مع ظاهرة انتشار القطط والكلاب الضالة في شوارع المدن والمناطق، تتبّع بعض البلديات وعدد من الأفراد في لبنان وسيلة التسميم للحد من أعدادها، ومع نفوق عدد من الحيوانات الأليفة نتيجة هذه الممارسة، ناشد ناشطون “جمعية Green Area الدولية” العمل على التوعية ضد هذه الممارسات الجائرة، خصوصا وأنها تطاول حيواناتهم الأليفة بالخطأ، وطالبوا بوسائل أكثر إنسانية للتخفيف من عدد هذه الحيوانات، خصوصا وأن تراكم النفايات في الشوارع وتكاثر القوارض ساهما في زيادة أعدادها بشكل غير مسبوق، كما أنه يعرضها لأمراض تنتشر بينها.
وأشار الناشط في مجال الرفق بالحيوانات والعضو المؤسس في جمعية APAF طوني مصور لـ greenarea.info إلى أن “عدد الكلاب والقطط الضالة في لبنان كبير للغاية خصوصا القطط، وينوف عدد القطط في بيروت وضواحيها على الـ 100 ألف، لذا نتبع مع العديد من الناشطين والجمعيات الفعالة في هذا المجال برنامج TNR العالمي وهو رمز مختصر لـ return-neuter-Trap للحيوانات التي تعاد للمنازل و-neuter-Traprelease للحيوانات الضالة، وهو برنامج متبع في معظم البلدان من قبل الأفراد وجمعيات الرفق بالحيوان، ونعمد فيه إلى جمع هذه الحيوانات من قطط وكلاب، ونأخذها لدى طبيب
بيطري، يفحصها ويعالجها من الأمراض والآفات ثم يخضعها لعمليات تعقيم Neutering، وهو تعبير عام لكلا الجنسين من الحيوانات، وتحديدا Spaying للحيوانات الأنثى، و Castration للذكور من الحيوانات”.
ولفت مصوّر إلى أن “الطبيب يبادر إلى إزالة جزء من أذن القط المعقّم ليعرف من يراه أنه تعرض لهذه العملية ونعيد الحيوانات إلى مكانها”، وقال: “إن معدل تزاوج القطط كبير، ويمكن لقطتين إن تزاوجت وأطفالها أن تنجب ما يزيد عن 100 قطة في العام، كما يقوم بعض الأشخاص برمي حيواناتهم الأليفة مع صغارها، فلا يمكن تخيل العدد الذي يمكن أن يبقى في الشوارع، وبالتالي، ولو استطعنا تعقيم كل القطط في الشوارع وليس هناك شرطا على التعقيم في البيوت، تظل المشكلة موجودة، فعلى المواطنين أخذ عملية التعقيم بشكل جدي لدى حيواناتهم الأليفة لمنع زيادة أعدادها ومبادرة البعض التخلص منها بالرمي في الشوارع”.
وأكد أن “أخطر ما يحصل أن معظمها، خصوصا الصغار منها تتعرض للدهس، وللقتل بواسطة السموم من البلديات والأفراد أو يصطادها البعض بدون رحمة، ومع حالة شوارعنا والتلوث من المكبات العشوائية المنتشرة والنفايات، فإن أفضل طريقة في الوقت الحاضر مع عدم معالجة أزمة النفايات بشكل متكامل وللسيطرة على أعدادها وحمايتها هو التعقيم بشكل موسع والتوعية والتثقيف، فإن كنت محبا للحيوانات عليك حمايتها من كافة المخاطر التي تتعرض لها نتيجة عدم تعقيمها من أمراض جنسية، وحالة ولادات مستعصية وصغار غير مرغوب بها، وكثيرا ما يبادر معظم الأشخاص إلى رميها في الشوارع فتنفق من الجوع والعطش وحوادث الدهس”.
