يحتفل العالم اليوم بـ “ساعة الأرض” Earth Hour، وقد غدت حدثا سنويا الهدف تشجيع الأفراد والمجتمعات والشركات على إطفاء الأضواء والأجهزة الإلكترونية غير الضرورية لمدة ساعة، وخطوة تحمل في رمزيتها رسالة كونية تعيد تذكيرنا بما ينتظر الكوكب من تحديات تستهدف مصير الكوكب، مع تطور ظاهرة الاحتباس الحراري، وسط ما نشهد من تحديات تستهدف كافة أشكال الحياة على الأرض.
وتهدف هذه الاحتفالية تالياً، إلى رفع الوعي بخطر التغير المناخي، منذ أن أطلقت مدينة سيدني الأسترالية هذه الحملة في العام 2007، ونظمها “الصندوق العالمي للطبيعة” World Wildlife Fund الـ WWF ومنذ ذلك الحين، نما هذا العدد ليطاول أكثر من 7000 مدينة وقرية حول العالم.
لكن، هل تكفي “ساعة واحدة” لمواجهة ما يتهددنا من أخطار؟ ومن ثم ما الحاجة إلى الاحتفال بـ “ساعة الأرض” Earth Hour؟ وما الجدوى من إطفاء الأنوار والأجهزة الالكترونية غير الضرورية ساعة واحدة في الـ 365 يوما، ساعة من أصل 8750 ساعة؟ وهل نساهم في خفض الانبعاثات والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري؟

مصالح الدول

تلحّ هذه الأسئلة، ونحن نشهد كيف ينحو العالم نحو تبني سياسات مدمرة، إذ لم نرتقِ إلى حجم التحديات والأخطار المحدقة بنا، لا بل من المتوقع أن نشهد تراجعا على مستوى العالم حيال ما قُطع من التزامات، حتى أن مصير “اتفاق باريس” التاريخي (2015) الذي حدد هدفا متمثلا باحتواء الاحتباس الحراري بأقل من درجتين مئويتين بات في مهب المصالح الدولية الكبرى، والأمر لا يتعلق بسياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب فحسب، وهو غير مقتنع أساسا بما أكده العلم والعلماء، ويعتبر (ترامب) تغير المناخ “خدعة” ابتدعتها الصين، وإنما ثمة عوائق لا تقل خطورة، تبقى ماثلة من خاصرة مصالح الدول غير المستعدة للتخلي تدريجيا عن الوقود الأحفوري والاستثمار في الطاقات المتجددة، وهي تقدم مصالحها الخاصة على حساب المناخ ومستقبل الأرض.
صحيح ان هذه الاحتفالية وقد باتت تقليدا سنويا، تعتبر أكبر حركة بيئية عالمية تستهدف توحيد الجهود لمواجهة تغير المناخ، إلا أنها لا تتعدى كونها حركة رمزية تقتصر على إطفاء الأضواء لمدة ساعة، بدءاً من الثامنة والنصف وحتى التاسعة والنصف، وتصادف هذا العام في الخامس والعشرين من آذار (مارس) الجاري، وقد حدد الـ WWF تاريخ الاحتفال بـ “ساعة الأرض” في السبت الأخير من آذار (مارس) كل سنة، لقربه من موعد الاعتدال الربيعي، أي تساوي الليل والنهار، ولضمان مشاركة معظم مدن العالم في وقت متقارب من الليل في هذه المدن، حيث تنتقل “ساعة الأرض” عبر المناطق الزمنية حول العالم على التوالي.

حماية موارد الأرض
رغم الأسئلة والهواجس، لا يمكن إغفال أهمية هذه المناسبة، خصوصا وأن العالم اتحد على المشاركة في هذه الاحتفالية، وهذا يعني أن هناك إمكانية للاتحاد على ما هو أكبر، وليس أمراً عادياً أن يجتمع العالم بكافة دوله وشعوبه، ومن مختلف الأديان والأعراق على قضية بحجم تغير المناخ.
لكن من جهة ثانية، وبحسب الخطاب الرسمي للدول المشاركة من مختلف الدول، فإن هذه الاحتفالية تهدف للتوعية على مخاطر تغير المناخ، وفي ذلك افتئات على المواطنين، وكأن الأفراد هم من ساهم في تفاقم أزمة المناخ، فيما هم ضحية لسياسات دولهم ولأطماع الشركات المتحكمة باقتصادات العالم، وخصوصا في الدول النامية والفقيرة، فضلا عن أن تبعات تغير المناخ تطاول العالم مجتمعا، من خلال ما نشهد من مظاهر مناخية متطرفة لا تفرق بين شمال غني وجنوب فقير.
أسئلة مشروعة في عصر يحاصرنا فيه القلق والخوف من حاضر وغد، أسئلة بحجم كوكبنا الأزرق، كوكب الحياة والماء والشمس والخضرة والتنوع الحيوي، لكن ما ينقصنا ليس الوعي على ما تصور لنا بيانات بدأت تتصدر الاحتفالات المفترض أن تنطلق بعد ساعات قليلة، ما ينقصنا يبقى متمثلا في أنسنة اقتصاد الدول، وحماية موارد الأرض بعيدا من الاستنزاف… الخ.
سنطفىء الأضواء ساعة، لكن متى نضيء طريقا نحو غد أفضل، فيما المناخ في قبضة الدول الكبرى؟!

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This