نشر مساء أمس الأربعاء 22 شباط (فبراير) على صفحة فيسبوك “شعبة الصيد البري في طرابلس والشمال” التي تعنى بالصيد المستدام، فيديو لطائر جارح مصاب فيما يمسك بأفعى كان قد اصطادها، وسرعان ما انتشر الفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو من نوع “عقاب صرارة” Short-toed snake eagle (الإسم العلمي Circaetus gallicus)، أحد أنواع الطيور المهاجرة الممنوع صيدها، والمحمية باتفاقات دولية، ومحمية أيضا بموجب قانون الصيد اللبناني، بالاضافة أن موسم الصيد في لبنان الذي حدده “المجلس الاعلى للصيد البري” من منتصف أيلول (سبتمبر) حتى أواخر كانون الثاني (يناير) لم يفتتح بعد من قبل وزارة البيئة!
والمؤسف ان هذا الطائر الذي ظهر في الفيديو كان يقتات على أفعى كبيرة، وهذا ما يبين دوره وأهميته في الطبيعة، وفي التوازن بين كائناتها وفي النظم الإيكولوجية المفترض حمايتها، فضلا عن أنه مدرج على “القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض” Red List من قبل “الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة” International Union for Conservation of Nature الــــ IUCN.
احترام قانون الصيد
وكما اعتدنا في حوادث سابقة، بدا من اصطاده وهو يتفاخر بقتل هذا الطائر النادر، والدليل أنه وثق جريمته بفيديو مصور، والجدير بالذكر ان هذا الشخص قد خالف جميع القوانين بإقدامه على هذه الجريمة بحق البيئة والطبيعة.
وقد تواصل greenarea.info مع أحد الصيادين المحترفين في الصفحة المذكورة، فأكد استياءه الشديد على قتل هذا العقاب، واشار الى أن “هذه الصفحة أنشئت من قبل صيادين محترفين، وهي تتابع منذ مدة وتوثق هذه التعديات بحق الطبيعة، وتحاول من خلال مجموعة من الصيادين المحترفين نشر التوعية، بالاضافة الى انها كصفحة تشدد على ضرورة احترام قانون الصيد وتنظيمة”.
كما اشار الى “ضرورة الفصل ما بين الصياد المحترف وحامل بندقية الصيد بشكل عشوائي وغير قانوني ووصفه بـ (الفرقعجي) الذي يخالف جميع قوانين الصيد، ويعرض نفسه وغيره للخطر، بالاضافة الى ما قد يرتكبه من مجازر بحق الطبيعة”، وعرض لمسألة مهمة، وهي “ضرورة تشديد المراقبة على البنادق التركية التي تدخل الى لبنان خلسة وبطريقة غير قانونية، والتي تتيح لأي كان بامتلاك بندقية صيد بسعر بخس”، وختم مشددا على “ضرورة استحصال أي صياد على رخصة بعد أن يحضع لامتحان الصيد، ولفحص طبي نفسي لان استعمال هذا السلاح بغير مكانه قد يؤدي الى عواقب وخيمة”.
الخبير سعد: جهل كبير
وأشار خبير الطيور الدكتور روجيه سعد لـ greenarea.info إلى أن هذا الطائر يعرف باسم Short-toed snake eagle، أي (عقاب صرارة)، وهو مشهور بصيده الافاعي”، وقال: “تضع أنثى هذا العقاب بيضة واحدة فقط في الموسم، ويعمر هذا النوع حتى 17 عاما”. وأضاف: “إنه طائر جارح ينتمي الى الفصيلة البازية، متوسط الحجم، أبيض البطن، رمادي الرأس والجناحين وأصفر العينين، وقد يصل حجم جناحيه عند فتحهما الى المترين، يحلق فوق المناطق الصخرية وفوق السهول المفتوحة ويقتات على الزواحف، ويمر فوق لبنان في فصلي الربيع والخريف”.
وأردف سعد: “بما أن فصل الربيع قد اقترب بدأنا نلاحظ مرور بعض الطيور المهاجرة القليلة (الجوارح، السنونو والقليل من الفري)، وهذا الطائر يبني أعشاشه في الربيعـ وهو لا يحظى بفرص نجاة كثيرة بسبب القواصين بالرغم من الحماية الدولية له، ويعتبر لبنان من اهم الممرات في المنطقة لهذه الطيور، الا انها تتعرض لابشع المجازر، بالرغم من السعي والعمل من قبلنا ومن قبل الوزارات المعنية لحمايتها وتركها تمر بسلام عبر قوانين واضحة وصريحة بموعد افتتاح الصيد وتحديد الانواع المسموح والممنوع صيدها، والمحددة من قبل المجلس الاعلى للصيد البري خلال اجتماعه في 13/1/2012”.
وأكد سعد أن “هذه الجريمة بقنص هذا الطائر مخالفة للقوانين كافة وتمثل خرقا فاضحا لها، بالاضافة الى ان وجود الافعى في فمه هو دليل على اهميته في الطبيعة، وان تدخل الانسان فيها وقتله لهذا النوع يعرضه لخطر الانقراض، خصوصا وانه يضع بيضة واحدة فقط في موسم التزاوج”.
واستنكر سعد “قتل هذا الطائر بداعي التسلية والتصوير والمفاخرة التي لا تنم الا عن جهل كبير”، وتمنى “على الدولة التشدد في ملاحقة موضوع الصيد وتوقيف كل قواص يخالف القوانين ومتابعة هذه القضية خصوصا، وأن الجاني هنا قد خالف القانون جملة وتفصيلا، بحمله البندقية والصيد في الربيع، وقتل نوع ممنوع صيده ومخالفته ايضا للحماية الدولية لهذا الطائر، وبالتالي يجب ملاحقته ومقاضاته بجميع المخالفات التي ارتكبها ليكون عبرة لمن تسول نفسه خرق القوانين”.
