ضبع مصاب وفي حالة إعياء، يرخي لسانه من ألم، شابان يمسكان به، يتقدم رجل ويضربه، الكل يضحك ويسخر، هذا ما تمكن greenarea.info من توثيقه بعد حصوله على فيديو مصور لا يتعدى الثواني المعدودات، لكنه جاء صادما، خصوصا وأن الضبع تعرض للتعنيف بسادية لا يمكن تصورها، لا يقرها عقل ودين، ولا يمكن التغاضي عنها كحادثة تفترض تحرك النيابة العامة البيئية والوزارات المعنية: البيئة، الداخلية والزراعة، فضلا عن البلديات المعنية.
الوجوه واضحة، يمكن تعميمها ومعرفة من قاموا بتعذيب الضبع، وهو موضوع على سيارة “بيك آب”، إذ لم يعد مقبولا التمادي والعبث بالحياة البرية والقتل المتعمد لأحياء وحيوانات والتباهي بالتقاط الصور وتعميمها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بطريقة فاضحة بعيدا من أية معايير إنسانية وأخلاقية، وهذ إن دلت على شيء، فعلى جهل وتخلف شديدين وعدم احترام للقوانين.
الضبع المخطط اللبناني، خلافا لكل الموروثات، حيوان لا يصطاد فرائسه، ولا يهاجم الإنسان حتى وإن كان في حالة جوع شديد، إلا دفاعا عن النفس، وهو حيوان بيئي بامتياز يقتات على الجيف والنفايات، وهو صديق الانسان في المحيط الذي يعيش فيه، وهو باختصار “عامل تنظيفات” لا يتقاضى أجرا، ويتسم بالخوف ما إن يشتم رائحة الانسان حتى يلوذ بالفرار، ولذلك يعتبر حلقة أساسية ومهمة في النظم الإيكولوجية البرية، وفي حال انقراضه سيدفع الثمن الإنسان من صحته أمراضا بسبب الجيف المتحللة.
وإذ نضع هذه الحادثة برسم المعنيين، لا بد من اتخاذ اجراءات سريعة وتدابير رادعة من سائر الجهات المعنية في الدولة لمعرفة مصير هذا الضبع ومحاسبة المعتدين عليه، والتشدد في ملاحقة كل من تسول له نفسه قتل ضبع، ولا بد من دور لوسائل الاعلام، لا سيما لجهة إدراج مادة إعلانية عن أهمية الضبع ضمن النظم البيئية، خصوصا انه من الحيوانات اللاحمة التي تتميز بدورها الاساسي في التوازن البيئي.
إن التمادي في قتل الضباع سيؤدي الى انقراضها، ويخل بهذه النظم، وقد شهدنا تضاؤلا في اعدادها مؤخرا، بسبب التمدد العمراني الذي ادى الى تقليص المساحات الخضراء وبالتالي تدمير موائل هذه الحيوانات، بالاضافة الى عمليات القتل المتعمد والعبثي التي تطاول بعض الحيوانات اللاحمة كالضباع المخططة والثعالب الحمراء.
ولا نعرف معنى مطاردتها وقتلها بدون مبررات، او نتيجة لاعراف سائدة وخرافات لا تمت للحقيقة بصلة، فالضباع المخططة هي حيوانات حذرة بطبيعتها، وهي فقط تسعى وراء غذائها، كما أن وجودها مهم للحد من انتشار الاوبئة، فهي تنظف البرية من الجيف تسحق العظام وتخلف برازا غنيا بالكالسيوم يفيد التربة ويغنيها.
وبعد سلسلة من الاتصالات تمكن greenarea.info من معرفة تفاصيل أكثر، وتبين أن التعدي وقع في بلدة صريفا – قضاء صور، وبعد تحريات اجراها الموقع، تبين أن الضبع قد نفق، وأن المعتدي يدعى (م. ن)، وقال الشخص الظاهر في الفيديو، ويدعى (م. ف) إنه ضرب الضبع وكان نافقا، وأن الأمر لم يعدُ كونه نوعا من المزاح.
ولا بد في هذا المجال إلا أن نثني على جهود كل من ساهم في كشف ملابسات هذه الواقعة، ولا سيما الناشط البيئي وسيم بزيع، والذي ساعد في الكشف عن هوية المعتدين.