يوجد حوالي 13 تريليون ليتر من المياه في كل لحظة في أجوائنا، أي ما يقدر بعشرة بالمئة من كمية المياه الجوفية الموجودة على كوكب الأرض، ولو تخيلنا إمكانية حصاد هذه المياه من أجوائنا وتوفيرها فورا لاستعمالاتنا المختلفة، فإن هذا قد يشكل حلا لمشاكل المياه العديدة التي تواجه معظم مناطق الشح في العالم.

وعلى مر السنين، طور الباحثون طرقا للحصول على المياه، مثل استخدام الشباك الناعمة لجمع المياه من “بنوك” الضباب، أو استعمال مزيلات الرطوبة  dehumidifiers التي تعمل على تكثيفها من الهواء، ولكن كلا النهجين يتطلبان إما هواءً رطبا جدا أو الكثير من الكهرباء ليكون مفيدا على نطاق واسع.

 

 MOFs المواد العضوية المعدنية

 

ولكن ثمة حلا عمليا وأقل كلفة، ويمكن تحقيقه في أجواء جافة للغاية مثل مناطق الصحاري وغيرها، هذا ما توصل إليه الباحث في علم الكيمياء، وأول رئيس لقسم الكيمياء  “جيمس ونيلجي تريتر”  the James and Neeltje Tretter في جامعة “كاليفورنيا – بيركلي” University of California, Berkeley الأميركي من أصل أردني عمر مونّس ياغي Omar HYPERLINK “https://www.google.com.lb/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=4&cad=rja&uact=8&ved=0ahUKEwjp-P_RtavTAhXHkiwKHXD4A1AQFgg6MAM&url=http%3A%2F%2Fwww.chem.ucla.edu%2Fdept%2FFaculty%2Fyaghi.html&usg=AFQjCNFjfWMk626etePy-e9i1wFpORIoBA&sig2=wibI3m1uHPqKIiTQHB7n1w”YaghiHYPERLINK “https://www.google.com.lb/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=4&cad=rja&uact=8&ved=0ahUKEwjp-P_RtavTAhXHkiwKHXD4A1AQFgg6MAM&url=http%3A%2F%2Fwww.chem.ucla.edu%2Fdept%2FFaculty%2Fyaghi.html&usg=AFQjCNFjfWMk626etePy-e9i1wFpORIoBA&sig2=wibI3m1uHPqKIiTQHB7n1w”، فقد تمكن من تصنيع مادة خاصة بلورية Crystalline ذات خواص شبكية Reticular وبإطار معدني عضوي Metal-organic framework وتعرف اختصارا بـ MOFs، تتميز بروابط قوية بين معادن معينة ومواد عضوية، وبمرونة ومسامية porosity عالية، فضلا عن استقرار حراري وكيميائي كبيرين، وبمساحة سطحية كبيرة بالنسبة لحجمها topology، ويمكن التحكم بهذه المعايير لتتمكن من امتصاص مواد عدة وبكفاءة عالية، ومنها تخزين الغازات المختلفة والمياه، ما يمكن العلماء من التعامل معها واستعمالها في عمليات التحفيز الكيميائي catalysis، وتطبيقات مختلفة لتستخدم في مجالات عدة في الطب والهندسة وغيرها.

 

سيرة ذاتية

 

