بانتظار ما ستخرج به نقاشات ورشة العمل البرلمانية التي بادرت الى تنظيمها “الأمم المتحدة للبيئة”، يوم الاربعاء المقبل، بالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس النواب ومشروع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في المجلس، وبالشراكة مع وزارة البيئة، فإن الحديث حول إدارة النفايات المنزلية الصلبة في لبنان، خافت هذه الايام، رغم ان الاستحقاقات الكبرى التي تنتظر هذا الملف لا تزال على حالها، لا بل ان عداد الخطة الانتقالية ينقص كل يوم، دون ان تنطلق الخطة الطويلة الامد، كما اختار مجلس الوزراء أن يسميها من دون القيام بأي خطوة لإنفاذ هذه الخطة على ارض الواقع.

وتأتي ورشة عمل “نحو تطوير الاسترايجية الوطنية لادارة النفايات واقرار قانون الادارة المتكاملة للنفايات الصلبة”، على اثر ازمة لبنان في إدارة نفاياته التي تفاقمت بشكل كبير منذ العام 2015، في ظل عدم نجاح الحكومة حتى تاريخه في وضع اطار قانوني شامل ودائم لادارة هذا الملف ناجم عن استراتيجية وطنية متكاملة.

وكانت وزارة البيئة أعدت في العام 2005 مشروع قانون حول الادارة المتكاملة للنفايات الصلبة أقره مجلس الوزراء في العام 2012، وبموجب المرسوم الجمهوري رقم 8003 تاريخ 23/4/2012 تم تحويل مشروع القانون المذكور إلى مجلس النواب للمناقشة، غير أنه لم يقر، رغم انه خضع للنقاش في العديد من اللجان النيابية. ويهدف مشروع القانون الى تنظيم عملية إدارة النفايات الصلبة في لبنان، الخطرة منها وغير الخطرة، بما فيه عملية التمويل واسترداد الكلفة، خصوصا في ظل التحديات المتعددة التي يواجهها هذا القطاع. ومن شأن هذا القانون تأمين إدارة أفضل لقطاع النفايات الصلبة في لبنان، وبالتالي تقليص الآثار السلبية الناتجة عنه على البيئة.

ويعيب مشروع القانون أنه يحوي مروحة واسعة من الخيارات دون مراعاة لاي أولوية ضمن هذه الخيارات، بالاستناد الى الواقع اللبناني، لجهة البنية الاقتصادية والاجتماعية، ولجهة نوعية النفايات وحجم انتشارها، والتوسع العمراني والضغط السكاني، وغيرها من العوامل المؤثرة بطريقة كبيرة على خيارات إدارة النفايات في اي بلد.

في المقابل، لم يعرف بعد مصير الخطة التي اعدها وزير البيئة طارق الخطيب والتي جرى تسريب معلومات لفتت إلى انها تستند الى الخيار اللامركزي، لكن هذا الخيار على اهميته يبقى دون اي فعالية، لا بل احياناً يستخدم بطريقة خاطئة، خصوصاً لجهة تزايد الحديث عن مشاريع لتركيب محارق في العديد من المناطق اللبنانية، وكأن خيار الحرق مستقل عن بقية الخيارات، ويجري توصيفه كحل سحري وسريع ومقبول من قبل جميع الاطراف، في حين ان هذا الحل ليس الا واحدا من مروحة من الخيارات العنقودية المطلوب وجودها، وهي لا يلغي اي خيار يسبق او يلحقه سواء لجهة الفرز أو المعالجة أو التخلص النهائي بما فيه الطمر وادارة النفايات الخطرة الناتجة عن المعالجة عن طريق الحرق.

وبانتظار ما ستؤول اليه هذه الورشة فإن مجموعة من المعطيات تكشفت في الاشهر الماضية، واستحقاقات تنتظر في الأسابيع وفي الاشهر المقبلة، ابرزها:

مصير الاستئناف الذي تقدم به اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية لوقف تنفيذ قرار قاضي الأمور المُستعجلة في بعبدا القاضي حسن حمدان، بالوقف الكلي لأعمال نقل النفايات إلى مطمر الكوستابرافا. وذلك بعد انقضاء أربعة أشهر من تاريخ تبليغ القرار، اي نهاية شهر حزيران (يونيو) 2017 كحد أقصى.

فشل اللجنة الوزارية التي يرأسها الرئيس سعد الحريري في التوصل الى توصيات ترفع لمجلس الوزراء بخصوص مناقصة تحويل النفايات الى طاقة، رغم مرور قرابة ثلاثة اشهر على اعادة احياء هذه اللجنة، التي اعلن الرئيس الحريري ان المهلة القصوى التي اعطيت لها للبت بهذا الملف شهر واحد!

