فيما نسلط الضوء على ما يتهدد الكائنات المعرضة للانقراض جراء عوامل عديدة، أهمها الاحتباس الحراري وتغير المناخ، فضلا عن استنزاف موارد الكوكب وتجريف الغابات وعوامل كثيرة تستهدف النظم الإيكولوجية والتنوع الحيوي، وتؤثر على استمرارية الحياة لأنواع باتت على شفير الانقراض، يغيب عن بالنا أن ثمة ممارسات أقرب ما تكون إلى السحر والشعوذة، ما تزال راسخة في تقاليد بعض الشعوب.

وكان greenarea.info قد قد رصد قبل أيام في مدينة الاسكندرية في جمهورية مصر العربية، بيع سلاحف بحرية في مزاد علمي يقبل الناس على شرائها ظنا منهم بأنها تعزز القدرات الجنسية وتمنحهم القوة، فضلا عن اعتقاد سائد بأن تناول لحمها وشرب دمائها هو “علاج” للنحافة، ليس هذا فحسب، فالعرافون يشترون قوقعتها لاستخدامها في أعمال السحر!

 

خطر الانقراض

 

وتتفاقم هذه المشكلة في كافة أنحاء، رغم الجهود التي تبذلها المؤسسات الدولية المعنية بالحفاظ على البيئة، فقد ذكر تقرير صدر منتصف العام الماضي أن “عصابات عالمية تحصد ثروات تقدرت بـ 23 مليار دولار أميركي سنويا من التجارة غير المشروعة بالحيوانات البرية، في أرجاء القارات من جنوب أفريقيا إلى تايلاند وأسواق الصين، حيث تستخدم أطراف الحيوانات في الطب التقليدي”.

وبحسب التقرير فقد “اكتشف أن هؤلاء التجار على صلة بمسؤولين فاسدين ذوي مناصب عليا في إحدى الدول الآسيوية، قاموا بتسويق عشرات الأطنان من الحيوانات والتي يواجه بعضها خطر الانقراض، كالنمور والفيلة ووحيد القرن”، والأخطر في هذا المجال، أن هذه التجارة أصبحت مرتبطة بالجماعات المسلحة والإرهاب، لأنها تتخذ من خلالها وسيلة لتوفير إيرادات تساهم في تمديد فترات العنف والنزاعات الأهلية، وجُنيت أرباحها لشراء الأسلحة وتعظيم القوة العسكرية للجماعات المسلحة.

وبحسب موقع “ساسة بوست“، تحدث تقرير حقوقي عن تورّط جماعات مسلحة في تشاد والسودان والكونغو الديموقراطية والكاميرون في ذبح 450 فيلا على سبيل المثال، لأخذ العاج بغرض بيعه من أجل الحصول على المال اللازم لشراء أسلحة للحروب الداخلية، وحسب “برنامج الأمم المتحدة للبيئة” United Nations Environment Programme، فإن 90 بالمئة من عمليات قتل الفيلة، التي تُسجّل داخل مناطق الصراعات، تتمّ على أيدي الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة، وتقدر القيمة المحتملة لهذه التجارة ما بين 3.9 مليون دولار و12.3 مليون دولار”.

 

جلد الفيلة للعلاج التقليدي

وفي هذا السياق، نشرت وكالة الصحافة الفرنسية AFP أمس تحقيقا عن سوق للطب التقليدي يقدم لزبائنه علاجات غريبة من قطع العاج وأسنان النمور، الى جلود الفيلة التي اصبحت الاكثر رواجا في الآونة الاخيرة.

ويتوافد المرضى وطالبو العلاجات التقليدية الى هذا السوق، ومعظمهم يسأل عن العلاج الجديد، جلد الفيل، الذي تباع القطعة الصغيرة جدا منه بأربعة يوروهات.

وهذا الطلب الجديد على جلد الفيلة للعلاج التقليدي يزيد من المخاطر التي يواجهها هذا النوع المهدد في بورما بالاندثار جراء الطلب الكبير على أنيابه العاجية.

ويقول صاحب أحد المتاجر الصغيرة التي تكتظ بالقطع المستخرجة من الحيوانات “جلد الفيل يشفي من امراض الجلد مثل الاكزيما”!.

ويشرح لمراسل “وكالة فرانس برس” كيفية تحضير هذا العلاج، قائلا “تحرق قطع الجلد في اناء من الفخار، ثم يخلط الرماد بالزيت وتدهن به بقع الاكزيما”.

والى جانبه، ينطلق شاب في شرح فوائد العجينة المصنوعة من أسنان الفيل في علاج الامراض الجلدية، ويقول “يصبح الوجه ناعما ونقيا وأبيض” بفضل هذه التركيبة!

وفي أقل من عقد من الزمن، انحسر عدد الفيلة البرية في بورما الى النصف، ولم يبق منها سوى الفين الى ثلاثة آلاف، وفقا للارقام الرسمية المنشورة أخيرا.

ويعود السبب في هذا التراجع الى تدمير المواطن الطبيعية للفيلة بسبب النشاط البشري، وايضا بسبب صيدها للحصول على انيابها وجلودها المستخدمة في الطب الشعبي.

ويباع جزء صغير من أنياب الفيلة وجلودها في السوق المحلي، اما الجزء الاكبر فيذهب الى الصين المجاورة، حيث تبلغ حمى الاقبال على المواد المستخرجة من الحيوانات ذروتها.

 

غياب الارادة السياسية

ويقول انتوني لينام المسؤول في “منظمة الحفاظ على الحياة البرية”: “نحن في أزمة”، اذ ان الفيل، وهو احد الانواع العشرة المهددة في بورما، يتعرض للقتل أو للتهريب الى تايلاند حيث يستخدم في مجال السياحة. ويضيف “مع هذه الوتيرة الكبيرة، ستختفي الفيلة في بضع سنوات”.

اضافة الى ذلك، تقول منظمة “ترافيك” غير الحكومية ان بورما تضم حاليا “اكبر الاسواق المفتوحة غير المنظمة لتجارة القطع المستخرجة من النمور” في جنوب شرق اسيا.

وفي هذه الاسواق، يمكن العثور على مختلف الاجزاء الحيوانية، من قرون وحيد القرن الأفريقي الى جلود النمر وآكل النمل الحرشفي.

تتركز التجارة غير الشرعية في شرق البلاد، حيث تسيطر العصابات المنظمة التي يمولها ويديرها مهربون صينيون في ظل تهاون السلطات، بحسب الخبراء.

وصيد الحيوانات المهددة ممنوع في بورما الموقعة على اتفاقية “سايتس” لحماية الانواع البرية المهددة، لكن الغرامة القصوى المفروضة على المخالفين لا تتعدى ستين دولارا، وقلما يلاحق الصيادون اصلا.

ويقول جوفاني بروسار المنسق الاقليمي لمكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة ان عدد الجرائم بحق الانواع الحية الذي تتصدى له السلطات “ضعيف جدا”.

في الآونة الاخيرة، تعهدت الحكومة تشديد قوانينها لمكافحة الصيد غير الشرعي وتجارة العاج والاجزاء المستخرجة من الفيلة، وأعلنت الصين ايضا حظر كل اشكال الاتجار بالعاج بحلول نهاية العام 2017.

لكن تغيير الواقع في بورما يحتاج قبل كل شيء الى تغيير في العقلية السائدة. ويلخص فنسنت نيجمان الاستاذ في “جامعة اكسفورد بروكس” هذه الازمة بعاملين “غياب الارادة السياسية، وعدم اهتمام المجتمع بهذه القضية”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This