يعتقد كثيرون أن القطب الشمالي ليس له اهمية كبرى في حياتنا، غير ان الحقائق العلمية تشير الى انه ذو أهمية عظيمة في حياة كل الكائنات الحية على كوكبنا، فهو بمثابة “بارومتر كوني” يقيس نسب التغير المناخي، بل هو بمساحته الشاسعة التي تبلغ نحو 14 مليون كيلومترا مربعا، يعتبر بمثابة نظام إنذار بيئي للكوكب ككل، ومركز توازن الارض بمغناطيسه الطبيعي العملاق.
تبلغ سماكة الجليد القطبي في البحر شمالي شبه جزيرة آلاسكا الأميركية الشمالية مترا ونصف المتر، فيما قال خبراء أميركيون إن سماكته في عام 2016 لم تتجاوز مترا واحدا، وذلك حسب دراسة لـ “مركز هيلمهولتز الألماني” المتخصص بالبحوث البيئية، كما أن ذوبان جليد القطب الشمالي لا يعني فقط الدول التي تتقاسمه (الاتحاد الروسي، كندا، النرويج، الدنمارك والولايات المتحدة)، بل يعني كل كائن يعيش على سطح الارض.
يكمن الدور الهام والرئيسي للقطب الشمالي في أن الطبقة الجليدية التي تغطيه تعكس أشعة الشمس، وبذوبان المزيد الثلوج القطبية نتيجة ثقب الاوزون والتغير المناخي، تقل كمية أشعة الشمس التي تعكسها الثلوج. وبدلا من ذلك، يتم امتصاصها من خلال المحيطات واليابسة، وهذا يؤدي عمليا الى ارتفاع في درجة حرارة الأرض، والمعادلة هي كالتالي: مزيدا من ذوبان ثلوج القطبين يعني المزيد في ارتفاع درجة حرارة الكوكب، والنتائج غالبا ما تكون قاسية ومؤلمة بيئيا.
عندما يبدأ الجليد في الذوبان، وتضرب تأثيراته السلبية الحياة على الكوكب، ستقوم جميع الدول، النامية منها والمتقدمة، الغنية والفقيرة، بدفع الثمن. حتى الذين يظنون أنهم بعيدون عن ما يحدث في القطب الشمالي، بدءا بالقاطنين في غابات الأمازون وشبه القارة الهندية مرورا بالبدو الدائمي الترحال وصولا الى الذين يعيشون عند خط الاستواء.
فالدراسات والتقديرات الأخيرة تفترض أن المحيط المتجمد الشمالي سيكون خاليا من الجليد في الفترة بين عامي 2059 – 2078 بسبب ارتفاع درجة حرارة الارض المتواتر، وهو مؤشر خطير لتغير المناخ. والخطر يكمن في ان العلماء يعتقدون أن الذوبان التدريجي للمناطق المتجمدة قد ينعكس على دورة الكربون من خلال إطلاق أحد أهم الغازات ذات التأثير على الغلاف الجوي، وهو الميثان أو الغاز الحيوي.
لدراسة هذه الظاهرة والنتائج المحتملة عنها قام العلماء ببناء نماذج مناخية بواسطة الكمبيوتر، واستخدموها في دراسة ظاهرة تراجع مستوى جليد المحيط المتجمد الشمالي، ثم قارن الباحثون النتائج بما تم تسجيله فعليا بواسطة مراصد أرضية وأقمار اصطناعية خلال تلك الفترة. فكان أن اظهرت الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية أن الثلوج التي تغطي سطح البحر تتقلص سنويا بنسبة 4 بالمئة. في حين تتوقع منظمة البيئة العالمية أن ترتفع درجة حرارة الأرض في السنوات المئة المقبلة من 4 إلى 7 درجات.
ويتوقع العلماء أن ذوبان الجليد في القطب الشمالي سيستمر بمعدلات كبيرة، لدرجة أن تتراجع الطبقة الجليدية في القطب الشمالي بنسبة 50 بالمئة على أقل تقدير بحلول نهاية القرن الحالي، وذلك سيساهم في رفع مستوى سطح البحر 7 أمتار، الامر الذي يهدد بأن يغمر البحر الكثير من مدن العالم. كما سيؤدي إلى عواقب وخيمة على الكائنات الحية التي تعيش على الجليد مثل الدببة وحيوان الفقمة وعلى الناس والمجتمعات التي تحيا في المنطقة. وستختفي العديد من اشكال الحياة القطبية من الوجود، بينما ستقوم أنواع حية أخرى بغزو المناطق القطبية الأكثر دفئا، كذلك ليس مستبعدا ظهور أمراض غريبة على المنطقة مثل فيروس غرب النيل، بحسب العلماء.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This