يتوالى مسلسل نفوق السلاحف البحرية على امتداد الساحل اللبناني، الأمر الذي بدأ يثير مخاوف حقيقة حيال هذا الكائنات البيئية بامتياز، خصوصا وأنها تعتبر جزءا مهما جدا من النظم الإيكولوجية البحرية، واندثارها أو تراجع أعدادها يعني حدوث خلل في هذه النظم.
ومع العثور على سلحفاة نافقة عند شاطىء الجية يوم أمس، تتأكد أكثر الهواجس المقلقة، ذلك العشرات من السلاحف البحرية لفظها البحر خلال الشهرين الماضيين، ورصد greenarea.info العديد منها، وتواصل مع خبراء في محاولة لتحديد أسباب نفوقها، لا سيما وأن هذه الظاهرة لم تقتصر على لبنان فحسب، وإنما طاولت دولا متوسطية عدة، وتبين أن إيطاليا تواجه هذه المشكلة أيضا، وما تأكد حتى الآن أن معظم حالات النفوق غير ناجمة عن ابتلاع السلاحف لأكياس النايلون ولم يبدُ عليها آثار تعرضها لصدمات، ما يرجح أن يكون ثمة مرض، وهذا أمر لن يتضح إلا من خلال الأبحاث والدراسات التي من شأنها أن تقطع الشك باليقين حيال هذه الظاهرة.
سلحفاة الجية
وفي هذا السياق، تبلغ ظهر أمس موقعنا greenarea.info أنه تم العثور على سلحفاة نافقة عند شاطئ الجية من قبل عناصر الانقاذ البحري في الدفاع المدني اللبناني، وذلك في سياق متابعتهم اليومية للشاطىء في هذه المنطقة.
ويذكر أن الدفاع المدني أوْلى وما يزال موضوع السلاحف رعاية كبيرة في لبنان، ولا ننسى دوره في احتضان السلحفاة “لاكي” Lucky وتولي عملية اعادة تأهليها على مدى أكثر من عشرة أشهر، وقد شهدت تحسنا خلال الأيام الماضية، بالاضافة الى عمليات الانقاذ لسلاحف عالقة في شباك الصيادين وتسجيل نفوق عدد كبير منها عند الشاطئ، وبدا من الصور الأولى التي وصلتنا أن السلحفاة النافقة بدت متحللة، ما يشير الى انه مضى وقت طويل على نفوقها، وطالب الدفاع المدني من “جمعية Area Green الدولية” التدخل من باب متابعتها واهتماماتها برصد السلاحف على طول الشاطئ اللبناني.
وفي هذا السياق، أبلغنا “مركز علوم البحار ” في البترون، وقد أوفد المركز باحثين الى المكان لمعاينة السلحفاة واتخاذ الاجراء الطبي بمعاينتها لتسجيل الحالة ومعرفة سبب النفوق.
أعدادها في تراجع عالميا
حضر الى الشاطئ الباحثون يرافقهم الناشط الفرنسي تيري ماغنييز Thierry Magniez، وهو مدرب في مجال العلوم البيئية، ومصور فوتوغرافي ومخرج برز ونشط مؤخرا في العمل البيئي، من خلال إقامة معارض ومتابعة الابحاث العلمية، واعداد مواد اساسية للمعلمين واعتمادها في فصول الدراسة، وهو من ضمن مجموعة اشخاص يعملون لحساب “المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في باريس” Muséum National d’histoires naturelles de Paris.
وقام الباحثون بعملية التشريح واستخراج الاعضاء اللازمة عند الشاطئ بهدف إجراء التحاليل الطبية اللازمة بعد نقلها الى المركز، وقد ذكر الباحثون لـ greenarea.info أن عملية التشريح تمت عند الشاطئ نظرا لوضع السلحفاة السيء نتيجة تحللها، وأكدوا أن السلحفاة أنثى من نوع كاريتا كاريتا Caretta Caretta ضخمة الرأس، والموضوعة على “القائمة الحمراء” Red List وأن “أعدادها في انخفاض” من قبل “الاتحاد الدولي لصون الطبيعة” International Union for Conservation of Nature.
وتبين أن سبب نفوقها يمكن أن يكون ناجما عن تعرضها لضربة على الرأس، أدت الى تهميش جمجمتها، بالاضافة الى مرور وقت على نفوقها، ما ادى الى تحلل اطرافها وانبعاث رائحة كريهة منها، كما وقد ذكروا ان لا وجود للبلاستيك في معدتها.
وقد التقط ماغنييز صورا للسلحفاة، وحصلنا على بعضها.