فرضت المفوضية الأوروبية European Commission في العام 2013 حظرا مؤقتا على مبيدات شائعة الإستعمال في بعض المحاصيل، نظرا لتأكد ضررها على النحل والحشرات الملقحة، وبينما تتناقص أعداد النحل في الولايات المتحدة بمعدلات كبيرة للغاية لعدم تبني هذا الحظر، بدأت أعداد النحل في القارة الأوروبية تشهد تزايدا ملحوظا، أما المقترحات الجديدة في أوروبا فهي فرض حظر كامل على استخدام هذه المبيدات في الحقول، مع استثناء وحيد لجهة النباتات المزروعة كليا في البيوت المحمية، ويمكن التصويت على هذه المقترحات في أيار (مايو)، وإذا ما تمت الموافقة عليها من قبل المفوضية الأوروبية، فسيفرض هذا الحظر في غضون أشهر عدة.

ويساهم التلقيح الناتج عن الحشرات في الولايات المتحدة الأميركية بما يقدر بـ 15 مليار دولار، أما في المملكة المتحدة وحدها، فيساهم بحوالي 430 مليون جنيه استرليني على مجمل الاقتصاد الوطني.

 

دراسات

 

وأظهرت إحدى الدراسات في العام 2008 أن هناك حوالي 150 نوعا من المبيدات مرتبطة بـ 60 بالمئة من حالات انخفاض أعداد النحل، كما وجد العلماء في دراسة نشرت في دورية “علوم”  Science العلمية أن انخفاضا وصل إلى 85 بالمئة من نسبة الملكات المنتجات في القفران ارتبط بأكثر مبيد يباع في العالم وهو الـ Imidacloprid، فضلا عن المبيدين الآخرين   Clothianidinو Thiamethoxam، وطالبت بعدها “هيئة سلامة الأغذية الأوروبية” European Food Safety Authority الـ EFSA باستعمال هذه المبيدات على المزروعات التي لا تجتذب النحل والملقّحات الأخرى بسبب تعرض هذه الكائنات لها عبر الرحيق وحبوب الطلع، خصوصا الحبوب المنتجة للزيوت مثل اللفت Rapeseed، الذرة corn ودوار (عباد) الشمس sunflowers.

واقترحت المفوضية بالتالي، حظر ثلاثة مبيدات تنتمي إلى عائلة Neonicotinoid من الشركة العملاقة Bayer، وتؤثر هذه المبيدات على الجهاز العصبي للحشرات، بعد أن وجدت “هيئة سلامة الأغذية الأوروبية” European Food Safety Authority أنها تشكل خطرا غير مقبول على النحل unnacceptable risk to bees، ويعتبر النحل والحشرات الملقحة الأخرى مهما لإنتاج أكثر من ثلث الإنتاج الغذائي العالمي، وقد وجدت دراستان منذ العام 2012 وعدد من الدراسات الأخرى أن استهلاك هذه المبيدات مرتبط بانخفاض أعداد النحل في كل من الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة.

 

في الولايات المتحدة

 

في العام 1940كان هناك حوالي 5 ملايين قفير نحل في الولايات المتحدة، أما الآن فلم يبق سوى نصفها، وقد وجدت وزارة الزراعة الأميركية USDA في إحصاءات أولية أن 28 بالمئة من القفران الموجودة في البلاد نفقت تماما في شتاء عامي 2015 و2016، وخلال العام بين نيسان (أبريل) 2015 وآذار (مارس) 2016، وعانى النحالون من فقدان 44  بالمئة من القفران وهي أعلى خسارة سنوية مسجلة، وحتى ست سنوات خلت، لم يتم الاحتفاظ بأرقام سنوية نظرا إلى افتراض أن خسائر القفران لم تحدث إلا خلال فصل الشتاء، ولكن هناك خسائر مماثلة تحدث على مدار السنة.

وتعاني قفران الولايات المتحدة من متلازمة تعرف باسم ” اضطراب انهيار المستعمرات” Colony Collapse Disorder، ويعاني النحل في كثير من الأحيان من الارتباك بسبب استخدام مبيدات الآفات ويضل طريق العودة إلى القفران، وفي أحيان أخرى، تنفق مباشرة داخلها.

 

أسباب ومسببات

 

ووجد العلماء أن ثمة أسبابا عدة لهذا الإضطراب، بما في ذلك الأمراض والطفيليات خصوصا حشرة “الفاروا” varroa mite، والتمدد العمراني وفقدان الموائل، فضلا عن انخفاض الزهور البرية في الأرياف بسبب استخدام الأراضي في زراعة البذور الزيتية، والمبيدات، أو مزيج منها جميعا، هذا وتستخدم هذه الأنواع من المبيدات والتي تمت دراستها في الأبحاث في محاصيل مثل الحبوب، وبذور اللفت، وعباد الشمس.

