شجع الطقس الجميل بعد أيام من البرد والأمطار اللبنانيين على ارتياد الشاطئ الشعبي في “الرملة البيضا”، بعضهم مارس هواية السباحة، والبعض الآخر مارس هواية كرة القدم، بينما اتجه آخرون لرفع الأثقال، أما الأطفال، فقد انتشروا على أراجيح وألعاب وضع ناشطون بينهم من ينتمي لـ”حملة الأزرق الكبير Operation Big Blue، ليستمتعوا بقضاء يوم مشمس دافئ قرب البحر، فيما كثيرون اصطحبوا العائلة والأصحاب فافترشوا الشاطئ، أو جلسوا ليتناولوا الطعام والشراب تحت خيم النخيل المتبقية، التي نصبها الناشطون خصوصا بعد الحريق الذي أتى على معظمها، وقد سُجل كالعادة، ضد مجهول!
ويبدو أن قرار شورى الدولة بوقف الأعمال في موقع الـ “إيدن روك” الذي سيقتص جزءا من هذا المتنفس لمدينة بيروت، أو إن صح تسميته “الرئة الأولى” أشاع جوا من الإيجابية بين الناشطين ورواد الشاطئ، فزاد عدد المتجهين إليه للاستمتاع بيوم دافئ.
وفي هذا السياق، فإن قرارات بعض المسؤولين يبدو وكأنها تسعى لخنق البلاد خصوصا في العاصمة بيروت، حتى أن إيقاف العمل بهذا المشروع يعتبر مسكِّناً، إذ قد يعود القيمون على هذا المشروع للعمل، خصوصا بعد قرار المراجعة الذي أعطيَ مهلة شهر واحد للبت به، فيما الحل يبقى متمثلا في إبطال الرخصة الصادرة عن محافظ بيروت القاضي زياد شبيب، ورقمها 3689/ المصيطبة/، فضلا عن أن التجاوزات لا تقتصر على المتنفس البحري الوحيد في العاصمة (الرملة البيضاء) فحسب، وإنما تطاول الأملاك العامة في قرارات أخرى أيضا، من بينها قرار بناء المستشفى المصري في حرش بيروت المفترض أن يظل بمثابة “الرئة الثانية” لسكان وأبناء بيروت، خصوصا أن هذه المساحات الخضراء العامة أصبحت نادرة في المدينة، ومحكومة بقرارات قضائية تحاول أن تقضمها بشكل سافر، ولا تبقي لأهل العاصمة أي متنفس في محيطها.
الغوش: نريد أن نستمر
وبالعودة إلى الشاطئ لفت أنظار الناس فرس يجرها صاحبها، وقد التقى greenarea.info بـ “أحمد الغوش” بائع الكاز سابقا، ويستخدم حاليا خيوله المستخدمة سابقا لجر عربة الكاز، بهدف نقل الناس والسياح على الشاطئ، يقول الغوش: “هذه الفرس الشقراء أجنبية وليست من خيل “السبق” وهي حامل، وجنينها أنثى بلون بني وأبيض مثل والدها”، وأضاف: “للأسف، ضاعت مهنة بائع الكاز، ولا زالت الجهات المسؤولة لا تصرف لنا تعويضات نقابة عاملي الكاز، وعلينا أن نستمر بالعيش في بلدنا”.
ولا يزال العديد من كبارنا يذكر صوت جرس بائع الكاز، ومنظر “الطنبر” وهو يجوب شوارع العاصمة لبيع هذا النوع من مشتقات النفط، وقد كان الكاز يستخدم في الطبخ والإضاءة والتدفئة والتنظيف.
وأضاف الغوش لـ greenarea.info “الأحوال صعبة، يكلفني إيواء الفرس والخيول في اصطبل خاص 300 دولار بالشهر، و100 دولار كعلف، وهي فرس جميلة و(هينة)، واضطررت لاستعمالها بعد نفوق الحصان الأصلي”، وقال: “يهاجمنا البعض بأن التعرفة غالية، ولكنها تبدأ من 5 آلاف ليرة لبنانية، حتى 20 ألف، إلا أننا قد نضع تعرفة إضافية على السياح، فنحن نريد أن نستمر”.
وأضاف الغوش: “تستمر القوى الأمنية في تسطير محاضر ضبط بحقي بذرائع عدة، على الرغم من أنني أحاول أن أتبع القوانين، وأحافظ على سلامة من يركبون الخيول، بل وأنظف بقايا الخيول، وهو ما لا يقوم به من الناس بالنسبة لكلابهم فتبقى بقاياها ملوّثة كل الشاطئ والرصيف”، وأشار إلى أنه “ما يبقى بعد دفع مصاريف الخيول من مأكل واصطبل، وما أبيعه من صغارها، أستمر به وأعلم وأطعم أولادي، وليس لي عمل آخر، لا ضمان لي ولا تأمين طبي ولا ندري أين أصبحت مخصصاتنا من النقابة”.