ليس في جبل لبنان قرية يشهد لها بـ “الغيرة البيئية” على كامل مساحتها ونطاقها المترامي الأطراف والمشرف على العاصمة بيروت مثل بلدة عاريّا (قضاء بعبدا)، وقد تابعنا في موقع greenarea.info قبل أشهر عدة مبادرتها المتمثلة ببناء أول منشأة لمعالجة الصرف الصحي، وهي المشهود لها بنشاطاتها البيئية المتعددة، منها تشذيب أشجار الصنوبر وتقليمها على الطريق العام (بيروت – دمشق) والطرق الداخلية واستحداث حدائق عامة، فضلا عن نشاطات تثقيفية ورياضية مثل إنجاز مشروع المكتبة العامة، والملعب البلدي وصالة شوليه الرياضية، خصوصا وأن مشروع التوأمة مع هذه البلدة الفرنسية (شوليه)، يعتبر من مشاريع التوأمة القليلة الناجحة في لبنان.

حديقة صنوبر

وكان آخر هذه النشاطات يوم الخميس الماضي في 6 نيسان (أبريل) مع إطلاق حملة لإنشاء “حديقة الصنوبر”، وقالت المسؤولة الإدارية والمالية في بلدية عاريّا ميلاني شاهين لـ greenarea.info عن النشاط “هو مشروع ممول من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID ويندرج ضمن برنامج “بلدي” الذي تنفذه كاريتاس لبنان، وبمشاركة مساهمين في تحضير المشروع من البلدة مثل الهيئة النسائية، جمعية تطوير، جمعية ACAD، ووقف كنيسة سيدة النجاة في عاريّا، وكانت المناسبة بمشاركة رؤساء بلديات ساحل المتن الجنوبي مع فاعليات من البلدة”.
وتقوم الغابة على مساحة حوالي عشرة ألاف متر مربع، تحتوي 108 شجرة صنوبر، والمشروع يهدف إلى تأهيلها بممرات مناسبة لذوي الحاجات الخاصة، ومقاعد صديقة للبيئة وإضاءة على الطاقة الشمسية، فضلا عن استحداث كافتريا طبيعية دون استخدام الباطون أو أي مواد مصنعة كون المنطقة منحدرة ويمكن استعمالها كقاعة احتفالات للمناسبات العامة والخاصة، فضلا عن مكان لتخييم الكشاف”.

بجاني: كلام لا أساس له من الصحة

أمام هذه “البانوراما” الحافلة بالإنجازات على المستويات كافة والبيئية منها خصوصا، كانت أخبار قد وصلت greenarea.info حول سعي المجلس البلدي في عاريّا برئاسة بيار جرجس بجاني لإنشاء مجمع لمعالجة النفايات من القرية واتحاد بلديات ساحل المتن الجنوبي في مشاع للبلدة تبلغ مساحته 100 ألف متر مربع، وكما عودنا في greenarea.info قراءنا ومتابعينا، بوضع كافة المعلومات التي تردنا بين أيديهم متوخين فيها الدقة والمعلومات الشاملة، والخبر اليقينفيه، فضلا عن اعتماد آراء الخبراء والأكاديميين والمعنيين، تواصلنا في البداية مع رئيس البلدية، لنستوضح منه هذا الأمر.
وقال بجاني لـ greenarea.info: “هذا كلام لا أساس له من الصحة، كنا فعلا بإطار البحث عن حلول في حال توقفت الدولة عن معالجة النفايات وتركها في قرانا، لم نقرر ولم نقم بأي خطوات، وسافرنا ضمن وفد لمشاهدة منشأة خاصة بمعالجة النفايات مع مجموعة من الجامعة اليسوعية في زيارة علمية إلى فرنسا، ووجدنا أنه مكلف جدا، ولا قدرة لبلدياتنا على تنفيذه، وكلفته 600 مليون دولار، وهو يفوق إمكانيات بلدياتنا مجتمعة، وقال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أنه سيحل مشكلة النفايات، فصرفنا النظر عن الموضوع”.
وأضاف: “هو كلام صادر عن أشخاص يدعون محبة البيئة، فلا يزايدنّ أحد علينا في خوفنا على بلدتنا والمنطقة وغيرتنا على مصالحها”، وأشار إلى أن “هذه المنشأة موجودة داخل مدينة باريس وثلثي تكلفتها في الفلاتر ومعالجة الأدخنة الناتجة عن المعالجة، وهي تحرق 500 ألف طن سنويا وتخدم مليون إنسان، وكل همنا هو إيجاد طريقة للتخلص من النفايات في حال امتنعت الدولة عن جمع هذه النفايات”.
أما عن خطوات حل مشكلة النفايات خصوصا في مجال التدوير، قال بجاني: “في الحازمية تكدست النفايات المدورة، ولا يأتي أحد لجمعها، لسنا متجهين لأي حلول اعتباطية، ولكن كنا نتداول مع رئيس اتحاد ساحل المتن الجنوبي رئيس بلدية فرن الشباك ريمون سمعان، كانت الفكرة أنه لدينا قطعة أرض صناعية من الممكن اعتمادها في حل على شكل معمل تفكك حراري مع الإتحاد الأوروبي بمواصفات علمية، ولكن هذا الحل من الصعوبة اعتماده بإمكانياتنا، وقد رفضنا سابقا معمل الكومبوست الذي عرضه علينا الإتحاد الأوروبي كونه يطلق روائح كريهة مع أن الأرض بعيدة، ولا زلنا في إطار التفتيش عن حلول، خصوصا وأن المشكلة آتية في حزيران (يونيو) مع توقف مطمر الكوستابرافا عن استقبال النفايات”.

