شغل الناشط البيئي وأحد مؤسسي شبكة APAF (Animals Pride And Freedom) طوني مصور أصدقاءه ومتابعيه على صفحته الخاصة على موقع التواصل الإجتماعي Facebook، بعد نشره شريطي فيديو: الأول لشاب يمارس تصرفا ساديا ويركل قطا بطريقة وحشية وكأنه كرة، بعد اجتذابه ليتناول الطعام من يده، ولم يكفه هذا الأمر، بل عاد ليكرر فعلته في الفيلم الثاني مع قط آخر.
وقد وصل أول شريط فيديو إلى موقعنا greenarea.info من عالم البحار والمحاضر في الجامعة الأميركية في بيروت كلية العلوم البروفسور ميشال باريش، وتواصل معنا لإيصال هذه القضية للرأي العام، والقيام بالتحقيق المطلوب للوصول إلى هوية مرتكب هذا الفعل اللاإنساني ومن كانوا معه، للإقتصاص منهم ومعرفة مصير القطتين.
الرحمة لا تتجزأ
وقد أثار شريطا الفيديو جدلا واسعا بين المتابعين، فمنهم من استهزأ “باهتمام الأغلبية بمصير قطتين، فيما مصير البشر مهدد وسط التحديات لجهة الضرائب الجائرة المفروضة على الناس وغيرها من المشاكل المحدقة بنا”، ورد طوني مصور على الجميع بعبارة “الرحمة لا تتجزأ، كلها حلقة متكاملة من يؤذي حيوانا لن تكون له رحمة على البشر والوطن والبيئة”.
وكانت شبكة واسعة من المتابعين قد بدأت تحقيقا موسعا بالتنسيق مع greenarea.info و APAF وجمعيات أخرى، فضلا عن وسائل التواصل المرئي والمسموع والمكتوب لمعرفة هوية المعتدي، بعد أن بات يعرف بـ “قاتل القطط”، في ظل قانون عقوبات مبتور غير واضح، لا يلحظ عقوبات جزائية بحق أشخاص يمارسون التعديات على الكائنات الحية التي تشاركنا مجالنا الحيوي، ولا يفي بأقل متطلبات الإدعاء الشخصي كأفراد وجمعيات ومجتمع على من يعتدي على البيئة وسائر كائناتها.
قانون لحماية الحيوانات والرفق بها
وكانت جمعية Animals Lebanon قد تقدمت بمشروع قانون لحماية الحيوانات والرفق بها مكون من 46 بندا، عملت عليه المحامية الأستاذة رنا صاغية من مكتب المحامي نزار صاغية، وقدمته لوزير الزراعة آنذاك الدكتور حسين الحاج حسن، ولكنه بقي في الأدراج ولم يتم إقراره، أو إجراء تعديلات، فالبند 42 من القانون ينص على أن “حق الادعاء منحصر بالجمعيات الحاصلة عىل العلم والخبر منذ ثلاث سنوات على الأقل، والتي تهدف وفق نظامها الأساسي إلى حماية الحيوانات أو الرفق بها، أن تتقدم بادعاء مباشر أو بشكوى مع اتخاذ صفة الادعاء الشخصي بشأن أي من الجنح المنصوص عليها في هذا القانون، وأن تتقدم مبراجعات إدارية للمطالبة بتنفيذ هذا القانون”، وفي هذا المجال.
حاولنا الإتصال بالمحامية رنا صاغية، وتعذر الإتصال بها لوجودها خارج البلاد، وأرسلنا رسالة عبر البريد الإلكتروني لنحاول معرفة إن كان بإمكاننا الإدعاء، ومتابعة الموضوع قضائيا ولم يأت الرد حتى تاريخه.
وفي التحقيق حول الأمر، توصلنا إلى معلومات كثيرة، إلا أننا ومن أجل الحصول على معلومات دقيقة وموثوقة، تابعنا مع جميع الناشطين، ووصلتنا صور عدة، وأرقام هواتف لأشخاص قد يكونون من المتعاونين أو الجاني نفسه، وقد توصلنا إلى اسم الجاني (ج. س)، وهو طالب في “جامعة البلمند” من سكان منطقة البترون، كما يمكن أن يكون إسم المطعم الذي كان مسرحا للاعتداء (ج. ل) في كفرحلدا – البترون.
