من المتعارف عليه ان غالبية المخلوقات الحية تتنفّس من أنفها أو فمها، أو خياشيمها (الأسماك)، الا ان دراسة صدرت مؤخراً بيّنت ان هناك بعض الانواع من السلاحف التي تتنفّس من مؤخرتها!
السلحفاة المزركشة، و”سلحفاة فيتزروي النهرية” Fitzroy River turtle تتنفس كل منهما من المؤخرة، فكيف ذلك؟
اختبر العلماء هذه الحقيقة حين قاموا بوضع ألوان صناعية في المياه لمراقبة حركة السلاحف، فلاحظوا أنها تقوم بسحب المياه من الجهة الأمامية والخلفية، وأحيانا الخلفية فقط، هذا الجزء ليس فتحة الشرج، إنما الفتحة التي تستخدمها السلحفاة للتبول ووضع البيض.
أما السبب، فيكمن في صدفتها التي تطورت من الأضلاع والفقرات، والتي التحمت مع بعضها، لتؤدي أدوارا أكثر من كونها حامية للسلحفاة من اللدغات. فحين تدخل السلحفاة في حالة السبات الشتوي، تدفن نفسها في المياه الباردة لأكثر من خمسة شهور متتالي، الامر الذي بجبرها أن تغيّر آلية عمل جسمها للبقاء على قيد الحياة، ومنها: حرق الدهون، التحول إلى اللاهوائية، أو بمعنى التنفس بدون أوكسجين.
وتؤدي تلك العملية إلى تراكم حمض اللاكتيك، وهو ليس أمرا جيدا للكائن الحي، وبالتالي، فإن صدفة السلحفاة لا تقوم فقط بتخزين حمض اللاكتيك، لكنها تطلق البيكربونات إلى جسدها، وهذه عملية كيميائية معقدة.
أما آلية تنفس السلاحف فهي الأكثر تعقيدا، فلا تستخدم السلاحف الرئتين للتنفس خلال سباتها الشتوي، وبدلا من ذلك فإن لديها عضلات تسحب الجسم إلى الخارج، نحو فتحات الصدفة، للسماح لها بالاستنشاق، واستخدام المزيد من العضلات لدفع الأحشاء تجاه الرئتين للزفير، أي أن العضلات خلال عملية التنفس بدون أوكسجين تعمل على تمدد الرئتين من أجل عملية الشهيق، ثم تعمل على انقباضها من أجل عملية الزفير. وكل مرة يتم فيها استخدام هذه العضلات تزداد فيها كمية حمض اللاكتيك، وهو أمر مجهد للغاية، ويحتاج لكثير من العمل.
وعند مقارنة هذه العملية بالتنفس من الفتحة الخلفية فستكون الثانية أسهل بكثير. اذ تعمل حويصلات بجانب تلك الفتحة في المؤخرة تسمى “الجراب” على التمدد والانكماش لتنشر الأوكسجين إلى أوعية الدم بسهولة، فجدران تلك الحويصلات متصلة بالأوعية الدموية والتي ينتشر الأوكسجين من خلالها.
هذه العملية برمتها تستهلك كمية قليلة من الطاقة، وتؤمّن استمرارية حياة السلحفاة خلال سباتها الشتوي.
