رفعت بلدية حاصبيا منذ انتخابها شعار “البيئة أولاً”، وتركزّت اهتماماتها وما تزال على حماية البيئة، وتبني مشاريع تلحظ التنمية المستدامة، ومن بينها العمل على حماية الثروّة السمكية ورفع الضرر عنها بشكل عام، وعن مجرى نهر الحاصباني بشكل خاص.
وقد سخّرت في هذا المجال كل الوسائل المتاحة لتحقيق هذا الهدف، لعلّ أهمها تشغيل وتوسيع نطاق عمل محطة تكرير الصرف الصحي من جهة، والمحافظة على الثروّة السمكيّة من جهة ثانية، وذلك من خلال منع رمي زيبار الزيتون في مجرى النهر من قبل أصحاب المعاصر خلال موسم الزيتون، بالتزامن مع قرار واضح يحظر صيد الأسماك.
وبهدف حماية الثروّة السمكيّة خلال فترة تكاثرها من 15 نيسان (أبريل) حتى نهاية شهر حزيران (يونيو)، أصدرت البلدية قرارا “يمنع صيد الأسماك في نهر الحاصباني، بكافة الوسائل تحت طائلة الملاحقة القانونية”.
معاقبة المخالفين
وفي هذا الإطار، يوضح يوسف أبو صالح نائب رئيس بلدية حاصبيا لـ greenarea.info أنّ “هذا القرار صادر عن وزارة الزراعة، والبلدية تلتزم به بشكل تام، وبناءً عليه، تم تعيين مراقبين دائمين مهمتهم منع وقوع مخالفات، تحت طائلة المسؤولية وتغريم المخالفين”.
ويتابع أبو صالح “عند وقوع مخالفة، تعمد البلدية إلى إرسال إنذار إلى الشخص المخالف، فإذا لم يلتزم بالقانون يتم تغريمه بمبلغ خمسين ألف ليرة لبنانية، وفي حال وقعت المخالفة مجدداً، يتم تحويله إلى المحكمة العسكرية، ليتم اتخاذ الإجراء المناسب بحقه”.
“حتى الآن لم تقع أي مخالفة”، يؤكد أبو صالح، ويضيف أن “هناك إلتزاما بالقرار من قبل الأهالي”، ويتابع “في رصد وتسطير مخالفات، فإن الأموال الناتجة عنها – على الرغم من أنّها لا تعتبر كبيرة – يتم إيداعها في صندوق البلدية، وتخصص لتمويل مشاريع وأشغال تابعة لها”.
ولا يعتبر قرار البلدية بالحفاظ على الثروّة السمكيّة الأول من نوعه، فهي لطالما شاركت بأي نشاط بيئي يهدف لحماية هذه الثروّة. في هذا السياق، يتابع أبو صالح “تقوم مجموعة شبابيّة في كل عام، بنقل الأسماك الصغيرة من نهر (الفاتر) إلى مجرى نهر الحاصباني، حفاظاً على حياتها، والبلدية دائماً تقدم يد العون في هذا النشاط”.
أنواع أسماك الحاصباني
إعتمد الكثير من أبناء منطقة حاصبيا على صيد السمك كمهنة إعتاشوا منها لسنوات عديدة، إلاّ أنّه ونتيجة تناقص الثروّة السمكيّة، إندثرت هذه المهنّة، وأصبحت تمارس كهواية من قبل الشبّان الذين يجدون فيها وسيلة للتسلية وتمضية وقت في الطبيعة، في ظل محدودية النشاطات التي يمكن أن يقوموا بها في الريف.
وتنحصر الأسماك في نهر الحاصباني، بأنواع محدودة، فوفق ما يقول رامي (أحد الصيادين الشبّان) لـ greenarea.info “أكثر الأنواع شيوعاً هو ما يعرف بالسمك النهري، وقد ظهر نوع الترويت منذ فترة زمنيّة غير بعيدة، حيث تم رمي بذور هذه الأسماك في مجرى النهر”.
ويضيف رشاد (صياد آخر) إلى هذه الأنواع “سمكة الزبال (أو الكناس)”، وتعد هذه السمكة من أكلة الطحالب وبقايا الطعام، إذ تقوم بتنظيف الأحواض من خلال تناولها للطحالب التي تنمـو باستمرار، والتي تسبّب مشـكله في الحوض. ويتابع رشاد لـgreenarea.info “يوجد بعض سمك الترويت في الحاصباني، على الرغم من أنّ هكذا نوع يتواجد في مزارع خاصة أكثر من الأنهار” .
تنتشر المنتزهات على ضفاف الحاصباني، وتقدّم السمك النهري كإحدى واجباتها الرئيسية المرغوبة من روادها، وبالتأكيد يعتبر النهر المصدر الرئيسي للحصول على السمك، لذلك يعمد أصحاب المنتزهات إلى الإعتناء بهذه الأسماك، من خلال الإهتمام بها وتزويدها بالطعام. كذلك يتم وضع شباك على ضفتي النهر، كي تبقى الأسماك محصورة في مكان محدود، بحيث يسهل الحصول عليها عند الحاجة.
وسائل الصيد
تتعدّد وسائل صيد السمك في نهر الحاصباني، وتتفاوت كما معظم المناطق اللبنانية بين المشروع منها وغير المشروع. في هذا المجال، يوضح رامي “صيد السمك يتم من خلال عدّة طرق كالصنّارة أو رمي الشباك، أو إستخدام ما يعرف بالمسدس، أو عن طريق التفجير (بمادة الديناميت)، أو من خلال الصعقات الكهربائية”.
وبالتأكيد فإن معظم هذه الوسائل، تعتبر غير مشروعة وتؤثّر بشكّل مباشر على الثروّة السمكيّة من حيث كميتها ونوعيتها. إلاّ أنّة للأسف فإن معظم الصيّادين يلجأون إليها، للحصول على أكبر كميّة ممكنة من السمك، في ظل غياب الرقابة الفعليّة.
وفي ظل التهديد المباشر الذي يطاول نهر الحاصباني وثروته السمكيّة، يبقى المشروع البيئي الأهم الذي تبنته البلدية وسط تدابيؤ رادعة لتنفيذه، ويتمثّل في رفع الأذى والتلوّث عن مجرى النهر ، وذلك من خلال “تشغيل وتوسيع قُطر عمل محطة تكرير مياه الصرف الصحيّ”، وفق ما يؤكده أبو صالح.