أكثر من 2.2 مليون نسمة، معظمهم في البلدان النامية، يموتون كل عام من أمراض تتصل بأحوال المياه والمرافق الصحية السيئة، وفي كل أسبوع يموت ما يقدّر بـ 000 42 نسمة بأمراض ناجمة عن مياه الشرب الرديئة النوعية وعدم توفر المرافق الصحية، وأكثر من 90 بالمئة منها تصيب الأطفال دون سن الخامسة.

ومهما اختلفت وسائل تنقية المياه المستعملة، الا ان استهلاك الانسان للمياه الملوّثة لا يقتصر على عملية شربها فقط، فإن ري المزروعات ينقل المواد الملوّثة من المياه الى الخضار والفاكهة تماماً كالاستحمام بها أو حتى لمسها، وفي هذا الاطار، دقّت منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر، مشيرة الى ان حوالي ملياري شخص يستخدمون مياه شرب ملوثة بالفضلات البشرية.

في متابعة للأرقام التي تنشرها المنظمة دورياً، يظهر جلياً ارتفاع نسبة المياه الملوّثة بالبراز البشري، وبالتالي نسبة مستهلكيها من سنة الى اخرى.

ففي تقرير نشر عام 2015، أشارت الدراسات الى ان 91 بالمئة من سكان العالم استطاعوا  الوصول إلى مصادر مياه الشرب المحسنة، مقارنة بنحو 76 بالمئة في عام 1990، بينما حصل 4 مليارات من الأشخاص على المياه من خلال وصلات الأنابيب، حصل 2.4 مليار شخص على المياه من مصادر أخرى محسنة بما في ذلك الصنابير العامة، والآبار المحمية، وحفر الآبار، الا انه في المقابل، يعتمد 663 مليون شخص على مصادر غير محسنة، بما فيهم 159  مليون يعتمدون على المياه السطحية ويستخدم 1.8 مليار شخص مصادر مياه الشرب الملوثة بالبراز على الصعيد العالمي.

أما في تقرير العام 2017، فقد ارتفع عدد المتضررين من استهلاك المياه الملوثة من 1,8 مليار الى ملياري شخص، الامر الذي رفع من حدة التحذير الذي أطلقته منظمة الصحة العالمية، فضلاً عن الاشارة الى انه في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل يفتقر 38 بالمئة من مرافق الرعاية الصحية إلى أي مصادر للمياه، ويفتقر 19 بالمئة منها إلى خدمات الإصحاح المحسنة و35  بالمئة منها إلى المياه والصابون لغسل اليدين، وبحلول عام 2025، سيعيش نصف سكان العالم في مناطق تعاني من الإجهاد المائي.

رغم التطوّر التقني السريع  في السنوات الاخيرة، الا ان الهجرات الجماعية جراء الحروب المتكررة في الدول، ربما تكون المسبب الاوّل لارتفاع نسبة المياه الملوّثة بالبراز البشري، وإن دولا عديدة غير مجهّزة بناها التحتية لاستقطاب الاعداد الهائلة من النازحين، وخصوصاً الدول العربية التي فتحت ابوابها مؤخراً لهجرة السوريين والعراقيين، فضلاً عن ان ادوات الحرب المستعملة، والتي وصلت في الآونة الاخيرة الى النوع الكيميائي منها، باتت تشكّل مصدراً اضافياً لتلوّث المياه في العالم.

وقد زادت نفقات الدول على المياه والنظافة الصحية في السنوات الثلاث الأخيرة، بنسبة متوسطة بلغت 4,9  بالمئة، إلا أن 80 بالمئة من الدول تشير إلى أن التمويل المخصص للمياه والنظافة الصحية لا يزال غير كاف لتحقيق أهداف الأمم المتحدة.

لا يقف الامر عند انتشار المياه الملوّثة فحسب، ذلك أن النتائج المترتبة عن استهلاكها وخيمة، اذ انها تنقل عدوى الإسهال والكوليرا والزحار والتيفوئيد وشلل الأطفال، وتسبب أكثر من 500000 حالة وفاة بسبب الإسهال كل عام.

هذا الامر أكدته مديرة دائرة الصحة العامة في المنظمة الدكتورة ماريا نرا التي قالت في تعليقها حول الارقام الاخيرة: “اليوم يستخدم نحو ملياري شخص موارد مياه عذبة ملوثة بفضلات البشر، ما يعرضهم للإصابة بالكوليرا والزحار والتيفوئيد وشلل الأطفال، وبحسب تقديراتنا تتسبب المياه العذبة الملوثة بوفاة أكثر من 500 ألف شخص جراء الإسهال سنويا”.

في هذا الاطار، كان قادة العالم قد التقوا في أيلول 2015 (سبتمبر) في مقر الأمم المتحدة والتزموا  بتحقيق 17 هدفا للتنمية المستدامة خلال الخمسةعشر سنة المقبلة، من أهمها  الهدف السادس الذي يدعو الى “ضمان توفر الإدارة المستدامة للمياه والصرف الصحي للجميع”.

يسعى الهدف السادس “لضمان توفر المياه والصرف الصحي للجميع وإدارتها بشكل مستدام”، وهو هدف شامل يتصدى لحلقة المياه بأكملها، ابتداء من الوصول وحتى الاستخدام والكفاءة، والإدارة المتكاملة للمصادر المائية والنظم البيئية المتعلقة بالمياه، وتعمل اليونيسف ضمن الأجندة الإنمائية الجديدة على دعم الحكومات في تحقيق هذه الأهداف.

سيسهم عمل “اليونيسف” في مجال المياه والصرف الصحي والنظافة العامة لتحقيق 3 غايات أساسية، منها تحسين نوعية المياه عن طريق الحد من التلوث، ووقف إلقاء النفايات والمواد الكيميائية الخطرة، وتقليل تسرّبها إلى أدنى حد، وخفض نسبة مياه المجاري غير المعالجة إلى النصف، وزيادة إعادة التدوير وإعادة الاستخدام المأمونة بنسبة كبيرة على الصعيد العالمي، بحلول عام 2030.

ومن أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مجال المياه والنظافة الصحية، ينبغي مضاعفة الاستثمارات في البنى التحتية ثلاث مرات لتصل الى 114 مليار دولار سنويا، بحسب أرقام البنك الدولي التي أوردتها منظمة الصحة العالمية.

رئيس آلية الأمم المتحدة للمياه، والأمين العام لمنظمة العمل الدولي غاي رايدر، علق على هذا الموضوع في بيان منظمة الصحة العالمية، قائلاً: “يمكن أن يكون لزيادة الاستثمارات في المياه والنظافة الصحية، انعكاسات كبيرة على التنمية والصحة البشرية واستحداث الوظائف”.

 

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This