تواصل اليوم ناشطون بيئيون في شمال لبنان مع موقعنا greenarea.info، وأبلغنا من قبلهم عن سلحفاة نافقة على “شاطئ البياضة” في المسبح الشعبي في منطقة المينا – طرابلس، ويأتي نفوق هذه السلحفاة ليضاف إلى عشرات حالات النفوق على امتداد الشاطىء اللبناني، في ظاهرة تستدعي دراستها والوقوف على أسبابها.
الزيلع: سنتابع الموضوع
وفي هذا السياق، أرسلت لنا عضو مجلس بلدية المينا، مسؤولة العلاقات العامة والإعلام في جمعية “لجنة رعاية البيئة في لبنان” والعضو في “الإتحاد الدولي للمحافظة على الطبيعة” IUCN المحامية سماح الزيلع صورة للسلحفاة النافقة التقطها ناشطون في شاطئ البياضة، وبدت الدماء على قوقعتها، وقد تكون ارتطمت بالشاطئ أو بمركب أو لأسباب غير معلومة.
وقالت الزيلع لـ greenarea.info: “وجد ناشطون ومتطوعون في جمعية لجنة رعاية البيئة في لبنان يعملون يومي السبت والأحد من كل أسبوع على تنظيف شاطىء المسبح الشعبي سلحفاة نافقة، وأرسلوا لي الصورة، وللأسف فهذا موسم تزاوج هذه السلاحف، وهي تقترب من الشاطئ لوضع البيوض، ما يعرضها للإصطدام بالصخور والمراكب، وإن كان من المرجح ابتلاعها لأكياس نايلون وهي تشبه غذاءها المفضل وهو قناديل البحر ما تسبب بنفوقها”.
وأضافت: “نحن في المحمية (جزر النخيل) لسنا مجهزين للتعامل مع هذه الحالات، ويجب أن يتواجد في مركز المحمية في طرابلس معدات ولا سيما منها ثلاجة كبيرة تتسع لهذه العينات، وبهذا يمكننا التعاون مع الخبراء في المجالات المختلفة لإجراء اللازم”.
وأشارت الزيلع إلى “اننا ستتابع الموضوع من ناحية تصوير السلحفاة بشكل أدق وإرسال الصور إلى موقعكم لتحويلها إلى الخبراء”.
جمعة: الثلاجات لا تتسع
بدورنا، اتصلنا بالدكتور شريف جمعة من “مركز البحوث العلمية” في البترون الذي كان قد أبلغ “جمعية Green Area الدولية” إستعداد المركز لاستقبال سلاحف نافقة، لإجراء التشريح الطبي بهدف معرفة أسباب نفوقها، لكنه أبلغنا أنه لن يستطيع “متابعة حالة هذه السلحفاة بسبب نيته السفر لمدة أسبوع، وطلب منا أن يحاول من هم على الشاطئ تصويرها قرب عبوة ماء لتقدير حجمها وأخذ قياسات لطولها وعرضها، وصور أقرب وأوضح، للتعرف على نوعها وجنسها لتوثيق حالة هذه السلحفاة”.
كما أشار إلى أن “ثلاجات المركز الأربع مليئة بالعينات ولا تتسع لهذه السلحفاة، لذا هناك خياران بأن يحتفظ بها أحد الأشخاص من المنطقة بثلاجة، أو يصار إلى دفنها”.
رضوان: التحنيط هو الحل الوحيد
بعدها اتصلنا برئيس “الإتحاد الدولي للمحافظة على الطبيعة” IUCN زاهر رضوان الذي أكد أن الصورة وصلته من الزيلع، وطلب منها متابعة الأمر وإجراء اللازم، وقال: “بسبب عدم قدرة مجلس البحوث على متابعتها فقد نعمد إلى تحنيط السلحفاة، ليمكن استخدامها كوسيلة للتثقيف والتوعية وعرضها في متحف للأحياء البحرية ننوي إنشاؤه لهذه الغرض”، وأضاف: “نحن مستعدون لنقل السلحفاة إلى أي مكان، بغرض التعرف على سبب نفوق هذا النوع المهدد بالإنقراض، إلا أنه بسبب عدم إمكانية مجلس البحوث إستقبالها، نجد أن تحنيطها بدلا من دفنها، هو أفضل طريقة لتحويل نفوقها إلى وسيلة تثقيفية توعوية وعلمية”.
هادو: السلحفاة من نوع Caretta Caretta
وأرسلنا إلى عالم البحار ماركوس هادو صورة السلحفاة للتعرف عليها، فطلب بدوره صورا إضافية، وقال لـ greenarea.info: “السلحفاة من النوع الشائع في لبنان وهو Caretta caretta، ويظهر من الصورة أن السلحفاة نافقة منذ أكثر من أسبوعين، ولا حل في هذه الحالة إلا دفنها، فلا يمكن استخدامها حتى للتحنيط”.
وأضاف: “لا يمكننا الجزم بأسباب النفوق، قد تكون قد اصطدمت بالمراكب الموجودة بالمنطقة أو علقت بشباك صيادين، وأسباب عدة غيرها”.
توجهت الزيلع بدورها إلى مكان السلحفاة لتصويرها وتوثيق الحالة بصور أوضح، وإرسالها إلينا وللخبير جمعة، إلا أن السلحفاة كانت قد اختفت، وقد يكون سكان وأصحاب المقاهي القريبة المنتشرة على الشاطئ قد تخلصوا منها بطريقة أو بأخرى خصوصا أن تحللها قد أدى إلى انتشار روائح كريهة.
أمام هذه الحالة ومع اختفاء جثة السلحفاة، تبقى أسباب نفوقها مجهولة، ونجد أن المطلوب من الدولة تفعيل مراكز أكثر للبحوث أو رفدها بعدد أكبر من الخبراء ممن يستطيعون متابعة هذه الحالات، وتوثيقها علميا وإحصائيا، فضلا عن المعدات والتجهيزات الضرورية، ولا سيما الثلاجات الكافية لوضع هذه العينات لفحصها وتشريحها، بهدف المحافظة عليها حتى يأتي الوقت لفحصها ودرسها وتقديم تقرير علمي وافٍ عن كل منها، ليمكن في المستقبل وضع قاعدة معلوماتية شاملة، لتحديد أسباب الإصابات والنفوق، والحد منها، والعمل على الحفاظ على التنوع البيولوجي في لبنان، وتحديدا هذا النوع من السلاحف المهدد بالإنقراض، فضلا عن غيرها من الأحياء البرية والبحرية، عدا المساهمة في مواد علمية دقيقة شاملة ووضعه على الخارطة العلمية بشكل أكبر.