لا تهمل “جمعية Green Area الدولية” أي شأن على صلة بالبيئة والطبيعة في لبنان والعالم، وتسعى دائما لمتابعة كل جديد في هذا المجال، ولا تتوانى عن استشارة الخبراء والأكاديميين وأهل العلم.

وفي هذا السياق، وبعد أن علم بوجود مغاور عدة في شمال لبنان، توجه فريق من الجمعية إلى سير الضنية وبلدة بخعون، مع فريق متخصص ضم خبراء في مجال استكشاف المغاور من  منظمةALES Liban Association Libanaise des Etudes Spelologiques ، إلى هذه المنطقة الرائعة من لبنان، وكان في استقباله مجموعة من أهل البلدة وأفراد من المجلس البلدي وهم أحمد الصمد وعلي حمادة، ورافقونا إلى موقعين في البلدة، شوهدت فيه تجاويف في الأرض، مع معالم شبيهة بما في المغاور من ترسبات من الصخور الكربونية على شكل صواعد Stalagmite وهوابط Stalactite، بالإضافة إلى صخور “منحوتة” بفعل المياه والعوامل الطبيعية ترقى لمئات الآلاف من السنين.

وكان قد اكتشف المواطن علي الشيخ من بخعون، وهو يحاول حفر قبو أسفل منزله هذه الصخور الرائعة، وعلمنا greenarea.info من مصادر خاصة بوجود هذه التجاويف في موقعين في البلدة، وتوجهنا بعد التنسيق مع مجموعة من منظمة  ALES Libanعلى أمل أن تستقطب هذه الأماكن الإهتمام من الدولة والمجتمع المحلي، وأن تتحول مقصدا سياحيا ينعش المنطقة سياحيا واقتصاديا ويرفع عنها الغبن الذي طاول الشمال نتيجة الإهمال من الحكومة والمسؤولين.

فريق منظمة  ALES Liban

 

تكون فريق استكشاف المغاور من منظمة  ALES Libanوكان بقيادة الناشطة غادة سالم، يرافقها سحر مروّد وإيلي البستاني مع فريق من Green Area الدولية، وأفراد من المجلس البلدي ومواطنين، وأكدت الناشطة سالم على أن “يعتمر الموجودون داخل التجويف الصخري خوذات وملابس خاصة لحمايتهم من الصخور كونها حادة للغاية”، وبعد معاينة الموقع الأول، قالت: “نحن اليوم في بخعون بأرض بيت العرب، وبرفقة أعضاء من المجلس الوطني ومجموعة من الأهالي وتبلغنا الخبر من جمعية Green Area الدولية، وهذا الموقع الأول ملك خاص، وكان المالك يحاول استثمار أرضه بهدف إقامة مسكن، وعثر على تجاويف في الأرض، وبعد إبلاغ البلدية، تم إيقاف الأعمال بهدف متابعة استكشاف التجويف الصخري”.

وأضافت سالم: “طبيعة الصخور في لبنان كربونية، التجويفات طبيعية بفعل المياه فيها وهذا التجويف صغير، ولا يبدو الأمر أكبر مما شاهدنا، ولا يبدو أنها أعمق من مترين، خصوصا أنها لا تحتوي على الماء، ولكن هذه التجاويف تم تكوينها على مدى ملايين السنين، وهذا التجويف نعتبره ميتا، كون المياه توقفت عن تعرية الصخور، ولم تعد لها تلك الخاصية الموجودة في المغاور الأخرى، كجعيتا ومغارة الزحلان القريبة من هنا”.

ومن ثم انتقلنا إلى الموقع الثاني، في منزل خاص تابع لعلي الشيخ، وأشار إلى أنهم حاولوا حفر قبو، ليُفاجأوا بوجود تجويفات منحوتة في الصخر، نتيجة المياه، وقام فريق خبراء المغاور، بمشارك Green Area، وبعد ارتداء الخوذات والملابس المناسبة بالزحف داخل تجاويف الصخور، ووجدوا تجويفين ضيقين يمتد كل منهما لمسافة تزيد عن 15 مترا وسطه حجرتان، إحداها يمكن الوقوف بها، كما يظهر في الفيديو.

