طرح موقع “ناسا” سؤالا يحمل الكثير من الهواجس، وهو سؤال استباقي يستشرف ما يتهدد الأرض من كوارث ناجمة عن تغير المناخ، وتمحور السؤال حول نقص الأوكسيجين في المحيطات والبحار مستقبلا، وجاء في الصيغة الآتية: قد يكون هناك الكثير من الأسماك في البحر، ولكن ماذا عن الأوكسجين لتلك الأسماك؟
استندت “ناسا” إلى دراسة حديثة نشرت مؤخرا في الدوريات البيوكيميائية العالمية Global Biogeochemical Cycles، أشارت إلى “أننا سنتمكن من الكشف عن مدى نقص الأوكسجين الناتج عن تغير المناخ في المحيطات في جميع أنحاء العالم بحلول العام 2030.
مناطق ميتة
وبحسب الدراسة، يمكن لانخفاض مستويات الأوكسجين في الماء أن يشكل ما يعرف بالـ “المناطق الميتة“، وهي مناطق في المحيط تنعدم فيها الحياة البحرية، فلا تستطيع سرطانات البحر والأسماك والحيوانات الأخرى العيش فيها. وتتشكل هذه المناطق بشكل دوري حول السواحل، وفي المياه الضحلة، وحتى في المحيطات المفتوحة عندما تكون درجات حرارة سطح البحر دافئة. ولسوء الحظ، تضيف الدراسة “سيزداد هذا الأمر سوءاً مع ارتفاع درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم“.
وقال ماثيو لونغ Matthew Long العالم لدى “المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي” National Center for Atmospheric Research الـــ NCAR والمؤلف الرئيسي للدراسة: “إن فقدان الأوكسجين في المحيطات هو أحد الآثار الجانبية الخطيرة لارتفاع حرارة الغلاف الجوي، ويشكل خطراً كبيراً على الحياة البحرية. ولأن تراكيز الأوكسجين في المحيط تختلف بطبيعة الحال اعتماداً على الاختلافات في سرعة الرياح ودرجة حرارة السطح، كان عزو أيّ نقص في الأوكسجين إلى تغيّر المناخ مسألة تنطوي على تحدٍ“.
ويضيف لونغ: “تتوقع هذه الدراسة الجديدة متى يمكن لتغير المناخ أن يؤثر على التنوع الطبيعي“.
الموت العظيم
يمكن أن يكون انخفاض مستويات الأوكسجين في المحيطات كارثياً. ولا يقتصر الأمر على قتل أو إبطاء الحياة في المحيطات في الوقت الحاضر فحسب، ذلك أن استمرار انخفاض مستويات الأوكسجين، قد يكون له آثار خطيرة مستقبلاً.
وأشارت الدراسة إلى أنن “الموت العظيم” هو حالة انقراض قتل فيها ما يقرب من 90 بالمئة من أصناف الكائنات الحية على الأرض قبل 250 مليون سنة.
ووجد الباحثون في دراستهم لذلك الحدث أن انخفاض مستويات الأوكسجين في المحيطات ربما يُبطئ عمليّة استعادة الحياة على الأرض. فقد استغرق الأمر خمسة ملايين سنة بعد ذلك الانقراض لاستعادة تنوع الحياة، نتيجة ارتفاع مستويات الأوكسجين في المحيطات بشكل بطيء لتعود إلى مستواها الطبيعي.