تعاني محافظة طرطوس السورية، زمردة المتوسط الشهيرة بشواطئها الدافئة ومرتفعاتها الباردة صيفاً من كافة أنواع التلوث، من مصفاة بانياس ومحطتها الحرارية إلى معمل الإسمنت ومصب النفط، مروراً بمرفأ تصدير الفوسفات، وصولا إلى مجابل الإسفلت والصرف الصحي ومعاصر الزيتون، وتشكل طرطوس “قوسا بحرية” يبلغ طولها 90 كلم، ممتدة من الحدود اللبنانية جنوباً إلى “نـهر السن” شمالاً، وتتناثر أمامها أربع جزر، هي: أرواد، العباس، النمل أبو علي.
حول الواقع البيئي في طرطوس، تحدث لـ greenarea.info مدير البيئة في المحافظة المهندس منصور منصور، فقال: “مما لا شك فيه أن الحفاظ على حياة صحية وسليمة في أي مدينة من العالم يتطلب الى جانب الوعي الصحي وتوفر الخدمات الصحية، وجود بيئة سليمة خالية من مسببات التلوث، وبعيدة عن الأمراض قدر الإمكان، وللحصول على بيئة متكاملة نظيفة صحية وسليمة يجب العمل على تأمين مياه نقية وهواء نقي، وتربة سليمة، كما يتطلب حماية النبات والحيوان من الانقراض”.
حرب على كل انواع النفايات
وأضاف منصور: “شنت مديرية البيئة بالتعاون مع عدة جهات حرباً على كافة انواع النفايات المنزلية (الصلبة والسائلة) وكذلك نفايات المستشفيات والمنشآت الصناعية، حيث عملنا بالتعاون مع (اليونسيف) على توزيع حاويات لفرز النفايات في مناطق عدة من المحافظة، وتم إنشاء المركز المتكامل لمعالجة النفايات الصلبة في منطقة وادي الهدة (راجع الرابط
https://greenarea.com.lb/ar/210872/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9
، حينها كان هدفنا إغلاق جميع المكبات العشوائية التي وصل عددها الى 62 مكبا، إنتشرت في بقاع المحافظة وأريافها، والاستفادة من كل النفايات، كذلك كانت لنا تجربة ناجحة في فرز ومعالجة النفايات الطبية بالتعاون مع مديرية الصحة وادارة المستشفيات العامة والخاصة”.
مصادر التلوث
وعرض منصور لمصادر التلوث البيئي في المحافظة، فقال: “هناك عدة مصادر، بعضها خطير ومباشر، وبعضها الآخر خطره اقل، فمثلا يوجد معمل اسمنت طرطوس، مصفاة البترول في بانياس، مياه الصرف الصحي، النفايات المنزلية، والمنشآت الصناعية (معمل الفلين)، اضافة الى معاصر الزيتون المنتشرة في كل ريف المحافظة، يبلغ عددها حوالي 240 معصرة تلقي مخلفاتها من مادة “الجفت” في مياه الأنهار والسواقي”.
التلوث البحري
ورأى أن “الأهم من كل تلك الملوثات تلك التي تضر بالبيئة البحرية، ومنها مخلفات السفن والتسربات التي تحصل أحياناً من خزانات النفط (الدريناج) وخزانات البواخر الراسية في الميناء، المواد البترولية والمنصرفات الناتجة عن مصفاة بانياس ومصبات النفط في كل من بانياس وطرطوس”، وأضاف: “هناك مخلفات بعض المنشآت الصناعية (مرفأ تصدير الفوسفات) والسياحية، أضف اليها مياه الصرف الصحي التي تصب في البحر، والتي ازدادت مؤخراً بسبب توقف بعض المحطات عن العمل لاسباب تتعلق بظروف الحرب الدائرة في البلاد”.
وأردف منصور: “لدينا مختبر مختص لمراقبة نسبة التلوث في المياه الجوفية والسطحية، حيث تؤخذ عينات بشكل دوري للمياه من كل الينابيع المنتشرة في جبال المحافظة وسهولها، ونعمل على مراقبة جودة مياه شبكة الشرب العامة، كما نعمل على الحد من وصول اي نوع من أنواع التلوث اليها”.
معمل الاسمنت
أما عن معمل الاسمنت، فقال منصور: “تعتبر شركة اسمنت طرطوس أحد أهم دعائم الاقتصاد الوطني، ولكنها تعد مصدراً رئيسياً للتلوث البيئي في طرطوس، فعلى الرغم من أنه يوجد على كل خط انتاج في المعمل أربعة فلاتر دانماركية الصنع ذات تقنية عالمية متطورة (تعمل بمبدأ الايونات المتوازنة)، إلا أن هذه الفلاتر تتوقف عن العمل بشكل آلي عندما تزيد نسبة غاز أول الكربون عن 8 بالمئة في الدخان المنبعث من مداخن المعمل، وتتعلق هذه النسبة مباشرة بنوعية المواد المحترقة، ونوعية الفيول، وجودة أفران الحرق، فعندما تتوقف تلك الفلاتر عن العمل، فإن الغبار ينبعث في أجواء المدينة ملوثاً إياها بشكل فظيع، نحن كمديرية البيئة نعمل على مراقبة هذه الفلاتر، ونلزم شركة اسمنت طرطوس بإرسال تقارير اسبوعية حول آلية العمل، ونسبة الملوثات المنبعثة جراء حرق المواد الأولية الداخلة في صناعة الاسمنت، والشركة متعاونة معنا في هذا المجال”.
دمج وزارتين
وعما إذا أثرت عملية دمج وزارة البيئة مع وزارة الادارة المحلية في الحكومة الحالية، قال منصور: “على العكس تماماً، فهذا الإجراء وضعنا أمام تحديات أكبر، وأصبحنا في المديرية نمارس دورنا، بشكل مباشر وأقوى، على الرغم من شح في الامكانيات المادية والموزانة المقررة للبيئة”.