أطلق الفيلسوف فريدريك انغلز مقولته الشهيرة (الحاجة أم الاختراع)، في اشارة منه الى ان الانسان كائن خلاق لا يمل ولا يكل من استنباط الاشياء وتطويرها، وأن الاختراع يطور ذاته، بوجود حتمية تطور البشرية، وازدياد الحاجات، وبالتالي زيادة عدد الاختراعات، ويحار المرء، من أين يبدأ، وعلى أي أساس يجب ترتيب الاختراعات.

فمن الورق والمطبعة، وسائل الاتصالات والكهرباء، و(البارود القاتل) الى العجلة والمحرك والطائرة، وصولاً الى ألواح الطاقة الشمسية، فالراديو، والتلفزيون، الرجل الآلي والكمبيوتر، القلب الصناعي وطفل الانبوب، الاستنساخ والخلايا الجذعية، وأخيراً الاختراعات صديقة البيئة التي سنسلط الضوء هنا على أهمها وأكثرها غرابة.

 

حركة التطور

 

لم يكن السومريون عندما اختراعوا العجلة في الالف الخامس قبل الميلاد، على علمٍ بأنها ستولد فكرة اختراع النواعير، العنفة ومروحة الطائرة، عجلة القطار ودولاب السيارة …الخ، وأن البشرية برمتها ستسير على عجلات، كما أنهم لم يتصوروا أن يأتي ميشلان ودنلوب ليخترعوا العجلة المطاطية بشكلها الحالي.

كذلك لم يتوقع الكسندر فليمينغ الذي اكتشف “البنسلين” في عام 1928، ذلك المضاد الحيوي الذي أنقذ شعوبا بأكملها من الموت، أن هناك اختراعات ستفوق إنجازه العلمي أهميةً، وأن العلماء سيتوصلون الى مضادات حيوية أكثر قوة وجدارة من البنسلين.

وعندما اخترع العالم الاميركي مارتن كوبر الهاتف النقال “الموبايل”، والذي  يعد أسرع وسيلة اتصال لاسلكية في التاريخ. أسدلت البشرية الستار على كل جهود ألكسندر غراهام بيل التي بذلها لانتاج جهاز يُسهل التواصل بين البشر، تلك الجهود التي طوّرها في ما بعد توماس أديسون مترجماً إياها في اختراعٍ عظيمٍ اسمه “الهاتف”، الذي نستعمله الآن في بيوتنا.

وفي حين يرى الكثيرون أن الإختراع العظيم الحاسوب (كمبيوتر) لولا اختراع آخر أكثر عظمةً وأهميةً يدعى “الانترنيت”، لكان الكمبيوتر مجرد طابعة متطورة تستطيع حفظ الملفات، ويعود الفضل باكتشاف الانترنيت، الى عالم الكمبيوتر الأميركي لورانس روبرتس في الستينيات من القرن الماضي، الذي طوّر شبكة تواصل اخترعتها مجموعة من العلماء العاملين مع وزارة الدفاع الاميركية، وكانت وقتها هايدي لامار قد وضعت حجر الزاوية لكل ما يسمى “موبايل” أو  “واي فاي” أو “بلوتوث”.

مع العلم أن الانترنيت لم يظهر فعلياً حتى عام 1986، إلا أنه بقي مملاً حتى جاء الأميركي بيرنرز لي عام 1991 واخترع نظام http، لتتوالى الاختراعات في هذا المجال، فكل برنامج يقصي الذي قبله في عالم التواصل الاجتماعي.

اكتشف الفيزيائي الألماني ولهلم رونتغ، سنة 1800 أشعة اكس (الأشعة السينية) X Ray، وعلى الرغم من أهمية الاكتشاف، كونه مكن العلماء من رؤية أعضاء المريض من الداخل دون جراحة، إلا أن هذا الاختراع لم يصمد أمام الاختراع العظيم الذي سمي بالطبقي المحوري (التصوير المقطعي) والذي مكّن الاطباء من تصوير العضو المراد فحصه دون عرض بقية الاعضاء.

 

اختراعات صديقة للبيئة

 

طابعة خضراء: اخترع العلماء في جامعة طوكيو في اليابان طابعة لا تستخدم الورق، فهي تقوم بطباعة المستندات على ألواح من البلاستيك المقاوم للماء، وهذه الالواح يمكن استخدامها أكثر من سبعين مرة، فكل ما هو مطبوع يمكن إزالته بمجرد تعريض الالواح البلاستيكية الى درجة حرارة عالية.

البيوت  الخضراء: في كلية الفن والتصميم والإعلام في جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، صمم التلامذة منزلاً صديقاً للبيئة، حيث أن جدران المنزل من الزجاج الذي يمتص الطاقة الشمسية ويحولها الى طاقة كهربائية، فيما تمت زراعة السطح بالعشب الأخضر والزهور، وذلك بهدف أن تمتص تلك النباتات غاز ثاني أوكسيد الكربون والهدف الآخر هو أن تقوم بتبريد المنزلن وزود المنزل بجهاز صغير لاعادة تدوير النفايات المنزلية.

فرشاة الأسنان: حفاظاً على البيئة، ومنعاً لزيادة كمية النفايات البلاستيكية في المدن، اخترع العلماء في جمهورية التشيك فرشاة أسنان برؤوس متعددة قابلة للتبديل، وذلك لمنع إلقاء الفرشاة كاملة في سلة المهملات.

بطاريات “رايدن”: نوع جديد من البطاريات صديقة للبيئة، حيث يمكن إعادة شحنها لعدد لا نهائي من المرات، وفي وقت أسرع 20 مرة من الوقت اللازم لشحن البطاريات الاخرى،  كما تستطيع تجديد طاقتها لفترة أطول من تلك التي تقوم بها نظيراتها من البطاريات التقليدية.

الواح الطاقة الشمسية: لا تتعطل نهائياً، لا تفرز أي نوع من أنواع الملوثات، تعمل بصمت على تحويل الطاقة الشمسية الى طاقة كهربائية نظيفة، لذلك تعتبر إحدى مصادر الطاقة البديلة لمصادر الطاقة التقليدية (الفحم، البترول ومشتقاته) القابلة للنضوب، ويصل العمر الأفتراضي للخلايا الضوئية إلى 30 سنة.

لقد تم اختراع الخلية الضوئية الحديثة في عام 1954 في مختبرات بيل، من أجل  ألعاب الأطفال، وما لبث أن طورها كل من جيرالد بيرسون وكالفين فولر ساوثير.

ستشهد البشرية حركة تطور دائمة في مجال الاختراعات طالما ان حاجات البشر تختلف وتزداد من جيل الى جيل.

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This