كما هو الحال كل فترة تطالعنا أخبار عن قطع أشجار معمرة في مختلف المناطق اللبنانية، ولأسباب مختلفة، فضلا عن حرائق إما مفتعلة، أو نتيجة الإهمال وعدم المراقبة وإصابتها بالامراض، أو تأثرا بعوامل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة.
نتيجة كل ذلك، خسر لبنان عشرات آلاف الهكتارات من ثروته الحرجية التي لم تعوضها عمليات التشجير الخجولة مقارنة بحجم الخسارة، بالاضافة الى أنها تستغرق وقتا طويلا قبل أن تنمو وتكبر الأغراس الصغيرة، من هنا، تبقى حماية الغابات والاشجار الحرجية أولوية لا تحتمل تباطوءاً، ولا تقع مسؤوليتها على الدولة ووزارة الزراعة فحسب، بل هناك مسؤولية مشتركة ما بين الدولة ومؤسساتها والمواطنين، فضلا عن دور المجتمع المدني أيضا والجمعيات الكشفية والرياضية وطلاب المدارس والجامعات، الى جانب المؤسسة العسكرية التي لم تتوان عن تقديم الدعم والمساعدة في هذا المجال.
ولكي يكون العمل متكاملا على المواطن أن يحافظ على هذه الثروة وأن يعي أهميتها ويعلم أنه لم يتبق منها الا القليل، بعد ان كانت الغابات والأحراج ثروة لبنان منذ بدء التاريخ، وهذا إن دل على شيء، فعلى أن ثمة مؤشرا خطيراً ينذر بتدهور بيئي مؤكد، وخلل بالنظم الايكولوجية، خصوصا واننا نشهد منذ مدة بعيدة زحفا للباطون على حساب المساحات الخضراء، زادت من حدة الكارثة وفتحت شهية المالكين للإستثمار بالبناء والعمران على حساب أحراجهم الخاصة، فعمد بعضهم إلى التحايل على القانون لقطع الاشجار او افتعال الحرائق ليتخلص منها.
مناشدة من عوكر
ومن خلال متابعة التبليغات والشكاوى عبر “المراسل الأخضر”Green party/Green Reporter، وهو تطبيق مجاني على الهواتف الذكية أطلقه “حزب الخضر اللبناني” للإبلاغ عن اي جرم او انتهاك للبيئة والطبيعة، والعمل على نقل الاخبار بطريقة علمية ودقيقة وشاملة بالتعاون مع موقعنا greenarea.info، تبلغنا أول أمس مناشدة من المواطنة مونيك زغبي رزق في محيط منطقة عوكر، تطالب فيها التدخل لحماية حرج يتعرض لانتهاكات جمة منذ مدة.
وبلغت زغبي عبر “المراسل الأخضر” عن المشكلة التي يتعرض لها الحرج، فقالت لـ greenarea.info ان “هذا الحرج الممتد من الضبية حتى عوكر هو المساحة الحرجية المتبقية في المنطقة بعد التمدد العمراني الذي شهدته مؤخرا”، لافتة إلى “ملكيته تتوزع بين املاك خاصة واملاك للوقف اللاتيني، وهو متنفس لأهالي المنطقة بالاضافة الى انه يضم اعدادا هائلة من أشجار الصنوبر، الاعشاب البرية المختلفة، الطيور المتنوعة، وكذلك بعض الحيوانات البرية الثعالب وابن آوى”.
وبحسب زغبي، فإن “مشاهدة هذه الحيوانات هي من اجمل ما نتمتع به وسكان المنطقة، بالاضافة الى اننا تعودنا التنزه في هذا الحرج وتنظيفه من وقت لآخر عندما يترك بعض زواره المخلفات”.
حرائق مفتعلة
وتتابع: “الحرج مهمل، ومنذ قرابة السنة اندلعت فيه حرائق لمدة ثلاثة أيام متتالية، وقد عمدت فرق الدفاع المدني على اخمادها لتندلع ثانية وثالثة الى ان عثرت على بعض الفتية يقومون بإشعال الحريق، وكنت قد سلمتهم للجيش اللبناني، وتبين لي أن احد الملاكين تعمد ارسالهم لافتعال الحريق والتخلص من الشجر، وقد ناشدت البلدية العمل على مكافحة دودة الصندل بعد ان كادت تتمكن منه، ولم تستطع البلدية يومها رش الحرج لانه يحتاج الى الرش بواسطة الطوافات وهذا اكبر من امكانياتها، فعمدت الى رش محيط المنازل”.
وتضيف زغبي: “من خلال تجولي اليومي في الحرج والمحيط بدأت منذ مدة أشاهد اشجارا مقطوعة، ما اثار شكوكي ومخاوفي من ان يكون القطع تدريجيا للقضاء على الحرج، وهذا ما لا نرجوه ونتمناه، لذلك قمت بالتبليغ، واتمنى ان يصبح هذا الحرج محمية لكي نضمن سلامته وبقاءه”.
وزارة الزراعة تتدخل
وفي سياق متصل، قامت “جمعية Green Area الدولية” ومن خلال مساعيها للمحافظة على البيئة بالاتصال بوزارة الزراعة والدكتور داهش المقداد (من مصلحة الأحراج) الذي وعدنا بمتابعة الأمر. وعاودنا الاتصال مدير التنمية الريفية والثروات الطبيعية في الوزارة الدكتور شادي مهنا مطالبين منه التدخل، وقامت الجمعية بتزويده بكامل المعلومات والصور والعنوان، وطالبته بالتدخل. وبالفعل، وفي غضون أقل من ساعة حضر المراقب فادي ابي فرح الى الحرج وجال فيه، وقد علمنا انه عاين الحرج كاملا، وتبين انه تم قطع حوالي الخمس وثلاثين شجرة خلال مدة زمنية قريبة، وقد سطر محضرا في هذا المجال، فيما وعدت الوزارة متابعة الموضوع، من خلال فرقها وأجهزتها المعنية.