هل دخلت أزمة عين دارة المفتوحة منعرجا جديدا خلال الأسابيع والأشهر القليلة الماضية؟ وهل سلك موضوع معمل الإسمنت مسار التفاوض بين متنفذين وقوى سياسية بعضها جاهر بالرفض وبعضها الآخر كان وما يزال على الحياد؟ وهل سيجد أهالي البلدة أنفسهم في نهاية المطاف بمواجهة حيتان المال والفساد بعد اقتسام المغانم وحصول البعض على جوائز ترضية “دسمة”؟
يمكن من الآن استقراء واقع جديد، بعد خفوت أصوات المعارضين ودخول آخرين على خط الترويج والتسويق لمعمل الإسمنت وملحقاته، على قاعدة انه يوفر مئات فرص العمل للشباب ما يضع حدا للهجرة من الريف، علما أن هذا الأمر يبقى في دائرة الالتباس، خصوصا وأن من يزينون لأبناء عين دارة والجوار بأن المصنع سيؤمن فرص عمل ورغد عيش لأبنائهم، هم أنفسهم يستخدمون يدا عاملة أجنبية رخيصة في مؤسساتهم!
يبدو جليا أن قضية معمل الإسمنت وملف الكسارات ستشهد تصعيدا في القادم من أيام، لكن من المؤكد أن ثمة “قطبة مخفية”، لن تنجلي حقيقتها الآن، لا سيما بعد حملة واسعة تقاد تضليلا وتشويها للحقائق، بشفاعة التقديمات وقد بدأت تؤتي ثمارها في ما نشهد وما سنشهد أكثر من شراء للضمائر والذمم، خصوصا وأن ثمة استغلالا لظروف الناس في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة.
هيئة المبادرة المدنية
وفي هذا المجال، استغربت “هيئة المبادرة المدنية في عين داره” في بيان، عدم تطبيق قرارات وزيري البيئة والداخلية بإقفال كسارات المنطقة، وتساءلت: “لماذا لا ينفذ قرار وزير البيئة إقفال كسارات عين داره ولا تنفذ أوامر وزير الداخلية؟ وهل القطع الأمنية المعنية بتنفيذ قرار وزير الداخلية إقفال كسارات عين داره متمردة على معاليه أم أن الأوامر الشفهية التي تبلغتها مختلفة عن الكتاب الخطي الذي تبلغت نسخة عنه بلدية عين داره؟”.
وقالت: “على الرغم من مرور أكثر من 4 أشهر على كتاب وزير البيئة القاضي بإقفال كسارات عين دارة، وأكثر من شهر على الكتاب المفتوح الذي وجهه أهل عين داره وأصدقاؤهم إلى وزير الداخلية، وأكثر من أسبوعين على كتاب وزير الداخلية إلى القطع الأمنية، ما زالت الكسارات تعمل في جبل عين داره، يضاف إليها محاولات تشغيل بعض المرامل”.
وختمت: “إذا كانت الدولة غير قادرة على فرض تنفيذ القانون في جبل عين داره، فلتقفل فورا الطريق الزراعية الواصلة بين مخفر ضهر البيدر ومحمية أرز الشوف في وجه كل الأنشطة الصناعية، ولتمتنع عن أي عمل إداري في هذه المنطقة (تراخيص معامل موت، تسجيل بيع وشراء عقارات) حتى عودة سيادة القانون اللبناني إليها”.
ممثلـو العائـلات في عيـن دارة!
وفي سياق متصل، عقـد “وجهـاء وممثلـو” العائـلات في بلـدة عيـن دارة اجتماعـاً بتاريـخ الاول مـن آذار (مارس) 2017 درسـوا فيـه ردود الفعـل علـى بيانهـم السابـق، علما أنه لم يذكر اسم واحد من وجهاء البلدة، وبدا البيان مشكوكا فيه، ورد عليه أبناء عين دارة بشيء من السخرية.
