تغذي الطبيعة الأم محافظة طرطوس بالمياه من خلال ينابيع طبيعية تفجرت منذ آلاف السنين، فبالاضافة الى نبع السن المشهور (قرب بانياس) هناك أيضاً نبع جورة الحصان، نبع صالح، نبع كاف العسل، نبع بيت الشيخ يونس وغيرها. وتعاني المصادر الطبيعية جميعها من التلوث، ما يؤدي الى تحولها من ينابيع للمياه العذبة الصحية إلى مصدر للأمراض القاتلة.

فخطر تلوث المياه الجوفية والسطحية، كبير، تسببه إضافة الى مخلفات معاصر الزيتون (الزيبار) المنتشرة بكثرة في المنطقة، مصادر أخرى للتلوث تكمن في مياه الصرف الصحي، والتي تصدر من حوالي 300 مصرف، تنتهي 220 منها إلى الوديان والأنهار والأراضي الزراعية من دون معالجة، فيما تنتهي 45 أخرى الى البحر والباقي في أحواض ترسيب، وهي ليست اقل تلويثاً على المياه الجوفية، كما تشكل كل تلك المصبات مرتعاً خصباً لانواع الحشرات الناقلة للامراض في فصل الربيع والصيف.

 

بانياس… ضحية أخرى

 

بحسب التقارير الصادرة عن المنظمات البيئة الدولية، فإن نسبة التلوث في مدينة بانياس تصل الى 70 بالمئة، فهي إحدى أكثر مدن البحر الأبيض المتوسط تلوّثاً. وتضيف تلك التقارير أن نحو 50 بالمئة من المرضى الذي يراجعون مركز بانياس الصحي يعيشون بالقرب من مصفاة النفط والمحطة الحرارية، (التي تحرق خلال شهر أيلول/سبتمبر وحده ما يعادل 3000 طن من الوقود يومياً)، وتنفث كلا المنشأتين كميات هائلة من الملوثات السامة كأكاسيد الكبريت SO2 الذي تنفث منه حوالي 110 الف طن سنوياً، وغازي أول أوكسيد الكربون  وثاني أوكسيد الكربون CO2 الذي تنفث منه سنوياً حوالي 540 ألف طن في سماء المنطقة، اضافة الى المعادن الثقيلة مثل الرصاص والزئبق والكادميوم، وكلها مسرطنة وسامة.

 

أرواد تئن

 

في جزيرة ارواد الجميلة (عدد سكانها لا يتجاوز العشرين ألفاً) مكب للنفايات، الا انه ايضاً يعتبر مصدراً مهماً لتلوث مياه البحر قرب شواطىء الجزيرة الجميلة، حيث تجد بالاضافة الى ما ترميه السفن العابرة والراسية في ميناء طرطوس من نفايات، فإن شواطىء ارواد مليئة بكميات هائلة من أكياس نايلون وعلب كرتون، وغيرها من النفايات التي يتركها عمال النظافة بعد فرزهم للعبوات البلاستيكية والزجاجية والمعدنية وكل ما يمكن بيعه، واعادة تدويره.

 

التنوع البيئي مهدد

 

تقول تقارير منظمة السلام الأخضر Greenpeace أن محافظة طرطوس عموماً، تعاني من ملوثات عديدة تهدد التنوع البيئي والحيوي، بسبب العديد من المنشآت، فبالاضافة الى مصفاة بانياس وشركة نقل النفط، هناك محطة توليد كهرباء بانياس، ومعمل إسمنت طرطوس، الذي تسبب الأغبرة المنطلقة من مداخنه أمراض مزمنة، تجلت في الفترة الاخيرة بالنسبة العالية للمصابين بسرطان الرئة ممن يعيشون بالقرب من المعمل، إضافة إلى الملوثات الأرضية المتمثلة بالصرف الصحي ومخلفات معاصر الزيتون (الزيبار).

 

مشاريع لم تكتمل

 

وعلى الرغم من أن الحكومة السورية وقعت في عام 2000 اتفاقية مع بنك الاستثمار الأوروبيّ لتمويل مشروع لإنشاء محطة معالجة للصَّرف الصحي لمدينة بانياس وريفها، ومحطة صرف صناعيٍّ لمصفاة بانياس، كلفة المشروع المذكور ما يقارب 55 مليون يورو، إلا ان الحرب والعقوبات الاقتصادية التي فرضت على سوريا ادت الى توقف المشروع عام 2012.

وبذلك بقيت مدينة طرطوس والمناطق المجاورة تعاني من التلوث القاتل، فهل ترفع الدول الاوروبية وغيرها العقوبات المفروضة اولاً على الانسان وثانياً على البيئة قبل ان تكون مفروضة على الدولة السورية؟

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This