هاجر البروفسور عمر ياغي المولود في العام 1965 في مدينة عمان -الأردن إلى نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية وهو في سن 15 عاما، ليتدرج في دراسته، ويلتحق بجامعة ألباني University at Albany, SUNY  في نيويورك، ويتخرج منها ويلتحق بعدها بجامعة إلينوي  University of Illinois في ولاية إلينوي، ونال منها درجة الماجستير، ومن ثم الدكتوراه، وبعدها أكمل الزمالة ما بعد الدكتوراه  Postdoctoral Fellow في جامعة هارفارد Harvard University في ولاية ماساشوستس Massachusetts، وتنقل بين عدة جامعات ليستقر في جامعة كاليفورنيا – بيركلي، وهو حاليا أول رئيس لجيمس ونيلجي تريتر للكيمياء في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، وباحث في مختبر لورانس بيركلي الوطني، كما أنه المدير المؤسس لـ “مركز العلوم العالمية” Center for Global Change Science في بيركلي، والمدير المشارك لمعهد “كافلي لعلم النانو” KavliHYPERLINK “https://www.google.com.lb/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=1&cad=rja&uact=8&ved=0ahUKEwiiyJGDi6vTAhUMZlAKHbPyDcQQFggmMAA&url=http%3A%2F%2Fkni.caltech.edu%2F&usg=AFQjCNE470Pt-DuRtfui7NnrF9U-1C8p7A&sig2=A_Jbu7ayFPyf526nKHbinQ” Nanoscience، و”تحالف أبحاث كاليفورنيا” California Research Alliance. وقد تم تكريمه بـ “جائزة إكسون موبيل للكيمياء الصلبة” ExxonMobil Faculty Fellow in Solid State Chemistry من قبل الجمعية الكيميائية الأميركية American Chemical Society وشركة اكسون ExxonMobil في العام 1998، ووسام ساكوني SacconiHYPERLINK “https://www.google.com.lb/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=1&cad=rja&uact=8&ved=0ahUKEwiV2-OvjavTAhWRJVAKHeGWD8QQFggjMAA&url=http%3A%2F%2Fwww.cerm.unifi.it%2Ffondazione%2Fsacconi-medal&usg=AFQjCNG_YPV96mgJF_aRvG-XcsHIYdHfVQ&sig2=vcOr7zmDQ-3_JvvFjMqJmg” Medal  للجمعية الكيميائية الإيطالية Italian Chemical Society في العام 1999، وجائزة “أكس” للمواد الكيميائية ACS Award in the Chemistry of Materials في العام، وجائزة الملك فيصل الدولية في العلوم 2015 و”جائزة مصطفى” Mustafa Prize في علم النانو وتكنولوجيا النانو. وهو من بين العلماء والمهندسين “اللامعين العشرة  “brilliant 10 للعام 2006 في الولايات المتحدة الأميركية من قبل مجلة “العلوم الشعبية” Popular Science، كما أنه المتلقي الوحيد لميدالية MRS Medal الخاص بجمعية “بحوث المواد ” Materials Research Society للعمل الرائد، وذلك عن جهوده في النظرية والتصميم والتوليف وتطبيقات على مواد MOFs، بالإضافة لجائزة AAAS Newcomb Cleveland Prize لأفضل بحث نشر في مجلة العلوم في العام 2007.

وعمل ياغي على أبحاث في تصميم وتطبيقات على مواد عديدة هامة، فضلا عن مواد “الأطر المعدنية المعدنية” MOFs، عمل على الأطر الزيوليتية إيميدازولاتZeoliticHYPERLINK “https://www.google.com.lb/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=3&cad=rja&uact=8&ved=0ahUKEwiEzfennavTAhWDE5oKHc1uCjoQFgg0MAI&url=http%3A%2F%2Fpubs.rsc.org%2Fen%2Fcontent%2Farticlelanding%2F2014%2Fta%2Fc4ta02984d&usg=AFQjCNF40ub6juR0gdH0XY1JucysMmxcNg&sig2=T5iq7KpafRkezUMJzE3Lig” HYPERLINK “https://www.google.com.lb/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=3&cad=rja&uact=8&ved=0ahUKEwiEzfennavTAhWDE5oKHc1uCjoQFgg0MAI&url=http%3A%2F%2Fpubs.rsc.org%2Fen%2Fcontent%2Farticlelanding%2F2014%2Fta%2Fc4ta02984d&usg=AFQjCNF40ub6juR0gdH0XY1JucysMmxcNg&sig2=T5iq7KpafRkezUMJzE3Lig”imidazolateHYPERLINK “https://www.google.com.lb/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=3&cad=rja&uact=8&ved=0ahUKEwiEzfennavTAhWDE5oKHc1uCjoQFgg0MAI&url=http%3A%2F%2Fpubs.rsc.org%2Fen%2Fcontent%2Farticlelanding%2F2014%2Fta%2Fc4ta02984d&usg=AFQjCNF40ub6juR0gdH0XY1JucysMmxcNg&sig2=T5iq7KpafRkezUMJzE3Lig” framework materials والأطر العضوية التساهميةCovalent organic frameworks، وهذه المواد لديها المعدلات الأعلى من المساحات السطحية بالنسبة لوزنها المعروفة حتى الآن، ما يجعلها مفيدة في تخزين وتوليد الطاقة النظيفة، إلا أن أهمها هي MOFs، فهي إضافة إلى ما ذكر سابقا تتميز بمساحة سطحية كبيرة بالنسبة لوزنها، تقدر بـ  5640 م2 لكل غرام لمادة MOF-177، وقد نجح في تطوير هذه المواد وتحويلها إلى تطبيقات في تكنولوجيات الطاقة النظيفة بما في ذلك تخزين الهيدروجين والميثان، واحتجاز ثاني أوكسيد الكربون وتخزينه.

