تعود عين دارة إلى الواجهة، أو هي لم تغبْ عنها أساسا، فبعد الأجواء “البوليسية” التي ما تزال تعيشها في أعالي البلدة عند مدخل كسارات ضهر البيدر، جاء الاعتداء على أحد ناشطيها المدنيين وعضو مجلسها البلدي ستيفن حداد، ليطرح تساؤلات كثيرة، ولسنا نستبق التحقيقات، لكن يبدو أن التعرض لحداد بالضرب إلى حد كاد يودي بحياته، يحتمل غرضا واحدا، “تأديب” من يقفون في مواجهة كارتيلات المال، ما يعيد تذكيرنا بزمن الحرب والفوضى والميليشيات.
بدت عين دارة اليوم يدا واحدة وجماهير متراصة تقاطرت إلى “مستشفى الجبل” في المتن الأعلى، رافضة سياسة التخويف واستهداف أبنائها الذين أطلقوا اليوم حملات تضامن واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، فيما أطلق ناشطون هاشتاغ#متضامنون_مع_ستيفن_حداد_معمل_الاسمنت_لن_يمر”، فضلا تأكيد رفض “المجمع الصناعي ومعمل للاسمنت المنوي إقامته في تلالها على ارتفاع 1500 متر”.
(صوِّر لقِلَّك)!
وزار موقعنا greenarea.info حداد، في سريره في المستشفى بعد خضوعه لعمليات جراحية في الرأس، فقال رغم أوجاعه أن “سيارة مجهولة من نوع كيا picanto بيضاء، صدمت سيارتي من الخلف وأنا عائد من عملي في زحلة حوالي التاسعة والنصف مساء، وتحديدا في منطقة ضهر البيدر على مقربة من محطة الغدير – بوارج، فتوقفت وخرجت لأعاين السيارة، وقام السائق الآخر بالخروج أيضا، قائلا (الحمدلله على السلامة)، ثم ظهر مسلحان ملثمان كانا مختبئين في السيارة، وأشبعوني ضربا على الرأس وعلى وجهي ويداي مستخدمين حجارة، وهم يقولون (صوّر لقّلك)، ثم رموني في قناة على جانب الطريق بعد أن فقدت وعيي، ولم أجد هاتفي النقال، وبعد أن استعدت وعيي، قدت سيارتي متجها إلى مخفر ضهر البيدر”.
في المستشفى
وقد تم نقل حداد من مخفر عين دارة بسيارة الإسعاف الى مستشفى الجبل ووصلها حوالي العاشرة والربع مساء، وقد عاينه طبيب الطوارئ في المستشفى ثم الطبيب الجراح كمال زيتوني، وقال زيتوني في اتصال مع greenarea.info “وصل حداد إلى المستشفى بحالة خطرة وهو يعاني من جراح عديدة في الرأس، وقد عاينه الطبيب الشرعي، وتقريره يعطي تفاصيل الإصابات الموجودة، من جهتنا قمنا بالإسعافات الأولية، وتطلبت حالته تدخلا جراحيا باستعمال مخدر عمومي، والمريض بوضع مستقر”.
وقدم الطبيب الشرعي نعمة الملاح، تقريرا بتاريخ 19 نيسان (أبريل) 2017 بالحالة، (الصور المرافقة) أفاد فيه أنه “في الساعة الثانية وبناء لإشارة النيابة العامة، وبواسطة مخفر قرنايل رقم المحضر 32/75 عاينت في مستشفى الجبل المصاب ستيفن نبيه حداد مواليد 1975 والدته سامية، وبالإطلاع على صور السكانر، تبين بأنه يعاني من إثني عشر (جرح رضّي) منتشرة على فروة الرأس والجبهة يتراوح طولها بين إثنتين وخمسة سنتمترات، وتطلبت تقطيب في قسم العمليات مع بنج عام، وإصابة ورضة قوية على الأنف أدت إلى خمسة كسور في عظم الأنف مع تورم وازرقاق على العين اليمنى مع صعوبة في فتح العين، ويلزمه معاينة من طبيب عيون، رضة على العين اليسرى، جروح رضية عديدة على الساعدين واليدين، ورضوض عديدة على الوجه”، وأضاف التقرير أن “هذه الإصابات ناتجة عن ضربه بجسم صلب وتسبب له تعطيل عن العمل لمدة ثلاثة أسابيع مع التحفظ من حصول مضاعفات”.
وفي إفادته للدرك ادعى حداد على مجهولين بالضرب المبرح بقصد القتل العمد، وأكد لهم أن باستطاعته التعرف على سائق السيارة، وكان حداد قد أنهى تقريرا مصورا، يهاجم به منشأة المجمع الصناعي في عين دارة التابعة لآل فتوش، وقد أكد أنه تلقى تهديدات سابقة، وتم استدعاؤه عدة مرات من قبل آل فتوش للنيابة العامة، كما ذُكر مرات عدة في بيانات المكتب الإعلامي التابع لبيار فتوش.
