أول ما يتبادر إلى الأذهان عند الحديث عن الاحتباس الحراري، ما يواجه “الدب القطبي” polar bear من مخاطر تهدد وجوده مع تفاقم ظاهرة ذوبان الجليد، خصوصا في القطب الشمالي، فقد تحول الدب القطبي رمزا وشعارا للعديد من المؤسسات والجمعيات البيئية الدولية، خصوصا وأنه أحد أكبر ثدييات اليابسة اللاحمة المعرضة للانقراض، ويعود هذا الأمر إلى أنه مع تسليط الضوء على ظاهرة الاحترار في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، تصدر الدب القطبي اهتمام العلماء، أي قبل أن تتعمق الدراسات لاحقا في فهم ومعرفة تأثير تغير المناخ على كافة النظم البيئية في العالم.

إلا أن الدب القطبي لا يواجه تبعات الاحتباس الحراري وذوبان الجليد فحسب، إذ كشفت دراسة حديثة أن الدببة القطبية تواجه أيضا مخاطر من نوع آحر، ناجمة عن الملوثات الكيميائية.

وجاء في هذه الدراسة ان هذه الملوثات تشكل خطراً على صحة هذه الحيوانات اللاحمة في القطب الشمالي أكبر بمئة مرة من المستوى الذي يعتبر مقبولاً للدببة البالغة واكبر بألف مرة لصغارها.

 

تؤثر على غدد الكائنات

 

وقالت عالمة السموم في “جامعة ميلانو – بيكوكا” University of Milano-Bicocca المعدة الرئيسية للدراسة، ساره فيلا Sara Villa: “انها أول دراسة تهدف الى قياس الخطر الذي تشكله الملوثات العضوية الثابتة”.

وبحسب “وكالة الصحافة الفرنسية”، وضع الباحثون محصلة أربعين عاما من الاعمال حول تعرض الدببة للملوثات، فضلا عن حيوانات الفقمة وأسماك “الغادس” Cabillaud (تعرف أيضا باسم سمك القد) في منطقة تمتد من سفالبارد إلى آلاسكا.

وتأتي هذه الملوثات من الزراعة والصناعة، وهي تؤثر على غدد الكائنات، والأخطر أنها تظل كامنة في الطبيعة لعقود، وتتركز من خلال التغلغل في السلسلة الغذائية. فهي تمر مثلا من علق البحر الى الاسماك ومن ثم الى الفقمة ومنها الى الدببة. وهي تتراكم حتى تصل الى مستويات سامة جدا.

وتكون صغار الدببة عرضة بشكل خاص من خلال حليب الأم الملوث، على ما اظهرت دراسة نشرت نتائجها في مجلة “إنفريمنتال توكسيكولوجي اند كاميستري” العلمية Environmental Toxicology and Chemistry.

 

تراجع أعداده إلى الثلث!

 

ومن هذه الملوثات، مركبات “ثنائية الفينيل متعدد الكلور” الممنوعة بشكل كبير منذ السبعينيات من القرن الماضي، الا أن آثارها ما تزال ترصد لدى الدببة البيضاء.

وقد حلت مكانها مركبات كيميائية اخرى تطرح مشكلة هي ايضا على ما شدد العلماء، ومنها حمض بيرفلورو أوكتان السلفونيك “الذي يعتبر ساما جدا للثدييات”، على ما أشارت الدراسة أبضا.

واشار العلماء إلى أن “هذه التركيزات مرتفعة بشكل ملفت لدى الدببة القطبية”، وتزيد احيانا عن مئة مرة لدى الفقمة.

وهذه المواد لا تزال مسموحة وتستخدم خصوصا في جعل الورق والانسجة والاثاث مقاوما للماء وتجنب إصابتها ببقع مياه أو دهن أو في صناعة رغوة للمطافىء.

وتضاف هذه التهديدات الى تلك المحدقة أساسا بالدب الابيض الذي ستتراجع اعداده إلى الثلث بحلول منتصف القرن الحالي (حوالي 26 الف دب راهناً).

ومن اهم هذه التهديدات ذوبان الصفائح الجليدية البحرية التي كانت تسمح له حتى الآن باصطياد الفقمة، وهي مصدر غذائه الرئيسي.

وفي القطب الشمالي حيث ترتفع الحرارة بوتيرة اسرع بمرتين من باقي مناطق العالم، قد يؤدي الاحترار المناخي الى مواسم صيف من دون جليد في غضون عشرين عاما، على ما يقدر العلماء.

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This