في سياق الاحتفالات بأعياد سيناء في شهر نيسان (أبريل) من كل عام، والتي تحييها جمهورية مصر العربية بمناسبة الذكرى السنوية لتحرير سيناء المصادف الخامس والعشرين من الشهر الجاري، نظم “نادي علوم الأهرام” Al Ahram Science Club لقاءً علمياً تحت عنوان “نباتات سيناء الطبية المهددة بالانقراض”.
شكل هذا اللقاء منصة علمية للإطلال على بيئة سيناء، ولا سيما البيئة النباتية، وما يتهددها من أخطار ناجمة عن عوامل عدة، بدءا من تغير المناخ مرورا باستنزاف الموارد وغيرها من العوامل، وصولا إلى التلوث والرعي الجائر، فضلا عن الأنواع النباتية الغازية التي تمثل تحديا يواجه النباتات المستوطنة.
وقدم عالم النبات المصري، أستاذ علوم الوراثة وتصنيف النباتات بكلية العلوم في “جامعة حلوان” Helwan University، الدكتور عبد الفتاح بدر Abdelfattah Badr مداخلة، أشار ها إلى أن ثمة “أربعين نوعا من نباتات سيناء الطبية مهددة بالانقراض نتيجة شيوع الاحتطاب، والرعي، والحصاد الجائر والتلوث بأشكاله المختلفة والأنواع الغازية والتطورات المناخية”.
وشدد الدكتور بدر، بحسب “وكالة أنباء الشرق الأوسط” على “دعم محمية (سانت كاترين) Saint Catherine من خلال استكمال شبكة الرصد المناخي داخل أقسام المحمية”، مطالبا “بتحديث وحدة نظم المعلومات الجغراة وإغلاق المناطق التي تضم نباتات مهددة بالانقراض لحمايتها من الرعي الجائر”، ومؤكدا في الوقت عينه على “زيادة النباتات المستزرعة والتصدي لمشكلة الجمع الجائر للأخشاب”.
النباتات الطبية والعطرية
وأشار الدكتور بدر إلى أنه ينمو في جمهورية مصر العربية “أكثر من 2075 نوعا من النباتات البرية، تضم 13 نوعا من النباتات المرصودة في دساتير الأدوية، منها 60 نوعا مستوطنا في مصر ولا ينمو في أي مكان آخر في العالم”، لافتا إلى أن “هناك 384 نوعا تستخدم في الأغراض الطبية”.
ولفت إلى أن “46 بالمئة من النباتات الطبية المصرية التي سجلت لها معارف تراثية تنمو في سيناء 36 بالمئة في الساحل الشمالي الغربي، 8.7 بالمئة في جبل علبة 9.5 بالمئة في واحات الصحراء الغربية”، منوها إلى أن “حجم التداول السنوي بالنباتات الطبية والعطرية في السوق العالمي يزيد على 14 مليار دولار، واحتلت مصر المركز السابع بين الدول المصدرة لها”.
العلاج والاستطباب من أيام الفراعنة
وعرض بدر لنماذج من النباتات الطبية بسيناء ودورها في العلاج والاستطباب، ومن نباتات سيناء كف مريم يستعمل كمطهر في حالات عسر الولادة، وشيح جبلي وشاي جبلي لعلاج الآلام الروماتيزمية وطارد للديدان المعوية ويعالج مرضى السكر والمغص المعدي، والعشار لعلاج مرض الدوسنتاريا والنقرس وطارد للغازات ويمنح الحيوية للرجال، ويعالج آلام فقرات الظهر والساموا لعلاج السكر وطرد السموم”.
ولفت إلى أن “العرعر النيقي الذي ورد في برديات مصرية قديمة (منذ أيام الفراعنة) في بردية هيرست وإيبرز كوصفات لتسكين الآلام وأمراض القلب والصرع وإلتهابات المسالك البولية وتسكين المغص الكليى وحالات الحمى وآلام المفاصل وعلاج الحروق، صنعوا منه شرابا لعلاج النزلات المعوية والسعال والربو، والبردقوش (المردكوش) البرى والزعتر السيناوي لعلاج الربو والأمراض الصدرية، ولقمة النعجة لعلاج إلتهابات الأغشية المخاطية والدوسنتاريا المزمنة والجعدة، ومسك الجن كفاتح للشهية وطارد للبلغم وخافض للسكر”.
موسوعة علمية لنباتات مصر
ولفت إلى أنه تم تنفيذ “مشروع حماية النباتات الطبية” من عام 2003 إلى 2008، وإنشاء “جمعية النباتات الطبية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية” عام 2008، وتم إشراك السكان المحليين في سيناء في إدارة الموارد الطبيعية في المحمية وبرنامج المدرسة الخضراء الذي يهدف لإنشاء حدائق للنباتات المحلية في 21 مدرسة، ضمن محمية “سانت كاترين”، ودعم البدو في زراعة 17 حقلا لإنتاج النباتات الطبية وتسويقها وإنتاج العسل الجبلي وتصميم 150 منتج طبيعي محلي من خلال دعم الحرف اليدوية”.
وتحدث في اللقاء أيضا مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بسيناء الدكتور عبد الرحيم ريحان، فأشار إلى أن النباتات الطبية بسيناء تشكل منظومة واحدة في خطة الدولة لتنشيط السياحة بسيناء من سياحة الآثار والسياحة العلاجية والبيئية”.
ضوابط طبية وقانونية
وبحسب “صحيفة الأهرام” طالب ريحان “بتقنين علمي طبي لاستخدامات الأعشاب الطبية في سيناء ومصر عامة، باستخلاص أدوية معترف بها دوليا”، ورأى أن “لمصر حق ملكية فكرية لها لأن استخدامات الأعشاب دون تحديد جرعات معينة أو طريقة الغلي والاستخدام لها ستعود بالضرر وربما التسمم على مستخدمها، ووضع قوانين منظمة لذلك، ومنع الانتشار العشوائي للعلاج بالأعشاب دون ضوابط طبية وقانونية”.
ومن جهته، أكد أشرف أمين المشرف على نادي علوم الأهرام على “ضرورة الاستفادة من خبرات الغرب في هذا الإطار، خصوصا ألمانيا حيث قام الدكتور عبد الفتاح بدر بعدة دراسات ومشروعات وأطروحات علمية مع الجانب الألماني، مطالبا بتحديد أطر عملية محددة لحماية النباتات الطبية”.
