حالة طوارئ بيئية لمواجهة تلوث نهر الليطاني وبحيرة القرعون، هذا ما كان أعلنه مجلس النواب نهاية الصيف الماضي، فضلا عن حالة طوارئ تستدعي تدخلا عاجلا، ولكن، في ما شهدنا ونشهد منذ تلك الفترة إلى الآن، ومع اقتراب الصيف الثاني ليس ثمة ما يؤكد أن تسير الأمور في اتجاه معالجة التلوث وأسبابه، ما يؤكد يقيننا وثقتنا الكاملة بأن الاموال من قروض وهبات وتمويل داخلي التي ترصدها الدولة للمشاريع عامة تذهب هدرا، فضلا عن أن السياسات المائية المنتهجة بمجملها خاطئة، ويجب الاستعاضة عنها بسياسات واضحة قابلة للتنفيذ.
وحيال كل ذلك، على الشعب اللبناني رفض ما هو قائم، والاقتناع بأن المنتفعين دائما هم حفنة من النافذين المدعومين والمحميين، وهم بالدرجة الاولى من يلوثون ويتاجرون بما بقي من مقدرات هذا البلد، وهذا اليقين لم يأتِ من فراغ، فإلى الآن وبعد مرور وقت غير قصير لم يتم وقف التعديات التي تطاول النهر وتلوثه، ولم نرَ سوى استعراضات إعلامية في مؤتمرات تحت عنوان حماية وتنظيف، ولا حماية ولا حتى تنظيف حتى الآن.
النزوح أو الموت
لم تتوقف جميع المرامل، لم تتابع الدعاوى المقدمة ضد اصحاب المعامل، لم تعالج البلديات وضع صرفها الصحي، الدباغات، المزارع، الاسمدة الكيميائية، روث الحيوانات النفايات السائلة والصلبة مستمرة وتجد طريقها إلى النهر والمهل الزمنية مفتوحة على فصول جديدة من التلوث.
كل ما شهدناه، من تسويف ومماطلة وهدر للمال العام ما زال مستمرا، فالليطاني العظيم أصبح مستنقعا يحاصر المواطنين تلوثا وأمراضا وبؤرا موبوءة، والأهالي عند ضفافه هم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما النزوح أو الموت.
بلاغات بالجملة، ومناشدات للأهالي على امتداده، مرة يقطع النهر بالردميات ومرة أخرى بالنفايات، آخر المناشدات وصلتنا من ابناء بلدة المرج البقاعية، مع صور للنهر الذي سد مجراه بمختلف أنواع النفايات والردميات، حتى أنه بالكاد أن نتبينَ معالم نهر، إذ غدا مجراه مكبا للنفايات، تتوسطه بقع مائية.
مؤتمرات… تصريحات ووعود
وفي هذا السياق، أكد عبد الرحيم حرب لـ greenarea.info ، وهو من ابناء بلدة المرج البقاعية التي تقع مباشرة بعد شتورا وقبل زحلة ببضعة كيلومترات يصل عدد سكانها الى حوالي 20 الف نسمة، أن “المعامل الملوثة تمتد على ضفاف الليطاني، بدءا من زحلة وصولا الى المرج، بالاضافة الى معامل أخرى تبدأ بعد المرج وتصل الى القرعون، وهذا يشير الى اننا وسط زحمة النفايات والتلويث”.
وأضاف: “مع بدء ارتفاع درجة الحرارة أخذت الروائح الكريهة بالانتشار ايضا، وهذا يؤثر حتما على صحتنا، وبلدتنا تتحمل منذ اكثر من عشر سنوات المياه الآسنة نتيجة الصرف الصحي لجميع البلديات الذي يسلط على النهر مباشرة، كما ان النهر ازدحم بمخلفات متنوعة من روث الحيوانات، بقايا المسالخ والدباغات، فضلات المعامل، الحيوانات النافقة ايضا، والنفايات الصلبة”، واشار حرب الى ان “هناك مكبا او مزبلة في قب الياس تحرق يوميا ونتحمل في المرج عبء رائحتها وما تخلفه من الامراض”.
وأردف: “كل هذه الامور ندفع ثمنها من صحتنا حتى وصلت الاصابات بمرض السرطان في المرج ورياق لتسجل أعلى النسب نتيجة المحيط الملوث الذي نعيش فيه”، وتابع حرب: “قمنا بعدة وقفات احتجاجية آخرها مع بلدة قب الياس، ولكن لم نشهد تحركا جديا على الارض من المسؤولين، كل ما رأيناه مؤتمرات وتصريحات ووعود تعودنا عليها، أقل ما يمكن أن تفعله البلدية في حالة انسداد النهر بالنفايات والردميات هو إعادة فتحه ولو بأقل الامكانيات المتوفرة، ولكن يبدو اننا تركنا لمواجهة مصيرنا من الجميع، بعض العائلات رفعت دعاوى بسبب فقدانها احد أفرادها نتيجة المرض، ولكن هل هناك من ينصفها في بلد المحسوبيات والتبعية السياسية؟”.
وختم حرب متمنيا أن “نلقى آذانا صاغية، فالوضع مأساوي على الأهالي وعلى النهر، نحن بحاجة للبدء بالعمل ووقف التلويث فورا فمن غير المقبول أن نقتل يوميا”.
بلدية المرج
رئيس بلدية المرج وبعد اتصالنا به هاتفيا للوقوف على حجم الكارثة وأسبابها وسبل مواجهتها، طلب منا متابعة الأمر مع مساعده في البلدية أحمد الجراح، فأكد لـgreenarea.info “اننا نتعاطى في هذا الموضوع مع وزارة البيئة من خلال الوزير جمال الجراح كونه ابن البلد وابن المنطقة، فهو من يراجع الوزارات المعنية للوصول الى حلول، نحن بانتظار أن تبدأ الدولة بعملية تنظيف النهر”.
وأضاف: “كبلدية كل ما نستطيع فعله هو ازالة الردميات والنفايات، فالمشكلة أكبر من امكانياتنا”، وعن مشكلة الصرف الصحي في البلدة، قال الجراج: “اننا نسلطها الى مصفاة خاصة وجور صحية، وعما اذا كانت الوزارات المعنية قد وجهت دعوة للاجتماع بالبلديات لوضع خطة معالجة، قال “لم يحصل أي شيء حتى الآن”.