفعاليات المختلفة فيها. ولكل بلدة فيه وعلى عيونه وجداوله أكثر من ذكرى وتقليد. وهو بذلك يشكل الذاكرة الجماعية والتراثية لأهالي البلدات وللعديد من الجنوبيين، والتي لا يزال قسما من تقاليدها حيا. وافضل سبل الحفاظ عليها حفظ الوادي.

إزاء ذلك كله، وحرصا على الحفاظ على هذا الإرث الطبيعي والتنوع البيولوجي الفريد الذي يتمتع به الوادي، وما لذلك من إنعكاس على الصحة العامة ونوعية التربة والمياه والهواء والإنتاج الزراعي، ورفضا لتدمير فرصة فريدة لتحقيق تنمية تفيد جميع البلدات والمنطقة بالإستناد إلى موارد الأرض الطبيعية، نعلن رفضنا لمشروع الطريق المقترح وندعو نواب المنطقة والمجالس البلدية للبلدات المطلة على الوادي والمتشاركه أرضه عقاريا إلى رفض هذا المشروع حفاظاً على هذا الثروة الطبيعية الفريدة. كذلك ندعو الوزارات المختصة إلى إتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على الوادي وأحراجه وإعلانه محمية طبيعية وطنية.

إننا إذ نعلن موقفنا هذا نشكر نواب المنطقة الذين أبدوا دعمهم لمقترح المحمية، ورفضوا مشروع الطريق للضرر الذي سيلحقه بالوادي وبفرص تنمية المنطقة، كما نشكر المجالس البلدية التي أبدت دعمها لمقترح المحمية الطبيعية، ونحن سنواصل التنسيق والتعاون معها لحماية هذه الثروات الوطنية والتأسيس عليها لتحقيق تنمية مستدامة للبلدات وكامل المنطقة.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This