استنفاذ مطمري برج حمود والشويفات (الكوستابرافا) اللذين صمما لاستيعاب مليونين ومئتي الف طن من النفايات طاقتهما الاستيعابية منتصف العام 2018، على اقصى تقدير، ما يعني عملياً عودة النفايات الى الشوارع في ظل تعذر ايجاد بديل، سواء على المستوى القصير والطارئ او على المستوى الطويل الأمد.

عدم اعلان وزير البيئة طارق الخطيب “خطة جديدة” بحسب ما جرى التسريب سابقاً، علماً ان المعطيات تشير الى ان عددا من المستشارين وشركة خاصة قد اعدوا هذه الخطة وتقوم على مبدأ اللامركزية، وسلمت الى الرئيس ميشال عون لكي يتخذ قراراً نهائياً بشأن عرضها على مجلس الوزراء.

لم تعلن بلدية بيروت عن موعد اطلاق مناقصة كنس وجمع النفايات ضمن النطاق الاداري للبلدية، علماً ان “شركة سوكلين” ابلغت “مجلس الانماء والاعمار” ان مهلة التمديد التي ابلغها بها المجلس بتمديد كنس وجميع نفايات بيروت لغاية أواخر شهر أيلول (سبتمبر) 2017، هي مهلة نهائية غير قابلة للتمديد، لان الشركة قد اتخذت اجراءات لوجستية وادارية تحول دون قدرتها على الاستمرار بتسيير مرفق النظافة في بيروت بعد هذا التاريخ. ما يعني ان على بلدية بيروت اطلاق المناقصة وترسيتها وتوقيع العقد وبدء الاعمال في غضون فترة زمنية قياسية، سيكون من المتعذر تنفيذها.

يوم الثلاثاء الواقع في 2 أيار (مايو) 2017 سيتم الكشف عن قائمة الشركات التي تسجلت لاجراء تأهيل مسبق للاشتراك بمشروع خطة التخلص من النفايات الصلبة Waste treatment facilities for Beirut Municipality، دون ان يعني ذلك ان بإمكان بلدية بيروت اطلاق المناقصة، اذا لم يوافق مجلس الوزراء على هذا الخيار، ودون البت بمصير الضواحي المحيطة ببيروت خصوصاً بلديات الضاحية الجنوبية.

تعثر، لا بل فشل اطلاق مناقصة انشاء مطمر لنفايات قضاءي الشوف وعاليه، بسبب عدم تحديد موقع المطمر من قبل مجلس الوزراء، ما يعني ان مهلة أواخر حزيران (يونيو) لبدء المتعهد الجديد  إئتلاف “شركة معوض وإده” مع “شركة Soriko” البلغارية، تنفيذ مناقصة جمع ونقل النفايات ضمن المنطقة الخدماتية الثانية التي تضم اقضية عاليه والشوف وبعبدا، سوف تقتصر على قضاء بعبدا حصراً، لان نفايات الشوف وعاليه يستحيل نقلها الى معامل الفرز والمعالجة طالما لم يتم اقرار موقع للتخلص النهائي من نفايات هذين القضائين، رغم مرور عام وشهر على قرار مجلس الوزراء.

مطلع شهر ايار (مايو) ٢٠١٧ المقبل سيبدأ تنفيذ اعمال مناقصة جمع ونقل النفايات ضمن المنطقة الخدماتية الأولى التي تضم قضاءي كسروان والمتن، والتي تم ترسيتها لصالح ائتلاف “شركة رامكو للتجارة والمقاولات” (المملوكة من وسام عماش) مع “شركة Atlas Yapı San” التركية.

طلبت بلديات عديدة في جبل لبنان، عبر وزارة الداخلية والبلديات، من “مجلس الانماء والاعمار”، اعادة تولي عقود كنس النفايات في نطاقها العقاري، ما يؤشر إلى ان هذه البلديات ليست راغبة على الاطلاق في تولي ادارة النفايات حتى في الجزء السهل المتمثل بالكنس، لاسباب تتعلق بالسيولة النقدية من جهة، ولغياب الارادة السياسية لدى القوى الممثلة في المجالس البلدية لهذه البلديات.

في الخلاصة يتبين ان التغيير الوحيد الذي حدث في ملف النفايات المنزلية الصلبة استبدال المتعهد القديم بمتعهد جديد، وان تنوعت الوجوه والاسماء، اما منشآت التخلص النهائي في برج حمود والشويفات فهي بالتأكيد غير قادرة على الصمود والتمديد والتوسع كما كان يحدث في الناعمة، ما يؤشر إلى ىسرعة انفجار هذه الملف وعودة النفايات الى الشارع في الاشهر المقبلة.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This