حصاد الماء

 

وقال ياغي في فيديو “أننا نستعمل مواد مركبة من المعادن والمواد العضوية ونخلطها ونقوم بإزالة السائل للحصول على مسحوق مادة “موف”  MOF، وهو إطار معدني وعضوي بتركيبة معينة كيميائية هندسية في الفضاء، وهذه المواد تلتقط الماء في داخل مساماتها”، وأضاف: “يعيش ثلث العالم في مناطق جافة تعاني من شح المياه، إلا أن الهواء في تلك المناطق يحتوي على 30 بالمئة من الرطوبة، وهذه المواد ترتبط بالماء الموجود في الجو وتكثفه باستخدام الطاقة الشمسية، ويمكن لحوالي كيلو من هذه المواد (2،2 باوند) أن ينتج أكثر من 3 ليتر (3 quarts) في مدة 24 ساعة”.

وقال ياغي: “خلال العشرين عاما الماضية تم تصنيع أكثر من 20 ألف مادة من هذه المواد، ويمكن استعمالها اعتمادا على المواد التي ننوي تخزينها أو احتجازها، وذلك بتغيير نوع المواد العضوية والمعادن”، وأشار ياغي إلى أنه “باستعمال مواد عضوية طويلة السلسلة، يمكن أن نغير حجم مسام المادة، وبتغيير المعدن، يمكننا تحويل المادة لتقوم بتفاعل مختلف، مثلا امتصاص أنواع أخرى من الغازات”.

وقدم أمثلة أخرى على أنبوب من مادة (موف) إن وضعت في خزان يمكنها تخزين 3 مرات كمية الغاز، وأنبوب يحتوي مادة (موف) بنفسجية يمكنها تخزين ثاني أوكسيد الكربون والحد من انبعاثات معامل إنتاج الطاقة بهدف منع هذه المادة من الوصول للجو”، وقال: “عندما بدأت عملي هذا في تسعينيات القرن الماضي كنت مهتما بجمال المواد والمركبات الناتجة عنها، ولم اكن مهتما بإنتاج مواد جديدة يمكنها حل مشاكل العالم، ولكن مشاكل شح المياه وازدياد كميات ثاني أوكسيد الكربون، هي مشاكل كبيرة يعاني منها العالم حاليا، ولكن الأهم هو استخدام هذه المواد على نطاق واسع بهدف خدمة المجتمعات”. (لمشاهدة الفيديو اليكم الرابط).

https://www.youtube.com/watch?v=dvwmZKqPgKQ

الجهاز

 

وتواصل ياغي بعد اكتشافه مادة (موف) قادرة على امتصاص المياه بكفاءة عالية بالمهندسة الميكانيكية في معهد MIT – Massachusetts Institute of Technology إيفلين وانغ Evelyn Wang بهدف تصميم جهاز لاستخدامه بهدف تجميع المياه، خصوصا في المناطق الجافة والنائية والمحرومة، وكان قد عمل سابقا معها لتصميم جهاز تكييف للسيارات.

واستخدم في هذا الجهاز مادة “موف” من معدن الزيركونيوم Zirconium وحامض الأديبيك Adipic acid المعروف بقدرته على امتصاص المياه، وسميت المادة الناتجة MOF-801، ويتكون الجهاز من حوالي كيلو من كريستالات هذه المادة بين طبقة ماصة للطاقة الشمسية solar absorber ولوحة مكثفة للمياه condenser plate وموجودة داخل مستوعب معرض للهواء، وتقوم الطبقة الماصة للطاقة الشمسية بتسخين مادة (موف) المشبعة بالمياه، وتعمل الطبقة المكثفة التي تساوي حرارتها الحرارة الخارجية على تكثيف الماء، ويتم تجميعه في وعاء.

وقالت وانغ: “ان هذا الجهاز يوفر طريقة جديدة لجمع المياه من الهواء، فلا يحتاج الى ظروف رطوبة نسبية عالية، وهو اكثر كفاءة في استخدام الطاقة من التكنولوجيات القائمة الاخرى”.

أما ياغي فقال: “يحتمل هذا النموذج تعديلات كثيرة ومجالا واسعا للتحسين ، بدءا باستخدام الزيركون الذي يكلف 150 دولارا للكيلوغرام، مما يجعل أجهزة حصاد المياه مكلفة للغاية ويحول دون أن تكون مفيدة على نطاق واسع”، ومع ذلك، قال ياغي إن “مجموعته قد حققت نجاحا مبكرا في تصميم مواد من (موف) تمتص المياه وتحل محل الزركونيوم مثلا معدن الألومنيوم الأرخص بمئة مرة من الزيركون، وهذا قد يجعل حصاد المياه في المستقبل اقتصاديا بما فيه الكفاية، ليس لرفع العطش عن الناس في المناطق القاحلة فحسب، ولكن بتزويد المياه للمزارعين في الصحراء”.

 

 

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This