ويتم استعمال هذه المواد الكيميائية في كثير من الأحيان على البذور قبل الزراعة، ومع نمو النبات، تصل هذه المبيدات إلى كل جزء منه، بهدف القضاء على الآفات الحشرية مثل المن، إلا أنه يصل إلى حبوب اللقاح والرحيق، وهي الطريقة التي  يمكن أن يؤثر بها على النحل.

وفي سياق آخر، ومع تزايد خسائر القفران، يواجه النحالون الصغار والصناعات التجارية الأكبر حجما التكاليف المتصاعدة للبقاء والإستمرار، وتحتاج القفران إلى استبدال الملكة بشكل أكثر انتظاما، مع متابعة العلاج المطلوب للحفاظ على مستعمرة مستدامة، وتنتج ملكات النحل في أماكن خاصة، بعد تغذيتها بالعسل الملكي خلال الأيام الثلاثة من فقسها، وترسل الملكات بالبريد للنحالين لإنقاذ مستعمراتهم، إلا أن الباحث في عالم الحشرات من جامعة ماريلاند دينيس فان إنغلزدورب Dennis vanEngelsdorp قال: “هناك المزيد من الجهود التى تبذل للحفاظ على القفران على قيد الحياة”، وأضاف: “نشهد ضغوطا أكبر من حيث التكلفة لتلقيح المحاصيل، ويتكلف النحال حوالي 200 دولار سنويا للحفاظ على مستعمرة حية واستبدال الملكات، ويكون محظوظا إذا بلغ صافي أرباحه 200 دولارا سنويا من العسل المنتج، إلا أن العديد من النحالين لا يربحون شيئا، وهناك الكثير من المتضررين”.

 

الشركة المنتجة للمبيدات

 

تؤكد شركة “باير” – قسم علم المحاصيل Crop Science – Bayer، وهي شركة منتجة لحصة كبيرة من هذه المبيدات neonicotinoids  على أن منتجاتها “عائلة مهمة من المبيدات الحشرية” ذات “فعالية” في السيطرة على الآفات.

وقد مولت الصناعة الكيميائية تقريرا نشر في العام 2012 خلص في نتائجه إلى أن حظر هذا النوع من المبيدات سيكلف المزارعين 620 مليون جنيها استرلينيا، ورد البروفسور الباحث في علم البيئة والحشرات دافيد غولسون David Goulson من جامعة ستيرلنغ University of Stirling في المملكة المتحدة بأن هذا التقرير لا يتضمن أي ذرة من الأدلة الجدية.

 

مواقف جمعيات بيئية

 

ورحب الرئيس التنفيذي لجمعية “بغلايف” (حياة الحشرات) Buglife الخيرية مات شاردلو  Matt Shardlow  بالحظر المقترح وقال: “أكدت EFSA  وجود أكثر من 70 من المخاطر العالية من بذور الحبوب المعالجة بهذه المبيدات”، وقال إن هذه المبيدات يمكن أن تستمر في التربة وأن الحظر ينبغي أن يغطي البيوت المحمية كتدبير وقائي.

وفي وقت سابق من آذار (مارس) الماضي، أصدر خبراء الغذاء والتلوث في الامم المتحدة تقريرا حاسما حول مبيدات الآفات، قائلين انها “اسطورة، بأن هذه المبيدات كانت ضرورية لاطعام العالم”، فضلا عن “الدعوة الى اتفاقية عالمية جديدة للسيطرة على استخدامها”. وقال شاردلو “نظرا لفشل صناعة مبيدات الآفات فى التعامل مع الكارثة الايكولوجية التى تسببها مبيدات الحشرات النيكوتينية، او حتى الاعتراف بها، فإننا نوافق على ان هناك حاجة ملحة لاتفاقية عالمية جديدة”.

 

سمية للبشر أيضا

 

وخلص تقرير صادر عن “هيئة الطب الشرعي” the Forensic Medicine Authority في الهند إلى أن التسمم بمبيدات الآفات وتحديدا في هذا التقرير، يؤكد أن المبيد Imidacloprid  هو مشكلة صحية عالمية يساهم بعدد كبير من الوفيات سنويا، فالمبيدات يمكن أن تهاجم الجهاز العصبي المركزي البشري، وتؤدي إلى أعراض شديدة في الجهاز الهضمي، واضطرابات الجهاز التنفسي بالإضافة إلى الاضطرابات النفسية.

      

 

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This