تذكر “موسوعة غينيس” أن مساحة الجدارية الضخمة التي تمتد على حائط “مدرسة الشهيدة نهلة زيدان” والتي تقع على “أتوستراد المزّة” في العاصمة دمشق، تبلغ مساحتها 720 متراً مربعاً، وقد صنفت في السجل ذاته على انها أضخم جدارية في العالم، تم تنفيذها من إعادة تدوير النفايات المننزلية الصلبة، فقد عمل الفنان التشكيلي موفق مخول وفريقه المؤلف من ستة فنانين على تحويل الأطباق منزلية، زجاجات العصائر والمشروبات، قطع السيراميك، المرايا وغيرها، الى لوحة بديعة تكسر قباحة المشهد الحربي الذي بات الانسان السوري يعاني منه.
ماذا عن هذه التجربة؟ وهل ستتكرر؟
موفق مخول الموجه التربوي الاختصاصي في الفنون في وزارة التربية، تحدث لـ greenarea.info حول هذه التجربة، قائلاً: “للفن بكافة تشعباته القديمة والحديثة، علاقة مباشرة جدلية وأبدية مع الطبيعة، وفيها تتحول بعض الاعمال الفنية الى رديف حقيقي للبيئة، انطلاقاً من هذه القناعة ولدت لدينا فكرة استعمال النفايات الصلبة، من زجاج، بلاستيك، حديد، نحاس ومعادن اخرى لإكساء جدران مدرسة، حيث تم اختيار الموقع بدقة على أتوستراد المزة، وحصلنا على موافقة الجهات الحكومية المسؤولة، ومن ثم راسلنا “موسوعة غينيس” فكان المشروع”.
وأضاف: “بدعمٍ من وزارة التربية السوريّة، تواصلنا مع المسؤولين عن موسوعة غينيس، وشاركت في تنفيذ المشروع مجموعة “إ يقاع الحياة” المؤلفة من ستة فنانين تشكيلين بإشرافي، جميعهم يعمل في قطاع التعليم، فجاءت الفكرة توعوية، تربوية، موجهة رسالة حول أهمية الاستفادة من النفايات وإعادة تدويرها والحفاظ على البيئة نظيفة، دام العمل حوالي سنة كاملة، واستخدمنا لإكساء كامل الجدار ما يقارب من العشرين طنا من النفايات الصلبة، التي ساهمت محافظة دمشق بإمدادنا بها”.
وتابع مخول: “بدأنا العمل بعد أن أعطانا المسؤلون عن (غينيس) الضوء الأخضر مبدين إعجابهم بالمشروع، وقالوا لنا حينها: سنفتتح فرعاً في الموسوعة لمثل هذه المشاريع الفنية الصديقة للبيئة، بدأنا في عام 2012 أولى الخطوات بتجميع النفايات، ومن ثم فرزها، وبعدها بدأ الفنانون بتصميم الجدارية لتنتهي في بداية عام 2014 وسُجلَ رسمياً في غينيس، على أن مساحته تبلغ 720 متراً مربعاً، غير أننا تابعنا العمل على اللوحة الجدارية الى أن بلغت مساحتها في نهاية العمل أكثر من 1000 متر مربع، لتكون بالفعل أضخم لوحة جدارية في العالم منفذة بشكل كامل من النفايات”.
وعما إذا كانت هناك نية لتكرار هذه التجربة، قال مخول: “طبعاً هناك نية، لن نتوقف عن إيصال رسالة الفن الراقية الى عامة الناس في الشارع، وتعليمهم كيفية تحويل الأشياء البشعة الى لوحاتٍ جميلة، فنحن كفنانين تشكيليين لدينا لغة نخاطب الاجيال من خلال لوحاتنا، ولسنا في صدد تحدي احد. مشروعنا الآتي سيكون في منطقة البرامكة، جدارية أخرى بذات التقنية وذات المجموعة من الفنانين، مستخدمين نفايات منزلية صلبة، نجمع، نفرز ونصمم محولين البشاعة الى جمال.
لم يستسلم الدمشقيون للتلوث البيئي، ولا حتى لبشاعة الحرب التي تدمر البلاد بشكل ممنهج منذ ستة أعوام، فهم يعملون أفراداً ومؤسسات على دعم وتمويل مشاريع بيئية تخطو بالانسان بعيداً عن كل ملوثات الوسط البيئي، فتحية لأصدقاء الحياة، الذين يمزجون الفن بالبيئة.