تتزايد الحاجات إلى المياه العذبة في لبنان وبلداننا العربية والعالم. فالموارد المائية محدودة، وهي إلى تناقص في بعض المناطق بسبب تفاقم آثار التغير المناخي المترافقة بارتفاع لدرجات الحرارة وتناقص بكميات المتساقطات وبازدياد الجفاف عموما.
تقرير جديد للأمم المتحدة (التنمية المائية العالمية 2017) الذي صدر بمناسبة اليوم العالمي للمياه، يقول بأن كميات المياه المبتذلة المصروفة يوميا في مختلف عناصر البيئة، إذا ما عولجت يمكنها أن تلبي حاجات كثيرة للمياه العذبة الآمنة، وكذلك توفر موادا أولية لتوليد الطاقة والأسمدة الزراعية.
إن معالجة المياه المبتذلة وإزالة الملوثات منها سوف تخفف إلى حد كبير آثار التلوث على البيئة وعلى الصحة البشرية. ويمكن القول أيضا أن تحسين إدارة المياه المبتذلة يتوافق كليا مع تحقيق أهداف التنمية المستدامة المنصوص عنها في الأجندة 2030 SDGs.
تتطلب المياه المبتذلة المتدفقة من بيوتنا ومعاملنا ومزارعنا ومدننا عناية خاصة لنعالجها ونعيد استعمالها بأمان في مجالات مناسبة. إن العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة يدعونا جميعا إلى تخفيف كميات المياه المبتذلة غير المعالجة والمصروفة إلى البيئة بحرا ونهرا وأرضا، وإلى زيادة الإستعمال الآمن للمياه المعالجة والخالية من الملوثات.
يركز تقرير الأمم المتحد على البعد الصحي والبيئي لمعالجة المياه المبتذلة، خصوصا في البلدان النامية، حيث سوء إدارة مياه الصرف الصحي ورميها عشوائيا في أوساط البيئة يؤدي إلى تلويث خطير للموارد المائية والأنهر والينابيع وأحواض المياه الجوفية، كما يحصل عندنا في لبنان، إذ أن التلوث الخطير الذي يعاني منه نهر الليطاني وبحيرة القرعون، وكذلك معظم مواردنا المائية، يعود بالدرجة الأولى إلى تصريف المياه المبتذلة غير المعالجة في مجراه مباشرة أو في روافده وحوضه.
إن المياه الملوثة بالجراثيم والنيترات والفوسفات والمذيبات والمواد العضوية ترمى في الأنهار والبحيرات، وتنتهي في البحار والمحيطات مهددة بآثارها السلبية الثقيلة سلامة البيئة وأمان الصحة العامة.
إن المياه المبتذلة هي مصدر للمواد الأولية. فبالإضافة إلى المياه الآمنة والصالحة للإستعمال بعد المعالجة في الري وكذلك في استعمالات أخرى، تعتبر المياه المبتذلة مصدرا محتملا لمواد أولية تحدث عنها التقرير. إن التقنيات الحديثة لمعالجة المياه المبتذلة تسمح باسترداد أكثر من 20 بالمئة من المغذيات الفوسفورية والبوتاسية والنيتراتية لتستعمل كأسمدة في الزراعة.
ومن جهة أخرى، إن المواد العضوية الموجودة في المياه المبتذلة يمكن أن تستعمل لإنتاج البيوغاز الغني بالميثان، عبر الهضم اللَّاهوائي للوحول المتولدة عن معالجة مياه الصرف الصحي، والبيوغاز يستعمل لتوليد الطاقة الحرارية والكهربائية.