برنامج TNR
بدأت برنامج TNR الناشطة الإنكليزية في مجال الرفق بالحيوانات روث بلانت Ruth Plant في ستينيات القرن الماضي، خصوصا أن التخلص من القطط الضالة كان الحل الوحيد للحد من تكاثرها، وخطر تهديدها للحيوانات والطيور البرية، وأنشأت بلانت ما يسمى “صندوق إنقاذ القطط” Cat Action Trust في العام 1975، وتبنى هذا البرنامج العديد من الناشطين والجمعيات المعنية بالرفق بالحيوانات، ومنها “الجمعية الأميركية للوقاية من القسوة على الحيوانات”ican Society for the ASPCA | Amer Prevention of Cruelty to Animals، واعتبرته “الاستراتيجية الأكثر إنسانية وفعالية واستدامة ماليا للسيطرة على مجموعات القط المتجولة الحرة”، وبأنها “الطريقة الوحيدة المؤكدة والإنسانية التي أثبتت فعاليتها لإدارة مستعمرات هذه القطط البرية”، كما أيدت “المنظمة الإنسانية الأميركية” American Humane Association هذه الطريقة كونها “تعتمد على المجتمع المحلي مع الإدارة المسؤولة على أنها أفضل مقاربة ممكنة وطويلة الأمد متاحة في هذا الوقت لتقليل أعداد القطط البرية”، وفي كندا تبنت “فيدرالية الجمعيات الإنسانية” The Canadian Federation of Humane Societies هذا البرنامج باعتباره “مسؤولية مجتمعية”، خصوصا أن “طبيعتها البرية ناتجة عن الإهمال البشري”، كما أيدت “الجمعية الملكية” The Royal Society في بريطانيا هذا الأمر وجمعيات وأفراد حول العالم.
مصور: ضرورة التعقيم
في لبنان، ليس هناك قانون للحماية والرفق بالحيوانات، ويبادر أفراد وجمعيات للقيام بمهام كبيرة في هذا المجال، لكن لا يستطيع ناشطو الرفق بالحيوان والجمعيات لوحدهما القيام
بهذه العمليات على مجال واسع لصعوبة هذا الأمر من الناحية المادية واللوجستية، ومن الضروري، وفقا لمصور أن “يساعد المجتمع المحلي”، وأهاب “بكل من يريد اقتناء قط أو كلب أن يتبنى أحد هذه الحيوانات بدلا من شرائها من محلات بيع الحيوانات، وإن اشتراها فمن الضروري التأكد من خضوعها لعملية التعقيم”.
وشدد على أن هذه العملية “تساهم بإطالة عمر الحيوان الأليف سنتين على الأقل، كما أنها تحميه من الإلتهابات لدى إناثها، وتضخم وسرطان البروستات لدى الذكور، فضلا عن تغيرات المزاج العنيفة التي تتعرض لها الحيوانات خلال فترة التزاوج، وبهذا يمكن أن نطمئن إلى عدم رميها في الشوارع مع صغارها”، وقال مصور: “على البلديات واتحاد البلديات التعاقد مع طبيب بيطري للقيام بهذه العمليات المهمة، وبذلك يمكنهم التقليل من أعداد هذه الحيوانات، ومعاملتها بأفضل طريقة إنسانية لا قتلها بالسم”.
حمزة: الحد من أعدادها
كما ناشد الرائد في الرفق بالحيوانات من منطقة الجنوب حسين حمزة المساعدة في تغذية ومعالجة وعمليات تعقيم تشمل 70 كلبا يعتني بها حاليا في ملجأ خاص يملكه في منطقة القاسمية في الجنوب.
وقال: “تتعرض الحيوانات لشتى أنواع التعذيب على أيدي بعض البشر، فالحل الحد من أعدادها، وضرورة عدم شراء كلب غير معقم”، وطلب كل من يريد تبني حيوان أليف أن “يتواصل مع الناشطين عبر greenarea.info، لتوجيه الأفراد المهتمين إلى أفضل الطرق للمساعدة والمساهمة بدفع فواتير علاجات وعمليات هذه الحيوانات لدى البيطري، وإعطائها المجال لتعطي المحبة المميزة فيها لأصحابها، خصوصا وأن تكلفة عملية التعقيم أقل بكثير من
أسعار الحيوانات الموجودة في المحلات التجارية، كما أنهم يتأكدون من خلوها من الأمراض السارية بينها، كونها متابعة من طبيب بيطري بصورة مستمرة”.
وختم مناشدا المواطنين، قائلا: “لا يمكننا الوقوف صامتين أمام ما تتعرض له هذه الحيوانات من الدهس وشتى أنواع التعذيب والإهمال والأمراض، لكن الأمر أصبح فوق طاقاتنا وإمكانياتنا الخاصة، كوننا نعالج الحيوانات بشكل فردي، ونعمل قبل عودتها إلى الشوارع على تعقيمها، ما يرتب علينا مبالغ كبيرة”.