وجاء في البيان: “إن وجهـاء وممثلـي عائـلات بلـدة عيـن دارة يقـدرون عاليـاً ردود الفعـل الإيجابيـة التـي أعقبـت صـدور بيانهـم السابـق، والتـي حملـت درجـة عاليـة مـن الوعـي والحكمـة والإدراك للمصالـح الحقيقيـة للبلـدة حاضـراً ومستقبـلاً، ويستنكـرون عمليـات التخويـن التـي يلجـأ اليهـا البعـض فـي مواجهـة الأسئلـة المشروعـة والحقائـق الدامغـة التـي أوردناهـا. فنحـن أبنـاء عيـن دارة، ونمثـل الغالبيـة الساحقـة مـن سكانهـا، ولا نحتـاج الـى شهـادات مـن أقليـة باعـت ضميرهـا وأخلاقهـا لفاجريـن يحاولـون بـث السمـوم والشائعـات تحقيقـاً لمصالـح وغايـات معروفـة”.
وأضاف: “المجمـع الصناعـي الـذي بـدأ السيـد بيـار فتـوش بإقامتـه فـي جـرود عيـن دارة – ضهـر البيـدر، والمرخـص قانونـاً مـن الـوزارات والإدارات المعنيـة، والـذي أزعـج فريقـاً سياسيـاً مهيمنـاً علـى الجبـل ولـه مصالـح إقتصاديـة وماليـة فـي منـع إقامتـه، سـوف يكـون محفـزاً إنمائيـاً للبلـدة وللجـوار مـن خـلال تأميـن آلاف فـرص العمـل وتحويـل المنطقـة الـى مركـز استقطـاب استثمـاري. ولذلـك فـإن المجتمعيـن، بمـا يمثلـون، يدعـون رئيـس البلديـة العميـد المتقاعـد فـؤاد هيدمـوس وأعضـاء المجلـس البلـدي، وخصوصـاً العسكرييـن المتقاعديـن منهـم، الـى الخـروج مـن حالـة الإرتهـان والتبعيـة والإستـزلام لأحـد الأحـزاب، والـى وعـي خطـورة ونتائـج التصرفـات والممارسـات التـي يقومـون بهـا، وهـي تصرفـات لا تعبـّـر عـن مناقبيـة المؤسسـة العسكريـة التـي تشـدّد وتحـرص علـى تطبيـق القانـون واحتـرام المؤسسـات. ونسـأل لمـاذا لـم تسمـح البلديـة لأصحـاب المرامـل باستثمارهـا يوميـن في الأسبـوع، بعـد موافقـة وزيـر الداخليـة، وذلـك أسـوة بباقـي المناطـق اللبنانيـة، ومـن يستفيـد مـن قـرار المنـع ولمصلحـة مـن؟”.
وأردف البيان: “لقـد أظهـرت الأحـداث المتتاليـة التـي شهدتهـا جـرود عيـن دارة خـلال الأشهـر الماضيـة ومـا رافقهـا مـن قطـع طرقـات ومواجهـات مـع السيـد بيـار فتـوش تحديـداً وحصـراً، إن البلديـة أصبحـت منحـازة تعمـل لخدمـة مصالـح جهـة سياسيـة معينـة هدفهـا منـع إقامـة المجمـع الصناعـي حتـى لـو أدّى ذلـك الـى سقـوط ضحايـا أبريـاء مـن أبنـاء البلـدة، وإننـا نستهجـن الأخبـار المؤكـدة عـن قيـام البلديـة بتركيـب كاميـرات مراقبـة خلـف مخفـر ضهـر البيـدر، وبفرضهـا مبالـغ ماليـة علـى الكسـارات غيـر المرخصـة، بـدل استفيـاء الرسـوم القانونيـة منهـا، بهـدف تمويـل ودعـم المسلحيـن الغربـاء عـن عيـن دارة، والذيـن يمارسـون شتـى أنـواع الإستفـزاز والتعـدّي. ونحـذّر مـن أن أعمـال الشغـب التـي يخطـط لهـا البعـض لـن تكـون فـي مصلحـة أحـد، ونناشـد فخامـة رئيـس الجمهوريـة ودولـة رئيـس مجلـس الـوزراء والـوزراء المعنييـن والقـوى الأمنيـة المسارعـة الـى معالجـة المشكلـة قبـل انفجارهـا مـن خـلال إعطـاء كـل صاحـب حـق حقـه”.
