مرّ “اليوم العالمي للبطريق” في الخامس والعشرين من نيسان (أبريل) الجاري، دون أي إشارة إلى هذه الاحتفالية السنوية، على الأقل من قبل الجهات المولجة حمايتها والتذكير بما يتهددها من مخاطر مع تراجع أعداها، باستثناء “هاشتاغ” ظهر على موقع التواصل الإجتماعي “تويتر” #اليوم_العالمي_للبطريق، وآخر #worldpenguinday للتذكير بالمناسبة، فيما غابت الأنشطة المفترض أن تقام في هذا اليوم، خصوصا وأن هذه الطيور القطبية تواجه تراجعا كبيرا في أعدادها، وبعض أنواعها مهدد بالإنقراض.
اقترن البطريق في أذهاننا بما روجته لنا بعض الإعلانات، لا سيما وأن بعض الشركات العالمية اتخذته “أيقونة” لتسويق إنتاجها، حتى بات كائنا محببا، إن لناحية جماله وطريقة مشيته، وإن لناحية تفرده كنوع من الطيور لا يملك القدرة على الطيران، لكنها في المقابل لها القدرة على الغطس في المياه الباردة، ومع تطور وسائل الاتصال الحديثة، نجد أن البطريق اكتسب شهرة إضافية على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ غالباً ما تستوقفنا مقاطع فيديو طريفة لهذا الكائن القطبي.
صحة الأرض
وتتضاعف المسؤولية اليوم للمحافظة على البطريق وحمايته من الإنقراض، وهذا ما يتطلب جهودا دولية للحفاظ على بيئته الطبيعية، خصوصا لجهة وقف التنقيب عن النفط الذي يعد الخطر الأكبر الذي يتهدد هذه الكائنات الرائعة.
قد يظن البعض أننا غير معنيين بهذا “اليوم العالمي”، ذلك أن البطريق لا يعتبر من الطيور التي تعيش بين ظهرانينا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فيما الواقع غير ذلك تماما، فما يواجه البطريق من تحديات، يعتبر مؤشراً على “صحة الأرض”، فتراجع الكتل الجليدية القطبية نتيجة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض، يعني تلقائيا ارتفاعا في مناسيب البحار والمحيطات، وهذا ما بات أمرا واقعا، ويهدد مستقبلا المدن الشاطئية حول العالم، فضلا عن التلوث الذي قضى وسيقضي على آلاف البطاريق، ولا سيما التلوث النفطي، ما يؤثر أيضا على السلسلة الغذائية أبعد بكثير من مَواطنِ البطريق النائية.
وما يثير مخاوف العلماء حاليا انخفاض أعداد معظم أنواع طيور البطريق، بنسبة تراوح بين 50 و95 بالمئة، على مدى الفترة الممتدة من خمسين من 50 إلى مئة عام، وهذا مدعاة قلق لجهة تكريس جهود أكبر لحماية هذه الطيور ومدى إمكانية الحفاظ على موائلها، من غزو الإنسان لها.
سفراء عظيمون
ومن هنا، يحتاج العالم إلى بذل جهود مضاعفة لحماية الحياة البرية في منطقة القطب الجنوبي، الذي تتخذ طيور البطريق منه موطنا لها، ولذلك يشدد العلماء على ضرورة بذل المزيد من الجهود لحماية هذا الحيوان من الانقراض، فضلا عن أن طيور البطريق، المفضلة لدى الكثيرين بسبب مشيتها المتأرجحة وشكلها الظريف، وفرت للعلماء طريقة مفيدة لقياس صحة البيئة، كما يقول كريستيان ريس، عالم الأحياء والمصايد، من “الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي” National Oceanic and Atmospheric Administration في الولايات المتحدة الأميركية إن “البطاريق سفراء عظيمون لفهم الحاجة للحفاظ على موارد المحيط الجنوبي”.
وبحسب موقع “إذاعة صوت ألمانيا”، فإن ثلثي أنواع البطاريق في العالم تتناقص أعدادها، بدءاً من جزر غالاباغوس البركانية على خط الاستواء، وصولاً إلى الجليد البحري في القارة القطبية الجنوبية.
ووفقاً لدراسة أعدها مركز بيو للدراسات في واشنطن (Pew) في العام 2015، فإن بطاريق القطب الجنوبي على وجه الخصوص هي الأكثر تأثراً بتغير المناخ، إذ يقلص ذوبان الجليد من موائلها، ويسبب ارتفاع درجة حرارة البحار إلى موت وتراجع أعداد فرائسها.
ويبقى التحدي الأكبر متمثلا في القدرة على وقف عمليات التنقيب عن النفط، وهذا الأمر دونه صعوبات، خصوصا وأن الأمر لا يقتصر على جشع الشركات فحسب، وإنما يطاول الدول السائرة نحو استنفاد موارد الأرض!