لم نكن نتوقع أن تغدو Green Area international، وفي فترة زمنية قصيرة، مرجعا وملاذا لمواطنين يناشدونها التدخل لإنقاذ كائنات بحرية وبرية وطيور مصابة، فهذا هو الحال في ظل الفوضى القائمة وتراخي الجهات المعنية بحمايتها وبتطبيق القوانين حيال المخالفين والمعتدين، والمؤسف أن كثيرين يمارسون قتل الطيور المهاجرة في هذه الفترة، مع بداية موسم تزاوجها للتسلية فقط وبداعي الاستعراض والتفاخر، بطريقة لا تنم إلا عن جهل وتخلف كبير لمفهوم الصيد وأخلاق الصياد وقلة احترام لقانون تنظيم الصيد.
لذلك بموجب قانون الصيد البري في لبنان رقم 580 والذي أعطى وزير البيئة صفة وزير الوصاية على “المجلس الأعلى للصيد البري، والذي من خلال دوره ساهم في جعل مهمة قانون نظام الصيد البري واقعية، كما أولى القانون وزارة البيئة اصدار رخص الصيد، ومنحها صفة الادعاء ضد المخالفين ومرتكبي مجازر الصيد، وبما اننا سمعنا ولم نشهد ملاحقة لأي من المعتدين، ولم نشهد ايضا اي عقوبة أو تغريم انزلت بحق المخالفين للقوانين، ما يؤكد على وجود تقاعس في مكان ما يشجع على هذه الاستمرار في هذه الفوضى.
وفي هذا المجال، اتصل بـ Green Area أمس السبت 25 شباط (فبراير) مواطن رافض لهذا النوع من التعديات، وأبلغنا عن وجود عقاب مصاب بطلق ناري لديه في منطقة طريق المطار، طالبا منا التدخل والمساعدة في علاجه، وعلى الأثر تحركنا لمعاينة الطائر ونقله إلى مركز مختص.
هيدوس: الالتزام بقوانين الصيد
وأشار عماد هيدوس وهو ناشط في مجال حماية الكلاب الشاردة لـ greenarea.info إلى أن “بعض الشبان اصطادوا العقاب في منطقة الجبل وكان بينهم من أراد قتله وتصبيره، إلا أن رفاقه رفضوا هذا الأمر، واتصل بي أحدهم طالبا مني علاجه”، وقال: “وافقت دون تردد، وأحضروه لي، وبدأت على الفور إعطاءه دواء خاص من نوع المضادات الحيوية الخاصة بالطيور Multi Antibiotic، إذ سبق وعالجت حالات مماثلة، بالتعاون مع أطباء متخصصين، ومن ثم قمت بتنظيف جراجه بمطهر خاص، لكن بدت الإصابة في جناحه كبيرة”.
وأضاف: “كنت قد قرأت قبل أيام عن أن (جمعية Green Area الدولية) ساهمت في علاج عقاب، فاتصلت بها علها تساعد في علاجه، وهذا ما حصل، فأنا أسلمه لكم اليوم لعلاجه وإطلاقه في الطبيعة”، ولفت إلى أن “العقاب أصيب قبل ثمانية أيام وهو قوي وبنيته جيدة ويتناول الطعام”، منوها إلى أنه “بحاجة لمتابعة من قبل طبيب أو مركز مختص”.
وإذ أثنى على ما “تقوم به جمعية Green Area في هذا المجال”، تمنى على المواطنين “الالتزام بقوانين الصيد وعدم اصطياد هذه الأنواع الممنوع صيدها عالميا ومحليا”.
أبي سعيد: في الأسر مدى الحياة
بعدها، نقلت “جمعية غرين إيريا الدولية” Green Area international العقاب من منطقة المطار إلى “مركز التعرف على الحياة البرية والمحافظة عليها” The Animal Encounter، وكان في انتظارنا رئيس المركز الأستاذ المحاضر في الجامعة اللبنانية – كلية العلوم البروفسور منير أبي سعيد، وبادر إلى معاينته، وأبدى أسفه إذ تبين أن هناك كسرا في جناحه سيقعده عن الطيران و”سيبقى في الأسر مدى الحياة”.
وأشار أبي سعيد إلى أن “العقاب من نوع (كومون بازرد) Common buzzard، ويعرف بـ (حوّام السهول)”، ولفت بعد معاينته إلى أنه “تعرض للقنص منذ مدة قصيرة”، وقال: “ليس لدينا تقنيات لعلاج كسور الطيور المهاجرة، وهو بحاجة لعملية جراحية دقيقة تستخدم فيها مادة ألمنيوم خفيفة الوزن، وكلفتها كبيرة، وليس هناك من هو قادر على إجرائها في لبنان، ووضعه جيد ولدينا مثله في المركز وسنبقيه ونطعمه، وهو ينتمي إلى فصيلة البازيات”.
وأضاف أبي سعيد: “هذا النوع يمر مرتين فوق لبنان في الخريف والربيع، وهذه جريمة”، وتساءل: “إلى متى سنظل نتحمل؟”، وقال: “نحن كمركز لم يعد لدينا القدرة على استقبال أعداد إضافية، وعلينا أن نتحمل بدلا من الدولة ووزارة البيئة، على الجهات المعنية أن تتحرك، ويجب التشديد على التوعية، لأنه ليس في مقدورنا كمركز ولا في مقدوركم كجمعية الاستمرار على هذه الوتيرة، خصوصا وأن هذا الأمر يتطلب إمكانيات غير متوفرة، ولذلك على وزارة البيئة أن تتحرك، وعلى الجمعيات البيئية ان تعمل أكثر، وكذلك وزارة الداخلية والقوى الأمنية لوقف هذه التعديات”.
وأسف أبي سعيد لأن “هذا الطائر لا يؤكل وممنوع صيده في كافة انحاء العالم، وأصيب في فترة التزاوج”، ولفت إلى أن “كل الجوارح محمية عالميا لأنها لا تتسبب بأذى للقطاع الزراعي، لا بل هي مهمة لهذا القطاع كونها تقتات على الحشرات الضارة والقوارض كالفئران والجرذان وغيرها”.