تنتج شجرة الغار (Laurel) في فصل الخريف من كل عام ثماراً تشبه ثمار الزيتون، ولكن بلون بني، وتحتوي كل ثمرة غار على ما يقارب 25-35 بالمئة من الزيت العطر، الذي لا يزال بعض القرويين في الريف السوري يستخرجونه بطريقة بدائية، وذلك بغلي تلك الثمار مع الماء في قدور تدعى (الدست)، ويؤدي غليان الماء الى تمزق الخلايا الزيتية، وبالتالي يطفو الزيت منفصلاً عن الماء، فيُجمع بعد أن يبرد الماء.
كما تحتوي أوراق الغار على زيت طيار بنسبة 3 بالمئة تقريباً، وأهم مركبات هذا الزيت هو السينيول (Cineol)، يدخل هذا الزيت في صناعة صابون الغار الذي تشتهر به مدينة حلب السورية منذ آلاف السنين.
صابون طبيعي 100 بالمئة
تدخل في صناعة صابون الغار ذي اللون الأخضر، بالاضافة الى زيت الغار وزيت الزيتون زيوت نباتية أخرى، أهمها: زيت حبة البركة، زيت جوز الهند، زيت اللوز وزيت الصبار، بالإضافة إلى نسبة قليلة جداً من ماء الصوديوم (NaOh)، ويحتاج هذا الصابون الطبيعي كي يجف ويصبح صالحا للاستعمال لمدّة ستة أشهر، وذلك لأن المنتجين لا يستعملون موادا كيميائية تسرع التجفيف، كما أنهم لا يضيفون إليه أية مُعطرات أو ملونات، حفاظاً منهم على أن يبقى الصابون طبيعيا 100 بالمئة.
… فوائده
يصف المختصون بالعلاج بواسطة الاعشاب صابون زيت الغار لعلاج الشعر الضعيف، كونه يرطب فروة الرأس مغذّياً جذور وبصيلات الشعر، ويزيد الشعر كثافةً ويمنع تقصفه، كما يصفونه لمكافحة قشرة الشعر، ولمنع ظهور التجاعيد لأنه يغذي البشرة ويعطيها قوة ونضارة لاحتوائه على فيتامين E، كذلك يساعد هذا الصابون على نعومة البشرة والتخلص من حب الشباب، ويوصف لبعض الامراض الجلدية مثل الصدفية (لم يثبت نجاعته علمياً)، وتكمن الفائدة العظيمة للصابون المصنوع من زيت اوراق الغار في أن هذا الزيت يحتوي على: فيتامين B، وفيتامين A، وفيتامين G، وحمض الفوليك (Folic Acid)، والبوتاسيوم(K) والكالسيوم(Ca)، إضافة الى نسب من النحاس (Cu) والحديد (Fe) وبعض البروتينات، وهذا الصابون يستخدم لجميع الأعمار ولكل أنواع البشرة.
ألف سنة قبل الميلاد
أحد اصحاب مصانع صابون الغار الحلبي أحمد نجار، قال لـ greenarea.info: “لا يمكنك أن تجد شخصا سوريا واحدا لا يعرف أن حلب هي أم صابون الغار، أو الصابون الحلبي كما يحلو للبعض تسميته، فالحلبيون يتفننون في صناعة هذا الصابون، وهم طوروا هذه الصناعة ليشتقوا من الصابون ذاته، المراهم، كريمات الوجه واليدين، سوائل للجلي والتنظيف، وأخرى للاستحمام (شامبو)، ومؤخراً بودرة الجسم للاطفال والكبار، تستخرج من ورق الغار وتستخدم بدلاً عن البودرة المالحة والتي تحتوي موادا كيميائية”.
ويضيف النجار: “تعود قصة حلب مع صابون الغار الى حوالي ألف سنة قبل الميلاد، ومنذ ذلك التاريخ ولم يغير الحلبيون طريقة صناعتهم للصابون، على الرغم من كل التطور التكنولوجي، فهم لم يتخلوا عن تميزهم بأن صابون حلب نقي وطبيعي 100 بالمئة، وأنه يمكن وصفه للكبير والصغير، ولكل أنواع البشرة، وأن له فوائد طبية جمة، ولكن قد يكون البعض قد اشتروا ماكينات للتغليف فقط، فيما لا تزال طريقة الصنع تقليدية، او ربما بعضها نصف تقليدي، حيث أدخلت آلات المزج السريع، واصبح البعض يستخدم (حِلات) كبيرة لصناعة كميات ضخمة في فترات قصيرة، ولكن بذات المكونات الطبيعية والمواصفات الصحية”.
هذا كان قبل أن يصبح شجر الغار مثل غيره في الغابة السورية مهدداً بالانقراض، نتيجة الحرب الدائرة في البلاد، وعلى أمل أن يعود كل شيء في البلاد الى ما كان عليه يستمر الحلبيون الذين هجّروا من بيوتهم، بصناعة هذا الصابون مستخدمين وشاكرين شجر الغار الذي يرمز بالنسبة إليهم الى الأمل في البقاء على قيد الحياة.