تغطى الغابات الطبيعية في سوريا حوالي ربع مليون هكتار تتنوع فيها الاشجار الحراجية، وهي غابات متوسطية تمتد الكثير من ساحل البحر إلى اعالي الجبال، يطغى فيها  الصنوبر، الكستناء، البطم ، الشوح، الحور، الزيتون، اللوز البري، اللزاب والسنديان.

والسنديان دائم الخضرة، لا يعطي ثمراً قبل بلوغ العشرين عاماً، يطلق الفلاحون على ثماره (البلوط) وهو ذات طعم مر، خشبه صلب قاسٍ، ومثالي للاستخدام المنزلي، حيث يعد فحم السنديان الاول من حيث النوعية، لذلك فقد طاولت أيدي الفحامين (صانعي الفحم)، وكذلك أيدي الحطابين بدون رحمة، فالناس يحتطبون بهدف الحصول على وقود بديل للمازوت، من غابات السنديان في سوريا دون رحمة، مهددة اياها بالانقراض، إلا أن القصف المتبادل بين أطراف الحرب في سوريا، كانت له اليد الطولى في إحراق الكثير من غابات السنديان، وخصوصا في جبال اللاذقية.

وينتشر السنديان في مناطق عفرين (جنديرس)، طرطوس (الصفصافة – ضهر مطر –السودا – عورو) واللاذقية (حلبكو – الريحانية – الربوة) حيث تشغل غابات السنديان ما مساحته 40 بالمئة من إجمالي الغابات الحرجية هناك، وتصنف غابات السنديان على أنها بيئة مثالية لحياة جميع الحيوانات البرية، لذلك قد تجد فيها شتى أنواع الحيوانات من طيور (النسر الاقرع – العقاب – الشحرور – الباشق – الغراب الزيتون والبوم)، قوارض (السنجاب السوري والارانب) وثدييات (الخنزير البري – نمور – ضباع – ثعالب ودببة) زواحف وحشرات، تتغذى جميعها من أغصان وأوراق السنديان.

في حديث مع المهندس الزراعي محمد حسن من قرية الصفصافة بطرطوس قال لــ greenarea.info: “يُعمر شجر السنديان أجيالاً وأجيال، وقد يعود ذلك الى قشرته القاسية، ولبه الذي لا يأتيه العطب أو الضرر خلال فصول السنة كلها، حيث يوجد في بعض قرى طرطوس اشجار سنديان عمرها حوالي 300 عام أو أكثر، ولا تزال بوضعها السليم، فضلا عن وجود بعض الاشجار التي يتجاوز قطرها الثلاثة أمتار، في حين يصل طولها إلى حوالي ثلاثين متراً”.

ويضيف حسن قائلاً: “السنديان صديق الفلاح، فأوراقه وثماره وجذوعه وجذوره كلها ذات فائدة، الا أن ما يحز في النفس هو الجريمة الكبيرة التي يتعرض لها هذا النوع من الاشجار بسبب الحرب وقلة الوقود، وتوجه الناس الى تحطيب شجر عمره يزيد على مئة عام وأكثر واجتثته. الخوف كبير من اختفاء غابات باكملها بعد الحرائق التي سببتها نيران الحرب المشتعلة وخصوصا في مناطق مثل كسب وصلنفة وغيرها”.

الدمار الذي لحق بالغابات عموماً وبغابة السنديان خصوصاً، دفع الدولة السورية الى اتخاذ اجراءات للحد من الدمار والتعويض عن كل شجرة احرقت خلال الحرب، فقد وقعت وزارتا البيئة في كل من سوريا وكوريا الشمالية، اتفاقيات للقيام بحملات تشجير قالت إن تعدادها يقارب 23 مليون غرسة. كما رصدت وزارة الزراعة السورية، مبلغاً يقارب ملياري ليرة سورية بهدف استعادة خسائر الثروة الحراجية، رغم أنه ليس هناك احصائيات نهائية، الا ما ورد في تقارير سابقة للوزارة ذاتها، تشير الى أن الدمار بسبب الحرب قد طال 50 مركزاً لحماية الغابات ومقتل 13 عاملاً، إضافة إلى أن عدد المفقودين من العمال بلغ 150 عاملاً.

بانتظار ان تتوقف رحى الحرب الدائرة في سهول وجبال البلاد، والتي تكاد تأتي على الاخضر واليابس، لا يزال السنديان شامخاً صامداً، بوجه الايدي المجرمة وفؤوس الحطابين التي لا ترحم، وفي وجه تلك الحرب التي تسبب يوماً بعد يوم نزفا كبيرا في البيئة السورية، التي تعد واحدة من اغنى البيئات في العالم.

 

 

 

 

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This