الصخور تشبه الإسفنج

 

وقالت سالم: “ان 65 بالمئة من الأراضي اللبنانية تحتوي صخورا كلسية أو كارستية يمكن أن تكون فيها تجويفات فارغة وهذا لا يعني إمكانية دخولنا إليها، ووفقا للطبقة الجيولوجية التي تنتمي إليها يتحدد وجود هذه التجاويف أو المغاور، ويمكن أن تكون هذه التجاويف فعالة، والمياه لا زالت موجودة فيها ليتمكن شخص بعد مليون عام أن يدخل ويستكشفها”.

وأضافت:” إن تدخل الإنسان بالعمران يمنع المياه من التسرب والدخول لنحت الحجارة كما رأيناها، وأشبهها بقطعة إسفنج إن نزلت المياه عليها تصفيها وتنزل من الجهة الأخرى، لكن عند وجود عازل أو ما شابه، لا تنزل المياه، وبهذه الحالة فالصخور تشبه الإسفنج، ولكن الإسمنت والعمران حرمها من المياه، وبالتالي لا تذوب وتستمر في عملها لتكون المغاور، وبالتالي تجف المغارة ونعتبرها Fossil أي ميتة، فما دام هناك مياه تحتفظ بهذا اللمعان الجميل، ولكن عندما تزال المياه عنها، أو تؤخذ القطع كما حاصل هنا للاحتفاظ بها في المنازل تفقد قيمتها وتصبح مثل صخرة عادية لا بل تتقشر وتصبح غير جميلة”.

وأكدت سالم أن “المياه لا تزال موجودة هنا وتتسرب إلى التجويف وستستمر طالما لا يوجد ما يمنع المياه من الأعلى، ولكن نوعية الصخور هنا لا تسمح بوجود تجاويف أكبر مما رأينا، ونسميه تجويفا وليس مغارة لأن مداه لا يزيد عن 20 مترا، كما أن لا وجود لنبع إن كان هذا ما يرغب السكان الحصول إليه، فالتسرب يحصل من السطح عبر الصخور، مهما كان نوع المياه مطر، مياه سطحية وغيرها”.

وشددت سالم على “أهمية هذه التجاويف والمحافظة عليها، كونها أقدم بكثير من التحف الأثرية فهي تحتاج ملايين السنوات لتتكون، كما أنه من الخطر على أي فرد محاولة الدخول إلى هذه التجاويف دون خبير ومعدات معينة مثل الخوذات الواقية والأحذية المناسبة، فقد يسقط ويؤذي نفسه أو يصطدم رأسه ويفقد وعيه، ولن يستطيع أحد أن يخلصه”.

زعاطيطي: صخور كربوناتية

 

وقال الخبير الهيدروجيولوجي الدكتور سمير زعاطيطي لـ greenarea.info أن “هذه التجاويف الصخرية متشابهة بسبب تكوينها لمعظم المغاور والتجاويف على كامل الأراضي اللبنانية، وهي عبارة عن تفاعل العوامل الطبيعية مع صخور كربوناتية مشققة ومكسرة، تؤدي المياه إلى ذوبانها، والتفاعل بين العوامل الطبيعية وهذه الصخور يتم على مدى ملايين السنين، ما يؤدي إلى ظهور هذه الفراغات والتجاويف، وتساهم عمليات تنقيط المياه من سقوف التجاويف والمغاور إلى ترسب مادة الكربونات الذائبة، لتظهر الهوابط Stalactites، أما تنقيط المياه على أرض المغارة وترسبها فيشكل الصواعد Stalagmites”.

تجدر الإشارة إلى أنه يوجد في لبنان أكثر من 600 مغارة، وتعمل في هذا المجال أربعة نواد تعمل على استكشاف المغاور، وننوه بجهود أعضائها، فضلا عن مثابرتهم بهذا المجال بهدف المحافظة عليها، فهذه المغاور كنز لا يقدر بثمن، لا يجوز المس به، بل الإحتفاظ به سليما، ليبقى لأجيال قادمة، قد تقدر الطبيعة ومزاياها بشكل أفضل”.

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This