تجاوزت تعليقات الإستنكار والتندر على هذه الحادثة على صفحات ناشطي مواقع التواصل الإجتماعي الآلاف، ولا نستغرب إن وصلت إلى أكثر من ذلك، خصوصا وأن ناشطين من مختلف أنحاء العالم، خصوصا من سويسرا اتصلوا بموقعنا greenarea.info للاستفسار عن وضع القطتين المصابتين، وإن كان بإمكاننا فعل أي شيء لمعالجتهما، فأكدنا للجميع متابعة الموضوع، لا سيما وأن ثمة معلومات غير دقيقة وصلتنا في البداية، عدنا للتأكد منها وتوصلنا بعدها إلى معرفة اسم الجاني الحقيقي، كما أن مصير القطتين لا زال مجهولا.
د. خطار: آفة على المجتمع
وكان لنا اتصال مع الطبيب البيطري والموظف في وزارة الزراعة الدكتور يحيى خطار فقال لـ greenarea.info: “ليس ثمة وصف ملائم لهذا التصرف، ولعل الأسلوب الأفضل في التصرف حيث لا يوجد قوانين في هذا المجال، هو النشر الواسع في الإعلام وعلى مواقع التواصل، لأن هذا الشخص يعتبر آفة على المجتمع، ونرفض هذا التصرف مع الحيوانات الضارة فكم بالحري مع الحيوانات الأليفة كالقطط التي تضفي طاقة إيجابية على كل ما حولها، أما بصفتي الوظيفية، وكطبيب بيطري إضافة إلى مدير عام الوزارة ومعالي وزير الزراعة نشجب جميعا هذا التصرف، ونحن نتعاون كوزارة زراعة مع كافة الجمعيات الأهلية المعنية بالرفق بالحيوانات، ونسعى لقوانين رادعة”، لافتا إلى “اننا بدأنا العديد منها خصوصا بما يخص الحيوانات البرية، والاتجار بالحيوانات النادرة”، وقال: “من المتوقع تطوير قوانين خاصة بكل الحالات الأخرى، ومنها الرفق بالحيوان”.
وأضاف: “لو كان هذا الحيوان مملوكا فيمكن التبليغ من صاحب العلاقة بصفة الإدعاء الشخصي، إلا أن هذه القطط قد تكون ضالة، وبهذه الحالة، ليس لدينا مجال لحماية الحيوان من شر هؤلاء الأشخاص المرضى”، وأكد خطار أن “عرض التعديات في الاعلام ووسائل التواصل الإجتماعي من شأنه أن يسرع في إقرار مثل هذا القانون”.
دراسة عالمية
وأكدت دراسات عالمية عدة، أن الذين يتعدون على الحيوانات هم مشاريع مرضى نفسيين وصولا لقتلة متسلسلين، فلا رادع نفسي أو عقيدي يمنعهم من القيام بهذه التجاوزات، فقد وجدت إحدى الدراسات أن بين 10 و25 بالمئة من الذين يعانون أمراضا نفسية تطلب الأمر إدخالهم مستشفيات نفسية، إذ كانوا يتعمدون الإساءة للحيوانات، كما أن موقع PETA نشر دراسة للباحث روبرت ريسلر Robert Ressler الذي عمل مع “وكالة الإستخبارات الأميركية” the Federal Bureau of Investigation (FBI) في دراسة شخصيات القتلة المتسلسلين، أشار فيها إلى أن “القسوة على الحيوانات ليست مجرد مؤشرات على وجود عيوب طفيفة في شخصية الفرد المسيء، بل هي أعراض اضطراب عقلي عميق”، وقال: “بعد أبحاث معمقة في علم النفس وعلم الجريمة تبين أن الناس الذين يرتكبون أفعال القسوة على الحيوانات لا تتوقف عند هذا الحد، وكثير منهم ينتقلون إلى ممارسة مثل هذه الأفعال مع البشر”.
وأكدت “جمعية Green Area الدولية” متابعتها هذه القضية للتوصل إلى الجاني ومعاونيه، وعلى القيام بحملة وطنية للإقتصاص منه ومن كل شخص تسول له نفسه التعدي على الحيوانات والبيئة من حوله بقوانين عقوبات رادعة، فضلا عن إنشاء خط ساخن للتبليغ عن كافة هذه التجاوزات، وصولا إلى إنزال عقوبة بحق الجاني، لتصبح هذه القضية سابقة قانونية يتم تطبيقها في كل حالة من هذه الحالات الشاذة.