نشرت مجلة “ذي لانسيت” الطبية البريطانية بعد عامين على بداية الحرب السورية، رسالة بعثها كلٌّ من البروفسور مارتن ايتشنر من “جامعة توبينغن”، والبروفسور ستيفان بروكمان من دائرة الصحة الإقليمية في روتلينغن، تضمنت تحذيرا واضحا من عودة ظهور شلل الأطفال في سوريا والذي يمكن أن يهدد الدول المجاورة وكذلك أوروبا.

وشلل الأطفال مرض فيروسي معدٍ ينتج عن الإصابة بالفيروس السنجابي، يمكن أن يؤثر على أعصاب المريض، مؤدياً إلى شلل تام في غضون بضع ساعات، وقد يصل في بعض الأحيان الى الموت.

حول هذا المرض قالت طبيبة الأطفال ليديا غصن لـ greenarea.info أن “أعراض الإصابة بالمرض هي ارتفاع درجة حرارة الجسم وبعد ثلاثة أيام يظهر الضعف العضلي ويصيب الحركة وليس الإحساس”.

وأكدت أن “لقاح شلل الأطفال الذي  تمكن العالمان جوناث سالك وألبرت سابين في عام1957 من اختراعه متوفر في سوريا وبأفضل الأنواع (مصّنع في كوبا والصين)، وأن الأعراض الشائعة لشلل الاطفال مثل السعال، الإسهال، الرشح والحمى لا تؤثر على تناول هذا اللقاح، الذي هو السلاح الأساسي للوقاية من المرض”.

وبحسب تقارير “منظمة الصحة العالمية  WHOلعام 2015 انخفضت حالات الإصابة بشلل الأطفال على مستوى العالم بمعدل 99 بالمئة منذ عام 1988، ليصل عدد الاصابات الى 74 حالة فقط عام 2015″.

وتقول تقارير المنظمة الدولية أن الوضع في سوريا يختلف كلياً، فبعد أن كانت نسبة الأطفال السوريين الذين يحصلون على لقاحات، قبل الحرب، أكثر من 90 بالمئة. وبعد أن اختفى “شلل الاطفال” بشكل شبه نهائي منذ عام 1999، عاد للظهور نتيجة الحرب الدائرة في البلاد، وسوء الأوضاع الصحية، كشبحٍ مرعب يهدد أرواح آلاف الأطفال، وخصوصا في المناطق التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة (الرقة، دير الزور، إدلب، وقبلها حمص وحلب وريفهما).

وقد أشارت ذات التقارير الصادرة عن المنظمة الدولية، الى أن نحو خمسمئة ألف طفل داخل سوريا لم يتلقوا اللقاح ضد شلل الأطفال خلال عامي (2013-2014) بسبب انعدام الأمن وصعوبة التنقل. وأنه في بداية عام 2014 ابلغت وزارة الصحة السورية عن وجود 35 حالة في كل المناطق السورية الساخنة (25 حالة في دير الزور)، بسبب عدم وصول اللقاحات نتيجة ظروف الحرب، أما عن الوفيات، فقد أبلغت وزارة الصحة السورية المسؤولين في منظمة الصحة العالمية WHO، أنه توفي أكثر من خمسة عشر طفلاً في دير الزور، لعدم تلقيهم اللقاحات اللازمة، فيما توفي أكثر من سبعة وعشرين طفلاً آخرين في ريف إدلب، نتيجة تلقيهم لقاحات فاسدة.

وقد بذلت الجهات الحكومية السورية، بالتعاون مع المنظمات الانسانية (اليونسيف)UNICEF  والدولية (منظمة الصحة العالمية WHO)، جهوداً حثيثة لايصال اللقاحات للاطفال الى تلك المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة، إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل.

كما أطلقت الحكومة السورية حوالي 15 حملة تلقيح ضد “شلل الاطفال”، بدعم من منظمة الصحة العالمية  WHOواليونيسفUNICEF ، وعدد آخر من الشركاء في المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال، وكانت كلها مجانية، وفي كافة المحافظات والمناطق السورية، كان الهدف من تلك الحملات هو تلقيح جميع الأطفال الذين فاتهم التلقيح الروتيني بسبب عدم الاستقرار، وانعدام الأمن، كنتيجة منطقية للحرب الدائرة.

نعم، لقد أعادت الحرب السورية، العديد من الأمراض الى الظهور، بين الأطفال مثل الحصبة، اللاشمانيا ووباء الكبد الفيروسي، بسبب عدم حصول كل الأطفال على اللقاحات الروتينية، وبسبب الظروف غير الصحية في المخيمات التي يعيش فيها الكثير من النازحين السوريين الذين لم يحصدوا من الحرب سوى الفقر والتشرد والأمراض، فهل من حربٍ تقوم على المرض المتفشي “شلل الاطفال”.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This