ظهرت سمكة “شمس المحيط” Ocean sunfish قبالة شاطىء الدامور، طفت على صفحة المياه تاركة للأسماك تخليصها من العوالق، في علاقة تكافلية غالباً ما نراها بين أنواع عدة من الكائنات، بدت ضخمة غير متهيبة من اقتراب مركب نحوها، وسماع أصوات وحركة من كانوا على متنه، شباب من هواة الصيد البحري، استغربوا حجمها الكبير، ووثقوا حركتها وهي تسبح قبل أن تتوارى عميقا في المياه.

وفي ما نتابع من قضايا بيئية، ورصد الكثير من المخالفات والأعمال المسيئة للبيئة البحرية بشكل خاص، والبيئة بشكل عام، نجد أن ثمة وعياً حيال الكائنات البحرية المعرضة للانقراض، وأن الممارسات غير المسؤولة لا يمكن تعميمها، خصوصا وأن متابعتنا لاصطياد سمكة من نفس النوع، ألقت الضوء على هذا النوع الغريب من الأسماك الضخمة، لجهة أن لحمها ليس صالحا للاستهلاك، فضلا عن دورها في منظومة الحياة البحرية في البحر الأبيض المتوسط، وفي سائر بحار ومحيطات العالم التي تتواجد فيها، خصوصا وأنها تقتات على قناديل البحر، ما يؤكد أهميتها في التوازن البيئي، وقد تزامن ظهورها قبل يومين مع عودة قناديل البحر إلى الشاطىء اللبناني.

 

 

ممنوع صيدها

بعد مرور أقل من شهرين على صيدها وتقطيعها وبيع لحمها في طرابلس، عادت سمكة “شمس المحيط” وتعرف أيضا بالـ “مولا مولا” Mola Mola لتظهر من جديد بالقرب من الدامور، وقد غدت شهيرة نظرا لمواكبة الناس لهذه السمكة وانتشار صورها على وسائل التواصل الاجتماعي، ذلك أن أكثر ما استوقفهم كونها سمكة غريبة ونادرة، فضلا عن شكلها وكبر حجمها.

وقد أثار صيدها في مدينة طرابلس اهتمام المعنيين، وسط مخاوف عبر عنها بعض العلماء الخبراء والمسؤولين، لاحتمال ان تكون سامة، ويوم تم اصطيادها ابدى بعض الصيادين والمواطنين استهجانا من حيث تسميتها ونوعها، وما إذا كانت سمكة مقيمة أم غازية، وتضاربت الآراء حول صلاحية أكلها ام لا.

وهذا ما استدعى تدخل وزير الزراعة غازي زعيتر، وأكد يومها لـ greenarea.info أن “الأسماك المسموح صيدها معروفة وواضحة بالنسبة للصيادين”، ولفت إلى أن “كل شخص عليه أن يتحمل المسؤولية عند مخالفته القوانين المرعية الإجراء”، مشيرا إلى أن “هناك قانونا واضحا، حددت من خلاله أنواع السمك المسموح صيدها”، فيما أصدر محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا تعميما أكد فيه أنها من الانواع غير المسموح صيدها ومن يصطادها سيلاحق ويعاقب بموجب القانون.

مفيدة في بيئتها

وظهرت عند شاطىء الدامور وهي تسبح مطمئنة، وقد تعرف عليها هاوي الصيد ميشال الريس مباشرة، وسماها باسمها، وقال انها من نفس نوع السمكة التي تم اصطيادها في طرابلس، وفي حديث مع احد اصدقائه خلال توثيقه لمرورها بالفيديو، قال انها غير صالحة للاكل، وقد بدا متفاجئا بحجمها الكبير، بالاضافة الى انه ذكر ان بعض الاسماك تقتات على العوالق الملتصقة بها، في تأكيد لما كان قد ذكره أخصائي البيولوجيا البحرية وعلوم البحار البروفسور ميشال باريش

لـ greenarea.info بأنها “تصعد نحو السطح لتنظفها الاسماك والطيور من العوالق من العوالق البحرية”.

هذه المرة وثقها الريس في فيديو وهي تسبح على سطح المياه بسلام، لم يحاول اصطيادها لانه يعلم جيدا انها مفيدة في بيئتها، فقد جاءت بالتزامن مع انتشار كثيف لقناديل البحر، ما يفسر تواجدها بالقرب من مصدر غذائها الاهم.

على القائمة الحمراء

وبحسب باريش فهي “من نوع Ocean sunfish Mola Mola، وتعرف باسم (سمكة شمس المحيط)”. وأضاف باريش: “هي من الاسماك الثقيلة وزنا، إذ يصل وزنها إلى ألف كيلوغرام، وهذا النوع من الأسماك يعيش في معظم البحار، وينتشر في المياه الدافئة والمعتدلة في كافة المحيطات”، ولفت إلى أن “هذه السمكة تطفو غالبا كورقة على سطح الماء وتبدو كأنها بدون نصفها الخلفي وذلك بسبب عدم امتلاكها الزعنفة الذيلية، اي أن زعنفتها الذيلية شبه بتراء (caudal fin truncate) أما الزعنفتان الصدريتان مستديرتان rounded pectoral fins”.

وأشار باريش إلى أن “جلدها سميك جدا وخشن (thick and rough skin)، وجسمها مسطح افقياً، وتمتاز بفمها صغير، وتعتبر قناديل البحر غذاءها الرئيسي، كما انها معرضة للخطر عند ابتلاعها اكياس النايلون (البلاستيك)”، لافتا إلى أن “لحمها غير مستساغ وقد يكون ساما”، وتتواجد سمكة شمس المحيط عادة على أعماق مختلفة بين السطح وعلى عمق 400 متر، تظهر نادرا في بعض المناطق ضمن مجموعات، وتعتبر من الفقاريات الاكثر خصوبة بحسب موسوعة غينيس بوك (Guinness book of world records)، تضع حوالي 300 مليون بويضة، كما أنها تسبح بطريقة مختلفة عن باقي الاسماك، وغالبا ما تسبح بطريقة جر نفسها، ولأنها تعوم بهذه الطريقة تكون معرضة لالتصاق الطفيليات بها، هذه الطفيليات تزعجها لاحقا فتقصد المناطق التي تتواجد فيها الاسماك لتخلصها منها، أو تقصد سطح الماء حيث تقوم النوارس بهذه المهمة.

وبحسب باريش، فإن “طعم لحمها غير مستساغ وقد يكون ساما، ولكن تعتبر هذه السمكة وجبة طعام شهية في بعض اجزاء العالم مثل اليابان وكوريا وتايوان بعد إزاله السموم منها، فهي غير صالحة للأكل ولا أهمية لها في الصيد، تعلق في شباك الجرف والشباك العالية والمبطنة، والجدير بالذكر أيضا أنها غير خطرة وغير مؤذية للانسان”.

هذه السمكة مصنفة على القائمة الحمراء لـ “الاتحاد الدولي لصون الطبيعة” الـ IUCN، اي أنها مهددة بشكل خفيف للانقراض، أما الاتحاد الاوروبي فمنع صيدها وبيعها نهائيا، وأشار باريش إلى “اننا اعتدنا ومنذ زمن بعيد رؤيتها في بحرنا، وفي كل عام تقريبا تعلق بشباك أحد الصيادين”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This