حيرت العلماء الأشكال الهندسية المتناغمة في بيوت العناكب، وكذلك الشكل السداسي لـ “النخاريب” التي يبنهيا النحل في قرص العسل، وحيرتهم العديد من الظواهر الغريبة في عالم الحيوان، ومنها أيضا، كيف تستطيع الغربان والببغاوات تلاوة لائحة الأرقام، كل هذا دعاهم الى التساؤل هل تفهم بعض الحيوانات لغة الحساب؟
ابتكار هندسي مذهل
تأمل صاحب نظرية “النشوء والارتقاء” العالم الراحل تشارلز داروين، مكتشف (قارة الطبيعة)، خلية النحل مليا، ولم يستطع اكتشاف السر وراء الاشكال السداسية المتماثلة تماما في قرص العسل، فاكتفى بالقول: “إنه ابتكار هندسي مذهل”.
ولأكثر من مئة وخمسين عاما، ظل السؤال مطروحا كالآتي: لماذا لا يبني النحل قرصه بأشكال غير سداسية، وكيف تعرف النحلة ان الشكل السداسي هو أوفر وأقوى وأفضل حل لتخزين العسل؟ الى أن جاء الرياضي الاميركي توماس هيلز، ليفسر عملية اختيار النحل
للأشكال السداسية رياضيا، وذلك في سنة 1999، فبين أن بناء القرص بهذا الشكل انما له ميزات اهمها: تقليل الطاقة اللازمة في العمل، وتقليل كمية الشمع اللازمة للتغليف.
وأثبتت الدراسات أن بناء وحدات قرص العسل التي يسمى كلٌّ منها “النخروب” بالشكل السداسي الاضلاع، هو الأنسب لاستخدام مساحة الخلية بالكامل وبأقل قدر من الشمع، حيث يبلغ سماكة جدران كل “نخروب”، حوالي (0،1 ملم)، في حين لا تتعدى نسبة الخطأ خلال عملية البناء (0002 ملم)، عن ان بناء النخروب بشكله السداسي يمنع نهائيا تشكل فراغات، ويعني وجودها دخول الهواء وتعرض القرص للتعفن.
اضافة الى هذا كله، وحسب آخر الدراسات، تبين ان الهدف من الشكل السداسي ليس فقط تقليل حجم العمل وكمية الشمع، وانما الذكاء الفطري للنحل يأخذ بعين الاعتبار متانة سطح البناء.
كما تستطيع النحلة، تقدير المسافات وقياسها بدقة، فقد اكتشف العلماء لاول مرة في عام 1930 أن النحل يتبع اقصر الطرق للوصول الى الزهور، على الرغم من وجود مئات الطرق، مهما كانت معقدة.
النحل الذكي مهدد بالانقراض بسبب استخدام المبيدات الحشرية والكيماويات في الزراعة، فقد اختفى 30 بالمئة من الخلايا في كندا و 20 بالمئة في أوروبا في شتاء 2012-2013.
القندس… مهندس معماري!
يبني القندس سدودا يترواح طولها من متر إلى مئة متر، وعندما يبدأ بتكديس الأعواد يترك فتحة خالية من الطين في المكان الذي يعلو غرفة المستقبل، وتستخدم هذه الفتحة
للتهوئة، ولتصل أشعة الشمس، والهواء، الى كل انحاء “البيت”، أما المخزن فيكون تحت سطح الماء، وفيه توضع مؤونة الشتاء.
كيف عرف القندس أن البيت يحتاج الى أشعة الشمس، وأن دخول الهواء الى بيته سيكون ضروريا جدا للتهوئة؟ هذا المهندس المعماري الناجح، مهدد بالانقراض نتيجة حرائق الغابات المتواترة.
تجوب العالم دون بوصلة
مثلها مثل الدلافين، الحمام الزاجل، السنونو والطيور المهاجرة الأخرى، تتبع أسماك السلمون الطرق الصحيحة والقصيرة خلال رحلة عودتها الى مكان ولادتها، في مصب نهر أدامز في مقاطعة كولومبيا البريطانية بكندا، حيث تعبر هذه الاسماك في رحلة تستغرق سبعة عشر يوما نهري فريزر وطومسون قاطعة بذلك مسافة 4000 كيلومترا، مستعينة بالحقول المغناطيسية للارض Campo Magnetic لتحديد وجهتها، تمتلك كل الطيور المهاجرة مادة الكريستال المغناطيسي، الذي يلعب دورا مركزيا في تحديد المجالات المغناطيسية ومسار رحلة الهجرة الطويلة.
ويرى العلماء أن بوصلة الطيور تختلف عن البوصلة تلك التي يستخدمها الانسان، لانها لا تشير الى الشمال والجنوب المغناطيسي، وانما الى الخط الاستوائي والقطب. بمعنى آخر بوصلة الطيور لا تحدد اتجاه الحقل المغناطيسي وانما تحدد قياس الزاوية مع الخطوط المغناطيسية المتجهة من الجنوب نحو الشمال.
تعلم المهارات
يعتقد العلماء، انه نتيجة القدرة العالية لدى هذه الطيور على التأقلم مع التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الارض، ستتوقف بعض انواع الطيور عن الهجرة خلال السنوات المقبلة، ذلك التغيير المناخي ذاته سيعرضها لخطر الانقراض.
فيما تتميز حيوانات اخرى مثل الشمبانزي وقرود الماكاك والدلافين بقدرتها على التمييز بين الاشكال الهندسية وتعلم المهارات، يعرف عن الغراب، أن لديه القدرة على أن يعد الأرقام، ويقوم بأداء مهمات تعتمد على الملاحظة والذاكرة، وأن الثعلب، الفأر، الحوت والفيلة وغيرها من الحيوانات تتميز بدرجة ذكاء عالية، غير انها جميعا مهددة بالانقراض، فهل ينفع الذكاء في مواجهة تغيرات المناخ؟ السؤال برسم المنظمات البيئية وعلماء المناخ والتنوع البيولوجي.