يشهد بحر لبنان من وقتٍ لآخر مرور أنواع نادرة من الأسماك والأحياء البحرية، منها الوافدة أو الغازية، ومنها المهددة بالانقراض والمحمية باتفاقات دولية، حتى أن بعض أنواع هذه الأحياء البحرية كانت قد شارفت على الانقراض في بحرنا، بسبب التلوث واستعمال الطرق غير المشروعة في الصيد والاكثر ضررا على البيئة البحرية، كالديناميت والشباك الممنوعة واللانيت Lannate (نوع من المبيدات الحشرية).
وفي عودة بعض الأنواع للظهور مجددا، دليل واضح يؤكد قدرة البحر على استعادة عافيته، وهذا ما يضعنا أمام مسؤولية حمايته من كافة الانتهاكات التي تطاوله.
قبل ثلاث سنوات من اليوم اصطاد صيادو غزة اكثر من 200 سمكة من نوع “شيطان البحر” خلال يومين، وقاموا بعرضها كغنيمة بفخر على الشاطىء قبل ان يتم نقلها الى السوق، وقد اعتبرها الصيادون وقتذاك “عطية من الله” دون الالتفات الى تصنيفها من قبل “الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة”International Union for Conservation of Nature الــ IUCN على انها من الانواع المهددة بالانقراض.
الريس: مشهد مذهل
واليوم وبعد مرور هذا الوقت، وثق ميشال الريس عصر يوم أمس (السبت) مرورا لرتلين من اسماك “شيطان البحر” قبالة شاطئ الدامور بواسطة فيديو تم عرضه على صفحة sea Lebanon على موقع “فيسبوك”.
وأكد الريس لـ greenarea.info أنه قام بتصوير ما صادفه خلال قيامه برحلة صيد وأضاف: كنت أظن في البداية أنها دلافين بحرية نظرا لأحجامها الكبيرة وطريقة تحركها، لكن سرعان ما تبين لي بأنها اسماك Devil Ray “، وروى لموقعنا بأنها “مرت ضمن مجموعات وكانت تسبح ببطء”، وقال ايضا “لم يحالفني الحظ بالتقاط صور أفضل بعد ان تعطلت الكاميرا في هاتفي الجوال واضطررت لالتقاط الفيديو بطريقة السيلفي”.
وأشار الريس الى أنه “بعد ابتعادها عن مركبنا بدأت تقوم بحركات تشبه الاستعراض، فكانت تقفز فوق الماء وتعود إلى البحر”، وقال: “كان المشهد رائعا ومذهلا”.
باريش: تملك القدرة على الطيران فوق المياه
وأشار أخصائي البيولوجيا البحرية والحيوانات الغازية البروفسور ميشال باريش لـ greenarea.info إلى أن هذه السمكة تعرف باسم “شيطان البحر”، لافتا إلى أنها “تتميز من حيث الشكل بوجود قرنين في مقدمة الرأس، وطوق أسود خلف العينين، أما ظهرها فبني قاتم الى أسود تشوبه زرقة، والبطن أبيض”، ونوه باريش إلى أن لديها “ما يشبه الجناحين ولذلك فهي تملك القدرة على الطيران فوق المياه في حركات استعراضية”.
وأشار باريش أيضا إلى أن هذه السمكة تعرف باسم “سمكة الشيطان” Devil fish، أو “شيطان البحر المحيطي الضخم” Giant Devil Ray، لافتا إلى أن “اسمها العلمي Mobula mobular“.
وقال باريش: “إن العمر الافتراضي لشيطان البحر قد يصل الى نحو عشرين عاما”، لافتا إلى أن “هذه الأنواع تتكاثر عن طريق البيض الذي يفقس داخل بطن الأم فهي بيوض ولود، تلد مولودا واحدا أو إثنين”.
وبحسب البروفسور باريش أيضا “تتغذى هذه الاسماك على العوالق والاسماك الصغيرة احيانا واللافقاريات والقشريات الصغيرة، تسبح في أعماق تتفاوت ما بين السطح و 200 متر بشكل بطيء وحلزوني، ما يعرضها للوقوع بشباك الصيادين ويهدد حياتها”.
يمنع الاتجار بها
وأشار إلى أنها “تعرضت خلال الستين سنة الماضية إلى نفوق نصف اعدادها، تعيش في البحر المتوسط، وتنتشر في شمالي شرقي وغربي المتوسط، وقد سجل وجود اعداد قليلة منها في المغرب والسنغال وجزر الكناري، وتعتبر مهددة بالانقراض بشكل حاد عالميا، ومحمية بموجب اتفاقية برشلونة عام 2001 واتفاقية برن عام 2012”.
وأكد باريش كذلك أنه “يمنع الاتجار بها، أو عرضها للبيع، ويجب الافراج عنها وعدم تعريضها للخطر، وفقالـ (الاتفاقية العامة لمصايد البحر المتوسط) General Fisheries Commission for the Mediterranean الـ GFCM“.
تم تسجيل مرورها أمس السبت 4 شباط (فبراير) خلال تجوالها في بحر لبنان، وهي عبرت باتجاه فلسطين، لا تشكل سمكة شيطان البحر خطرا على الإنسان بعكس ما يوحيه الاسم الذي تحمله، وهو مرتبط بشكلها ووجود قرنين في رأسها فقط، ويجب الحفاظ عليها نظرا لتقلص اعدادها وتعرضها لخطر الانقراض، وتصنيفها من قبل الـ IUCN ناقصة البيانات لدى IUCN ووضعها على القائمة الحمراء للأنواع المهددة.