IMG_3963

الأحمدية: حل غير مجدٍ بيئيا وتقنيا

وفي اتصال مع رئيس “جمعية طبيعة بلا حدود” المهندس محمود الأحمدية عن رأيه باستحداث محرقة في أي منطقة في لبنان، قال: “كما نعلم وبشكل عام هناك 3 طرق لمعالجة النفايات وهي الطمر والحرق وتدوير النفايات، وقد تناولها موقع greenarea.info، وكثير من المواقع ووسائل التواصل والإعلام المرئي والمسموع بإسهاب”.
وأضاف: “لنعد لمسألة المحارق، فإن أهم دولتين استخدمتا المحارق وأحدث أنواعها هما فرنسا واليابان، وقد أتلفت فرنسا ثلثي المحارق الموجودة على أراضيها، كما أن اليابان أتلفت غالبيتها، ايمانا بما لمسوه لمس اليد من مخاطر، وأعطي مثلا من فرنسا بحكم دراستي فيها وعلاقتي مع العديد من الاصدقاء، وهو من منطقة Bretagne، فقد لاحظت وزارة الصحة والبيئة والأطباء والناس أن نسبة الأمراض السرطانية في هذه المنطقة خصوصا لدى الأطفال أكثر 4 مرات، فعند عملية الحرق لمختلف النفايات، فإن الغازات المتطايرة السامة والرماد تصل إلى المراعي والعشب الأخضر، وهي جزء من الدورة الغذائية للأبقار والحيوانات الأخرى، وبالتالي تصل إلى حليب الأطفال”.
وقال الاحمدية: “مع هذا العدد الكبير من أعداد المصابين بالسرطان، ومع تكرر الحالات تأكدوا من ارتباط هذا الأمر بالمحارق، لذا فهم يتخلصون شيئا فشيئا من هذه المنشآت، وبرأيي فالسبب الأساسي لتمسك البعض بهذا الحل وبكل وضوح هو استسهال قبض العملات عن طريق شراء هذه المحارق لتنتفخ بعض الجيوب، لأن هناك خطر الفساد، ومن ناحية أخرى فالأخطر أن بعض هذه المنشآت وخصوصا المتقدمة علميا بحاجة لأيد متخصصة وأدمغة إدارية لإدارته”.
ورأى أن “هذا الحل غير مجدٍ بيئيا وتقنيا، ومن ناحية ثالثة هناك ما تصدره هذه المحارق من ديوكسينات، فهناك 75 نوعا من الديوكسينات الخطرة تصدرها هذه المحارق، وكلها تتسبب بأضرار كبيرة على الصحة وخصوصا لجهة أمراض السرطان، لذلك اكتشف في فرنسا أيضا أن 17 بالمئة من الحوامل اللاتي يقطن في مناطق قرب المحارق أنجبن أطفالا لديهم حالة Spina bifida (حالة عدم انغلاق في العمود الفقري ما يجعل النخاع الشوكي خارج الجسم) وحالات عيوب في القلب، فضلا عن حالات إجهاض أكبر، كما أن الرماد المتطاير أو المترسب الناتج من هذه المحارق سام للغاية، وكافة النفايات التي تحرق من بلاستيك وغيره تصدر غازات سامة تلوث الهواء وتساهم في الإحتباس الحراري”.
وأكد الأحمدية أن “وجود المحارق في هذه المنطقة قد يؤدي إلى مخاطر جمة على البيئة والبشر”.

IMG_3964

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This