وختم البيان: “نطالـب المجلـس البلـدي، الـذي مضـى تسعـة أشهـر علـى انتخابـه، بمصارحـة أهالـي عيـن دارة وبتقديـم كشـف حسـاب لهـم عـن المشاريـع والإنجـازات التـي حققهـا والتـي يمكـن أن تساهـم فـي تطويـر وتنميـة البلـدة، وتأميـن فـرص العمـل لشبابهـا، كـي لا نأسـف علـى انتخابـه وعلـى الآمـال التـي وضعناهـا عليـه. فالحمـلات الإعلاميـة المبرمجـة والممولـة والبطـولات الوهميـة وعمليـات تشويـه الحقائـق التـي يقـوم بهـا البعـض، لا يمكـن أن تخـدم عيـن دارة وأهاليهـا فـي المقبـل مـن الأيـام”.
المختار أنطوان بدر
وصدر عن مختار عين دارة أنطوان بدر وعموم أهالي عين دارة، البيان التالي: “بعدما استنفذ السيد بيار فتوش أساليب إعداد الروايات الوهمية وتسويقها في محاولات يائسة لتجميل صورة “معمل الموت” الذي يزمع إقامته في عين داره، لجأ في محاولة يائسة اخرى الى إصدار بيانات باسم فعاليات وأهالي عين داره، يمدح فيها نفسه ويدعمها بحملة إعلانية على بعض شاشات التلفزة، وبلوحات على الطرقات لاستجداء حتى التفاتةً ولو ساخرة من الرأي العام، تضفي على أوهامه مسحةً من الحقيقة افتقدها تاريخه مع أهالي عين داره. وتأكيداً لعدم قناعة الرأي العام بالأضاليل التي يوزعها دعماً لفكرة انشاء “معمل الموت” نوردُ فيما يلي الحقائق التالية:
1- إننا وأمام الرأي العام نتحدّى السيد فتوش تسمية فعاليات وأهالي وعائلات عين دارة الذين اصدروا بيانات مؤيدة لإنشاء “معمل الموت”، فأبناء بلدتنا من خيرة الشرفاء وأكبر من أن يُصدروا هكذا بيانات، ولا يوجد بينهم من يرضى أن يبيع ضميره بحفنة صغيرة من الدولارات، كما نحتفظ بحقنا بمقاضاة من أصدر ونشرَ زوراً هذه البيانات المفبركة.
2- إن محاولات السيد فتوش تسويق “معمل الموت” إعلامياً وكأنه بات في مراحله الاخيرة وسيكون جاهزاً للإنتاج في العام ٢٠١٨ لإظهاره وكأنه أصبح أمراً واقعاً، ليس لها مكان إلا في مخيلته. فالترخيص الذي يتشدق به ما زال موضع نزاع قانوني لدى مجلس شورى الدولة، كما لم يتمكن لتاريخه من الحصول على رخصة إنشاءات من البلدية، والأهم من ذلك كله، أنه لن يحصل على الترخيص المطلوب من الشعب الذي هو دون سواه مصدر السلطات.
3- إن استعارة السيد بيار فتوش كلمة “الأرز” الأخضر إسماً لإسمنته الأسود، لا ولن تمنحه حق تلويث الهواء، وتسميم المياه وتصدير الأمراض القاتلة للاجيال القادمة، وتعطيه صك براءة عمّا اقترفته يداه في جبال عين داره على مدى خمسة وعشرين عاماً، ونعاهد الجميع أننا سنقف صفاً واحداً متحدين متراصين مع البلدية وأبناء وبلديات قرى الجوار في مواجهة إنشاء “معمل الموت”، ولا ندري لماذا لم يقرن حتى الآن إسم “الأرز” بكساراته التي أمعنت تشويهاً ونهشاً في جبالنا، طالما أنه اختار هذه التسمية لتغطية مخالفته كل القوانين و لأنظمة التي يتغنى بها مع اشراقة كل شمس.
4- نودُّ إفهام جميع المعنيين وبالفم الملآن، أن حقنا في أرضنا وهوائنا ومياهنا مقدّس، وقدسيته تتيح لنا استخدام كل الأساليب للحفاظ عليه، ومهما حاول دونكيشوت القرن الواحد والعشرين بث الاضاليل وتشويه الحقائق لسلبنا حقنا في الحياة، ستبقى محاولاته مجرّدَ أحلام إسمنتية لن تتحقق، ومن رَفَضَهُ أهله في زحلة لن يحصل على جواز مرور في عين دارة”.