هل تعلم أن ما بين 60 إلى 65 طفلاً يولدون سنوياً في لبنان مع ضعف شديد في المناعة؟ وهل تعلم أيضا أن عدد هؤلاء يكاد يقترب من عدد حالات سرطان الأطفال الجديدة التي تشخص سنوياً؟ هذه النسب لحظتها معلومات صادرة عن الجامعة الاميركية في بيروت، أفادنا بها مسؤول قسم الاطفال الطبيب المختص في طب الاطفال الدكتور ميغال عبود، مؤكدا ان “العلاج متوفر ولكنه مكلف ماديا”.
فهل من دعم للكلفة العلاجية لهؤلاء مرضى الاطفال؟ وإلى اي مدى هناك أمل بالشفاء؟
مرض وراثي
بحسب ما ذكرته الجامعة الاميركية، فإن أمراض نقص المناعة الأولية هي مجموعة تضمّ أكثر من 250 مرضاً ينتج عنها خلل في الجهاز المناعي بالجسم، وهو مرض وراثي نتيجة زواج القربى، ما يؤدي إلى أمراض مزمنة وخطيرة كأنواع معينة من السرطان والتهابات جرثومية.
وفي هذا السياق تحدث رئيس دائرة طب الأطفال والمراهقين الأخصائي في زراعة نقي العظم الدكتور ميغال عبود لـ greenarea.info، فقال: “إن مرض نقص المناعة الاولية هو الامراض الوراثية، انما المشكلة التي نواجهها تتمثل في ان لا تغطية علاجية للمرضى المصابين به على الرغم من التقدم العلاجي، لذلك نشدد على انه كلما كان الاكتشاف مبكرا لهذا المرض يكون العلاج اكثر ضمانة، خصوصا في ظل التطور العلاجي الذي شهده زرع نقي العظم من خلال آلة جديدة متطورة للمعالجة”.
وأضاف عبود: إن هذا المرض الوراثي يمكن تشخيصه عند الولادة، وعلاجه يتطلب زرع نقي العظم، حيث اجرينا عدة عمليات جراحية في الجامعة الأميركية وتكلّلت بالنجاح، إنما المطلوب الدعم المادي للمرضى نظرا للكلفة المرتفعة، والحاجة إلى تقنيات حديثة لجعل الزرع ممكنا عند كل طفل، كما وأن نسبة نجاح العملية الجراحية لزع نقي العظم تكون أفضل بكثير عند إجرائها باكرا، لذلك نشدد على اهمية التشخيص المبكر عند الولادة، لكي نستطيع التحكم بالمرض والحؤول دون تطوره، نظرا لآثاره السلبية على صحة الاطفال المصابين به، ما قد يؤدي إلى وفاة الكثير من هؤلاء الأطفال حتى قبل أن يتم تشخيص المرض لديهم وعلاجهم”.
… ونادر
ولأن الاهتمام يتركز على اهمية إجراء فحوصات الدم للكشف المبكر عن المرض، تحدثنا إلى الأخصائي في المختبرات الطبية وأمراض الدم الدكتور الياس الهراوي، فقال لـ greenarea.info: “يعتبر هذا المرض من الامراض الوراثية التي تحتاج الى الكثير من العناية الطبية المكلفة علاجيا، اذ عندما يولد الطفل المصاب به يلجأ الاطباء من ذوي الاختصاص إلى زرع الخلايا الجذعية كعلاج مبدئي، وتحتاج للوقت لكي يتمكن الطفل من استعادة مناعته عن طرق زرع نقي العظم، فضلا عن عزله اقله لمدة شهرين دون ان يقترب منه احد، كي لا يلتقط ايا من الجراثيم فيعزل في غرفة مطهرة، وهذا العلاج يتطلب كلفة مادية عالية، من حيث مدى قدرة الطفل المصاب بالمرض في التأقلم مع الجسم الغريب الذي يزرع لتحصين مناعته، وما يجب التوقف عنده انه كلما كان عمر الطفل اصغر كلما كانت هناك ضمانة اكبر في العلاج، مع الاشارة الى ان هذا المرض نادر ومكلف علاجيا، ويتطلب اختيارا صحيحا لنوعية الطعام المعقم، عدا الادوية التي تعطى له لمنع رفض الزرع، كل ذلك يتطلب دعما ماديا للمصابين به، فضلا عن احتمال رفض الجسم للخلايا الجذعية من احد اقربائه، ومن المحتمل ان لا يكون النجاح مضمونا”.
لا شفاء كليا
من جهته، قال الأخصائي في طب الاطفال الدكتور فيليب شديد لـ greenarea.info : “ان عدد الاصابات بأمراض المناعة الاولية ليس كبيرا، وسببها وراثي، كما انه ليس هناك من شفاء كلي منها، انما الاهم كلما اكتشفت العوارض الصحية مسبقا عند الطفل المصاب، كلما خففنا من حدة الخطر الذي سيهدد حياته، لذلك، فإن تعرض الطفل لاكثر من ثلاث مرات لالتهاب السحايا والتهابات الرئة الحاد دون شفاء عندها علينا ان نشك انه مصاب بمرض نقص المناعة، وهنا فورا يجب اتخاذ التدابير العلاجية الطارئة لانقاذه من خلال زرع نقي العظم لتقوية المناعة قدر المستطاع، وحماية الطفل من المحيط الملوث تجنبا لنقل أي من الجراثيم المعدية إليه”.
وأكد الأخصائي في طب الاطفال الدكتور بيتر نون لـgreenarea.info انه “لا داعي للهلع فنسبة الاصابة بأمراض نقص المناعة لدى الاطفال في لبنان ليست كبيرة، والاهم ان علاجه الاساسي متوفر في الادوية وزرع نقي العظم”.
وقال الأخصائي في طب الاطفال الدكتور روني صياد لـgreenarea.info : “ان عدد الاصابات في أمراض المناعة الاولية لم تشهد زيادة ولم تنقص، فما زالت على حالها، انما الفحوصات الطبية والكشف المبكر شهدا تقدما وتطورا”.