ثمة تساؤلات كبيرة حول مكب برج حمود وسط المخالفات القائمة، وآخرها وقوع انفجار ناجم إما عن غاز الميثان المختزن في جبل النفايات، أو البراميل المطمورة والمحتوية على مواد سامة، وقد نفث الانفجار روائح كريهة لا تُحتمل، فضلا عن تلويث طاول المناطق المجاورة، إضافة إلى استمرار وصول النفايات إلى البحر، وهي تتجمع من وقتٍ لآخر في شباك الصيادين، في مشهد يكاد يكون نفسه في مكب الكوستابرافا، مع فارقٍ بسيط، وهو أن القيمين على المكب في برج حمود يتمتعتون بقدرة أكبر على المناورة، وإرضاء بعض الصيادين وتضليل القضاء، واعتماد التعمية سبيلا لتدمير البيئة البحرية ومخالفة شروط العقود المبرمة، وتهديد المواطنين بصحتهم ومصادر رزقهم.
وثمة تساؤلات أيضا حيال دور القضاء الذي لم يبت إلى الآن بالقرار الصادر والقاضي بإقفال المكب، ما يؤكد أن القضاء يواجه ضغوطا وتدخلات فوقية في حدود لا يمكن معرفتها والوقوف عليها، وهذا ما يفسر التعتيم القائم، فضلا عن تعيينات جديدة لخبراء دون إبلاغ الجهات المدعية، وفي ذلك مخالفة للقانون ومحاولة للالتفاف على هذه القضية بطرق ملتوية وأساليب تذكر بالإجراءات البوليسية، خصوصا وأن التقارير واضحة والصور وحدها فضحت طريقة الطمر وكيفية إزالة المكب بالطريقة الخطأ.
التعتيم على الانفجار
بعد ان سلكت قضية مكب برج حمود طريقها إلى القضاء، وبعد ان اطمأن المواطنون أن هذه القضية باتت في عهدة الخبراء المعنيين في “المجلس الوطني للبحوث العلمية” و”الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية”، عادت لتطل برأسها من جديد، وكان greenarea.info قد تابع التطورات يومها، وحصل على “التقرير الأولي المرفوع من الخبير الدكتور جهاد عبود الى قاضي الامور المستعجلة في جديدة المتن رالف كركبي في موضوع التحقيق بمجمل أعمال الشركات المكلفة بالعمل بمكب برج حمود للنفايات، والكشف على جبل النفايات، والتأكد من إمكانية إحتوائه على مواد سامة ومواد مشعة”.
وقد كشف محامو الإدعاء مع لجنة من الخبراء ان عملية الطمر لا تتم بشكلها الصحيح، وتبين ايضا أن عملية إزالة الجبل القديم أو المطمر القديم تتم بصورة عمودية، خلافا للأصول الفنية التي تقول بأنه يجب أن تتم بشكل عرضي أو أفقي، وهذا ما قد يؤدي إلى تشكيل خطر على البراميل المدفونة تحته، وربما يتسبب بانفجارها أو بحدوث تسرب للأشعة، وكان قد بلغنا من مصدر متابع بأنه في تارخ 5 نيسان (أبريل) من الشهر الجاري انفجر ما يشبه قنبلة الغاز في الجبل وقد تم التعتيم على الموضوع، وبحسب مصدرٍ آخر على صلة بهذه القضية، فقد “تبين لنا أن ثمة محاولات لإسكات الصيادين في المنطقة من خلال التعويض عليهم ببعض المال”.
وسط كل هذه الأجواء، كثرت المخاوف، وأصبحت أمرا واقعا، فالبحر مطمور بالنفايات وشباك الصيادين تفضح يوما بعد يوم حجم تلوثه، والانفجار الأخير لا يبشر بالخير، في الوقت الذي يعلن فيه محامو الإدعاء عن تصعيد قضائي في قضية برج حمود، ويأتي هذا التصعيد بعد عقد القاضي رالف كركبي لجلسة استيضاح بين الخبراء المكلفين من القضاء و”شركة داني خوري”، ليتراجع بعدها القاضي عن قراره بوقف الاعمال في المكب بدون اي توضيح.
بزي: تزوير الوقائع
وفي هذا السياق قال أحد محامي الإدعاء حسن عادل بزي لـ greenarea.info: “منعنا من الدخول الى المكب والمطمر من قبل البلدية والموظفين لمتابعة الخبراء، ثم تفاجأنا بتعيين القاضي رالف كركبي لخبيرة ثالثة هي نجلاء الشويري، بعد تراجعه عن قرار اقفال المكب لأسباب غير واضحة، وبعد يومين من جلسة الاستيضاح أكد خلالها الخبيران جهاد عبود وولسن رزق على وجود مخالفات جسيمة في المكب، بالرغم من إصرار داني خوري على ان الطمر والعمل يتم بشكل نظامي، وهذا التعيين مخالف لكل القوانين، فنحن لم نبلغ بهذا القرار والقانون هنا واضح، كان يجدر تبليغ اطراف الدعوى لأن لنا الحق برد الخبير خلال ثلاثة ايام من تاريخ التبليغ، بالاضافة الى ان الخبيرة الثالثة باشرت اعمالها لمدة شهرين ونصف الشهر بدون اي اتصال بالخبيرين جهاد عبود وولسن رزق، وهنا استأثرت بالعمل بمعزل عن الخبيرين المعينين في اللجنة، وقد انجزت كامل مهمتها دون دعوة الاطراف، فنحن كمدعين لم نبلغ بأي شيء، كما وانها خالفت القانون ايضا بتقديم تقريرها المؤلف من حوالي ثلاثمئة صفحة باللغة الانكليزية، فمن المفروض ان يقدم باللغة العربية لتسهيل مناقشته، بالاضافة الى انها طالبت بمبلغ ثمانية ملايين ليرة بدل اتعاب على حسابنا في الوقت الذي لم نطالب بها كخبيرة ولم نعلم بوجودها”.
واضاف بزي انه “غدا سيتم وضع تقرير من قبل الخبيرين عبود ورزق المناقض لتقريرها والذي يثبت جميع المخالفات الفاضحة التي ما زالت مستمرة”، وأكد ان “الخبيرة نجلاء شويري كانت موظفة في احدى شركات داني خوري ما يثير الشك بوجود تواطوء بين الخبيرة والجهة المدعى عليها”.
وتابع بزي: “تقدمت منذ حوالي 22 يوما بطلب رد امام القاضي كركبي ولم يبت فيه، فعاودت الطلب منذ اسبوع وطلبت البت بطلب الرد بتفاصيل المعطيات والمخالفات الجسيمة، ولم اتلقَّ اي رد ايضا، بناء على ذلك سنتقدم هذا الاسبوع بعدة شكاوى أمام النيابة العامة، احداها ضد الخبيرة نجلاء الشويري لتزويرها الوقائع”.