اليوم ستيفن وغدا أي شخص من عين دارة
وتواجد في غرفته في المستشفى والدته الدامعة، المصدومة ووالده، وزوجته وعدد من أهالي وفاعليات عين دارة، وقالت زوجته ميراي لـ greenarea.info: “هذه القضية لا تطاول ستيفن فحسب، بل هي رسالة موجهة لكل أهالي عين دارة، وعلينا أن نقف يدا واحدة وإلا فاليوم ستيفن وغدا أي شخص من عين دارة، فلن يوقفنا هذا الأمر، ولن نخاف بل سنكمل الرسالة التي نقوم بها”.
وعند سؤالها عن معنويات ستيفن وما قاله لها إثر الحادث، أكدت “قال لي إن كانت هذه القصة نهاية المشكلة وأن نخرج منها بانتصار، فأنا مستعد أن تكون على حسابي”.
وكان لقاء مع العميد المتقاعد سليمان يميّن، وقال لـ greenarea.info: “موضوع عين دارة موضوع وطني وأهلي وبيئي بامتياز، نحن على الرغم مما نعرفه من التزوير اللاحق بدراسة الأثر البيئي، والتي لم تتم وفقا للأصول، ولم تعرف بها لا بلدية عين دارة السابقة ولا البلدية الحالية، وقد فاجأنا فتوش بطلب الترخيص، مع أنه (أي فتوش) قدم طلب الترخيص للبلدية السابقة وتم رفض طلبه بالإجماع، وعاد بطرق ملتوية بدراسة ملتوية للأثر البيئي وبدون أي إعلانات، وتكلفت شركة خاصة أُثير العديد من علامات الإستفهام حولها، ولم تقم بعمل تقييم كامل للأثر البيئي وفوجئنا بأخذ فتوش الترخيص من وزارة الصناعة في عهد البلدية السابقة، ولم نستلم حتى تاريخ اليوم أي تقرير عن الأثر البيئي، وقبل استلام البلدية الجديدة، أتى فتوش من مكتب القائمقام، وحاول تسجيل رخصته الصادرة عن وزارة الصناعة، وقام بالإعتداء على موظفات البلدية، كما نقلت وسائل الإعلام ومنهم موقعكم greenarea.info، وبما أنه لم يحصل على رخصة إنشاءات من بلدية عين دارة، وبالقانون لن تعطيه البلدية هذه الرخصة، ولم يتقدم بطلب رسمي من البلدية، فهو يحاول ومنذ ذلك الوقت إدخال بعض المعدات بالقوة ونجح فعلا بإدخال بعضها ومنها الجبالات، وقد منعه الأهالي المعتصمون من إدخال الكثير من هذه المعدات، ومع تواجد مركز للشرطة البلدية العزل، ولا زلنا مستمرين منذ حوالي العام وتعرضنا للكثير من الإستدعاءات، واشتكى علينا زورا، فنحن لم نضرب أحدا ولا قمنا بإهانة أحد، فضلا عن حادثة إطلاق النار الأخيرة التي ادعى فتوش على أن أهالي عين دارة قاموا بها، لذا فإن أول ما قام به المسلحون هو سلبه هاتفة الخلوي وضربه وهم يرددون (صوِّر لقلك)، وتدل الإصابات على رأسه، على نية بالقتل العمد، وعلى الطريق العام الدولي ،واستدرجوه جانبا خلف سيارة حتى لا يراهم أحد، وتعرف على سائق السيارة، وستيفن لا أعداء له ويعمل في مجال التصوير، وقد عطل هذا الحادث عمله وأبعده عن أسرته وأطفاله الثلاثة، وأعتبرها محاولة قتل عمدا، وقد نجّاه الله بعد ضربه بالحجارة على رأسه”.
وأضاف أن “القضية تكبر كثيرا، وأنه بدراسة وبدون دراسة حديثة فلن نقبل بمصنع في عين دارة رفضته زحلة وبلدة جنتا على حدود لبنان، ونخشى بأن تتفاقم المسألة أكثر، انهم جماعة ضرر وقتل وموت، وليسوا جماعة مشروع سياحي أو يفيد البلاد”.
مختار عين دارة
وفي هذا السياق قال مختار عين دارة لـ greenarea.info إن “البلدية بصدد إصدار بيان صحافي بالواقعة اليوم الأربعاء، وسنتخذ الإجراءات اللازمة، وسنقاوم وكالعادة وبالطرق السلمية، وسنحاول اكتشاف المعتدي وكل عين دارة مستاءة مما حدث وقد جمعتها هذه الحادثة، وإن كانت مصداقية فتوش تظهر في هذه الأعمال كيف سنصدقه بتعهده بشروط الرخص وحماية البيئة وبأمور مثل إنشاء معمل بيئي وخلافه، وكمثال فأنا كنت أعمل في مجال التربية والتعليم، فلو كان هناك أستاذ يعنّف تلميذا فهل يعطوه رخصة مدرسة، ومن جهة فتوش فقد خرب المنطقة بكساراته، فبدلا من إحالته للقضاء يكافئونه؟”.
ووصل على صفحات التواصل الإجتماعي الخاصة بعين دارة خصوصا AindaraTribune عدد المشاركين إلى أكثر من ألف شخص، والتعليقات تجاوزت 400 لكل منها، مطالبين الدولة بدلا من “وضع الضرائب على الناس العاديين العقوبات على عدم الالتزام بقوانين السير، التحول إلى ضبط الفساد والإستزلام الذي كاد يودي بحياة شاب وأب لأطفال”.